تابعنا
المشيشي الذي كلفه قيس سعيد تشكيل حكومة كفاءات في 25 يوليو الماضي، خلفاً للمستقيل الفخفاخ، ومنحه البرلمان الثقة خلال جلسة صاخبة في 2 سبتمبر، يبحث اليوم حسب مراقبين عن دعم حزبي وبرلماني لحكومته وسط تجاذبات حادة بين الفرقاء السياسيين والكتل البرلمانية.

يسعى رئيس الحكومة التونسية عبر ماراثون متواصل من المحادثات مع قيادات حزبية، لتأمين حزام سياسي وبرلماني صلب يضمن صمود حكومته ونجاحها، وسط خلافات مع رئيس الجمهورية وانتقادات من المعارضة.

المشيشي الذي كلفه رئيس الجمهورية قيس سعيد تشكيل حكومة كفاءات خالية من أي نفس حزبي في 25 يوليو/تموز الماضي، خلفاً لرئيس الحكومة المستقيل إلياس الفخفاخ، ومنحه البرلمان الثقة خلال جلسة صاخبة في 2 سبتمبر/أيلول، يبحث اليوم، حسب مراقبين، عن دعم حزبي وبرلماني لحكومته، وسط تجاذبات حادة بين الفرقاء السياسيين والكتل البرلمانية.

حكومة كفاءات أم سياسية؟

اللقاءات المتكررة لرئيس الحكومة بقيادات حزبية من "قلب تونس" وحركة "النهضة" و"ائتلاف الكرامة"، فجرت عديداً من الأسئلة حول طبيعة الحزام السياسي الذي سيمضي فيه المشيشي لتحصين حكومته التي أراد لها في البداية أن تكون من الكفاءات المستقلة، بعيداً عن أي دور للأحزاب السياسية فيها، لكن يبدو أن الرياح تجري بما لا يشتهي رئيس الحكومة، حسب مراقبين، بعد نشوب خلافات عميقة بينه وبين رئيس الجمهورية قيس سعيد الذي اختاره في البداية، ثم رفع في وجهه الفيتو إثر خلافات حول التركيبة الوزارية للحكومة.

وفيما وصف محللون سعي المشيشي لتأمين حزام سياسي آمن متكون أساساً من هاته الأحزاب الثلاثة لضمان تماسك حكومته بالشرعي، اعتبر آخرون أن تركيبة هذا الحزام البرلماني بمثابة "الحزام الناسف" الذي سيعجل بفشل حكومة المشيشي وسيعمّق الخلاف بينه وبين رئيس الجمهورية من جهة، وبين هاته الأحزاب التي لا تنفكّ عن توجيه انتقادات لاذعة إلى الرئيس قيس سعيد وصلت إلى حد التهديد بعزله عن منصبه.

الناطق الرسمي باسم "قلب تونس" محمد الصادق جبنون أكّد في حديثه مع TRT عربي أن حزبه اختار أن يكون في مقدمة الأحزاب والكتل البرلمانية التي ستدعم حكومة المشيشي، وتوفّر له الدعم السياسي والبرلماني اللازم لضمان نجاح عمله وتمرير مشاريعه في البرلمان برفقة كل من حركة النهضة وائتلاف الكرامة، مشيراً بالمقابل إلى أن هذا الحزام مفتوح أيضاً على باقي المكونات الحزبية الأخرى على غرار كتلة الإصلاح والكتلة الوطنية، بعيداً عن الحسابات الشخصية والسياسية الضيقة.

المشيشي سبق أن التقى كلّاً من رئيس كتلة الإصلاح الوطني حسونة الناصفي، ورئيس الكتلة الوطنية حاتم المليكي، وأوضحت بيانات لرئاسة الحكومة أن هذه اللقاءات تندرج "في إطار المشاورات التي يُجريها رئيس الحكومة مع مختلف الأحزاب والكتل البرلمانية من أجل التنسيق مع كل الأطراف السياسية لمواجهة التحديات التي يفرضها الوضع الاقتصادي والاجتماعي والصحي".

الناطق باسم "قلب تونس" ندّد بحملة الشيطنة التي تقودها أحزاب في المعارضة لتشويه الحزام السياسي الجديد المساند لحكومة المشيشي، داعياً إياهم إلى ترك الحسابات السياسية جانباً والوعي بدقة الظرف الوبائي الاقتصادي والاجتماعي المتدهور الذي تعيشه البلاد والذي يتطلب استقراراً حكومياً.

ابتزاز سياسي

على الجانب الآخر ترى أحزاب اختارت التموقع في المعارضة أن الأطراف السياسية والكتل البرلمانية التي تتشاور مع المشيشي بهدف تأمين حزام برلماني يدعم عمل واستقرار حكومته، تمارس الضغط والابتزاز السياسي، وتفرض على المشيشي تعيينات مشبوهة، وفق وصفهم.

النائب عن حركة الشعب هيكل المكي، الذي اختار حزبه التموقع في المعارضة لحكومة المشيشي، حذر في حديثه مع TRT عربي أن تتحول الحكومة من حكومة كفاءات مستقلة إلى حكومة سياسية تخضع لإملاءات وضغوط الحزام السياسي الذي سيدعمها، في علاقة بأحزاب قلب تونس النهضة وائتلاف الكرامة.

المكي ندّد في السياق ذاته بتعيينات وصفها بالمشبوهة محسوبة على تلك الأحزاب برتبة مستشارين لرئيس الحكومة، معتبراً أن ذلك يدخل في منطق "الابتزاز السياسي" للحزام البرلماني القادم، ويعد انحرافاً خطيراً بهوية الحكومة من تكنوقراط إلى حكومة حزبية.

وكانت رئاسة الحكومة أعلنت في 8 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، عن تعيين كل من إلياس الغرياني وسليم التيساوي وأسامة الخريجي وعبد السلام العباسي مستشارين لدى رئيس الحكومة.

بحث رئيس الحكومة عن حزام سياسي قوي يدعم به استقرار وديمومة حكومته وصفه المحلل السياسي أبولبابة سالم، في تصريح لـTRT عربي بالأمر المشروع في ظلّ نظام شبه برلماني بعيداً كما يقول عن الاتهامات التي تطاله من أحزاب المعارضة، بمحاولة تغيير هوية الحكومة.

محدّثنا لفت إلى أن رفع رئيس الجمهورية الدعم عن المشيشي إثر الخلافات التي نشبت بين الرجلين، يُعَدّ أيضاً من الأسباب التي تعطي هشام المشيشي مبرراً لتكوين هذا الحزام في أقرب فرصة لضمان نجاح حكومته.

أبولبابة أشار أيضاً في ختام حديثه، إلى أن نفس تلك الأحزاب التي تسعى لتأمين حزام برلماني لحكومة المشيشي، هي ذاتها التي منحته الثقة في البرلمان وأنقذته من السقوط، لا سيما "النهضة" و"قلب تونس"، مشدداً على حرص رئيس الحكومة على أن لا يكرّر غلطة سلفه إلياس الفخفاخ الذي استقوى برئيس الجمهورية وعزل نفسه عن الأحزاب السياسية ليكون مصيره خارج الحكم.

TRT عربي