انتعاش الليرة أمام الدولار والعملات الأجنبية الأخرى. (Reuters)
تابعنا

بعد تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الاثنين، صعدت الليرة التركية بشكل قوي وسريع لتبلغ 11.11 ليرة مقابل الدولار عند افتتاح التداول صباح اليوم الثلاثاء، وذلك في أعقاب تصريحات أدلى بها أردوغان الاثنين عن أداة مالية جديدة.

وبدأت الليرة التركية في الانتعاش عقب كلمة الرئيس أردوغان مباشرة، والتي أعلن فيها عن قرار حكومته بإطلاق أداة مالية جديدة تتيح تحقيق نفس مستوى الأرباح المحتملة للمدخرات بالعملات الأجنبية عبر إبقاء الأصول بالليرة. وأضاف أردوغان قائلاً: "إن الودائع المقومة بالليرة ستكون محمية من التقلبات في أسعار الصرف".

وما إن أنهى أردوغان خطابه الذي بعث الطمأنينة في قلوب المواطنين والمستثمرين على حد سواء، حتى انهال الأتراك على بيع مدخراتهم من الدولار من أجل شراء الليرة التي لم ترتفع مقابل الدولار وحسب، بل مقابل جميع العملات الأجنبية بجانب الذهب أيضاً. وفي سياق متصل، أعلن رئيس اتحاد البنوك التركية، ألب أرسلان تشاكر، أنه جرى تحويل حوالي مليار دولار إلى الليرة التركية بعد خطاب الرئيس أردوغان.

عودة "مجنونة"

في غضون ساعات قليلة عقب خطاب أردوغان الذي أعلن فيه عن الأداة المالية الجديدة التي ستنتهجها حكومته في الأيام القادمة، سجلت الليرة ارتفاعاً كبيراً في سعر صرفها مقابل الدولار الأمريكي وباقي العملات الرئيسية، وارتفعت بنسبة 33 في المائة عند الإغلاق، وهي أكبر وأسرع نسبة ارتفاع لعملة عالمية في التاريخ.

وقُبيل تصريحات الرئيس التركي بلغ سعر صرف الليرة التركية مقابل الدولار 18.36، وتراجع بعد الخطاب إلى 12.27، وذلك في تمام الساعة 23:00 بالتوقيت المحلي (+3 غرينتش).

من جانبه، وصف كبير محللي الأسواق الناشئة في بلوباي لإدارة الأصول ومقرها لندن، تيموثي آش، ما حدث بـ "العودة المجنونة". وقال آش: "يوم مجنون تماماً شهده سوق تداول العملات الأجنبية اليوم. لا أعتقد أنني رأيت مثل هذا التقلب في سوق العملات على الإطلاق خلال مسيرتي المهنية التي تزيد عن 30 عاماً". وتسائل عما إذا كان هناك متسع من الوقت لوصول الليرة التركية إلى قيمتها العادلة التي قيمها روبن بروكس بنحو 9.5 مقابل الدولار الواحد؟.

وأوضح المحللون أنه عقب خطاب أردوغان، فرغت البنوك كميات كبيرة من احتياطيات النقد الأجنبي، مما أدى إلى انخفاض حاد في أسعار الصرف، مضيفين أن المنتجات والحوافز المالية الجديدة - والتي من المتوقع الإعلان عن تفاصيلها اليوم - ستدعم ميزان سعر الصرف لصالح الليرة.

الأداة المالية الجديدة

لطالما امتاز الاقتصاد التركي بإمتلاكه للعديد من الديناميكيات التي تعمل وفق قواعد اقتصاد السوق الحر، والتي باستطاعتها التعامل مع المفاجآت الاقتصادية بشكل فعال، كان آخرها الأداة المالية الجديدة التي أُعلن عنها مساء الاثنين.

وتهدف الأداة المالية الجديدة وقف التقلبات في سعر الصرف وضمان الاستقرار النسبي من خلال تشجيع المستثمرين على التحرك نحو الأصول القائمة على الليرة التركية، حيث ستضمن الإجراءات الجديدة ألا يضطر المواطنون إلى تحويل الليرة إلى عملة أجنبية بسبب تراجع الليرة، فضلاً عن التعهد بحماية الودائع أمام تقلبات العملات الأجنبية.

ومن خلال الآلية الجديدة سيجري تقديم بديل مالي جديد للمواطنين الذين يريدون تبديد مخاوفهم الناجمة عن ارتفاع أسعار الصرف عند تقييم مدخراتهم. فإلى جانب تعهد الحكومة بدفع الفارق بسعر الصرف من أموال الخزينة، ستُعفى الودائع بالليرة التركية من الضريبة أيضاً، الأمر الذي من شأنه أن يبدد مخاوف المستثمرين من ارتفاع أسعار الصرف، وبالتالي كبح عمليات شعراء العملات الأجنبية.

نموذج اقتصادي جديد

منذ مدة والحكومة التركية تجادل بأن الارتفاع في أسعار الصرف تجاهل الأساسيات الاقتصادية القوية لتركيا، فيما ألقت باللوم في ارتفاع الأسعار على العوامل الاقتصادية العالمية التي خلفتها الجائحة، بالإضافة للمحتكرين. ووفقاً لأردوغان، ستظهر فوائد نهج تركيا الجديد في الأشهر الثلاثة إلى الستة المقبلة.

صحيح أن هذا الارتفاع جاء نتيجة الإعلان عن الأداة الجديدة المتعلقة بالودائع البنكية، لكنه بلا شك جاء أيضاً بسبب بدء تفعيل النموذج الاقتصادي الجديد الذي تبنته الحكومة التركية منذ فترة، والقائم بشكل أساسي على خفض معدل الفائدة من أجل خفض معدلات التضخم وتشجيع الاستثمار وزيادة الصادرات، وبالتالي زيادة فرص العمل ورفع معدلات النمو.

وفي إطار الخطط الاقتصادية الجديدة التي وضعتها الحكومة التركية نصب أعينها للحد من ارتفاع الأسعار وأسعار الصرف، أعلن الرئيس أردوغان قبل أيام عن حزم دعم حكومية من شأنها أن تزيد قدرة البلاد على تجاوز الصعوبات التي مر بها الاقتصاد التركي مؤخراً، كان من أبرزها زيادة الحد الأدنى للأجور بأكثر من 50%، حيث وصل الحد الأدنى للأجور في تركيا إلى 4 آلاف و 250 ليرة تركية.

TRT عربي