طائرات "بيرقدار TB2" التركية محلية الصنع (AA)
تابعنا

في أعقاب الانعكاس المذهل الذي حققته قوات الحكومة الإثيوبية تحت قيادة رئيس الوزراء آبي أحمد في الصراع العسكري مع متمردي تيغراي المستمر منذ عام، سلّطَت وسائل الإعلام العالمية الضوء على الدور الرئيسي الذي لعبته مسيّرات "بيرقدار تي بي 2" في حسم المعركة وإعادة المتمردين إلى معاقلهم مُجبَرين.

وعلى الرغم من عدم صدور تصريحات رسمية من كلا البلدين تؤكد إرسال مسيّرات تركية لحسم الصراع العسكري الدائر مع متمردي تيغراي الذين كانوا على بعد 130 كلم فقط من العاصمة أديس أبابا، فإن تسريبات رويترز كشفت عن أن إثيوبيا تقدمت بطلبات رسمية لتركيا لشراء مسيّراتها المسلحة، فيما أفاد تقرير نُشر مؤخراً بصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية بأن مسيَّرات "بيرقدار" كانت أحد أهمّ عوامل تغيُّر موازين الصراع الداخلي في إثيوبيا لصالح الحكومة.

وخلال العامين الماضيين ازداد طلب شراء مسيّرات "بيرقدار تي بي 2" في جميع أنحاء إفريقيا وآسيا وأجزاء من أوروبا، بعد الأداء العسكري الكبير الذي قدمته هذه المسيّرات في المعارك التي خاضها الجيش التركي مؤخراً بشكل مباشر أو غير مباشر في سوريا والعراق وليبيا وأذربيجان.

هل حصلت إثيوبيا على مسيّرات بيرقدار؟

اندلعت الحرب في إثيوبيا أواخر عام 2020، عندما أرسل رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد القوات الفيدرالية إلى تيغراي للسيطرة على السلطات المحلية المنبثقة من "الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي" بعد اتهامها بمهاجمة ثكنات للجيش الإثيوبي، لكن ردّ فعل متمردي كانت غير متوقع إطلاقاً، الأمر الذي كاد يكلّف حكومة آبي أحمد خسارة العاصمة لصالح المتمردين، وهو ما دفعه إلى ترك منصبه والتفرغ للقتال على الجبهة.

وخلال زيارته أنقرة ولقائه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في شهر أغسطس/آب 2021، وقّع آبي أحمد اتفاقية تعاون عسكري بين تركيا وإثيوبيا، لتعزيز قدرة جيشه وتزويده بأحدث الأسلحة والمعدات التركية التي أثبتت كفاءتها فوق أكثر من ساحة صراع مؤخراً.

وعلى الرغم من عدم نشر تفاصيل اتفاق التعاون العسكري بين تركيا وإثيوبيا، فإن رويترز نشرت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي عن مسؤولين أتراك أن إثيوبيا طلبت طائرات تركية من طراز "بيرقدار تي بي 2" التي تُعتبر من أكثر الأسلحة كفاءة وفاعلية بين نظيراتها في العالم.

وفي سياق متصل ارتفعت صادرات الدفاع والطيران التركية إلى إثيوبيا إلى نحو 51 مليون دولار في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الماضي، من 203 آلاف دولار في الفترة نفسها من عام 2020، إلى جانب القفزات التي حققتها في شهرَي أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول 2021، وفقاً لجمعية المصدرين الأتراك.

هل حسمت بيرقدار الحرب؟

جاء في التقرير الذي نشرته صحيفة صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في أواخر العام الماضي تحت عنوان "الطائرات المسيرة الأجنبية رجحت كفة الحرب الأهلية في إثيوبيا"، أن المسيّرات التركية قد حسمت الصراع في إثيوبيا لصالح قوات الحكومة، تماماً كما فعلت في ليبيا وإقليم قرة باغ الأذربيجاني.

ووفقاً لكاتب التقرير دكلان والش، فإن الفضل في قلب الموازين بشكل سريع ومذهل لم يكن ناتجاً عن بطولة وشجاعة القوات الإثيوبية كما أشاد الحائز على جائزة نوبل آبي أحمد بجنوده، لكن الأبطال الحقيقيين الذين غيروا مصير الحرب كانوا يحلّقون في السماء، في أشارة إلى أسطول المسيّرات التي استخدمتها القوات الإثيوبية.

ولفت ولش إلى أنه على مدى الأشهر الأربعة الماضية زودت تركيا والإمارات وإيران آبي أحمد بشكل غير معلن ببعض أحدث الطائرات المسيرة المسلحة، حتى عندما كانت الولايات المتحدة والحكومات الإفريقية تحثّ على وقف إطلاق النار ومحادثات السلام، وفقاً لدبلوماسيَّين غربيَّين علّقا على الأزمة وتحدثا بشرط عدم الكشف عن هويتهما.

هل وصلت بيرقدار في الوقت المناسب؟

تأثير أسطول المسيّرات كان مدهشاً للغاية، إذ قصفت المسيّرات متمردي تيغراي وقوافل إمداداتهم في أثناء دفعهم على طريق سريع رئيسي باتجاه العاصمة أديس أبابا، مما أدى إلى تراجعهم منذ ذلك الحين نحو 430 كيلومتراً عن طريق البر إلى الشمال، لتُمحى بذلك شهور من المكاسب في ميدان المعركة.

ويشير والش إلى أن الطائرات التركية وصلت في الوقت المناسب، خصوصاً أنها غيرت موازين الصراع المستمر منذ أكثر من عام وقلبتها لصالح آبي أحمد بعد أن كاد يخسر العاصمة أديس أبابا قبل أشهر قليلة.

وفي نهاية العام الماضي حقّق الجيش الإثيوبي تقدُّماً مكّنه من استعادة السيطرة على البلدات والمدن الرئيسية في منطقتَي أمهرة وعفر المجاورتين اللتين سيطر عليهما مقاتلو تيغراي في وقت سابق، كما أجبر هذا التقدم مسلحي الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي على التراجع إلى منطقتهم الأصلية، خصوصاً أنهم كانوا أهدافاً سهلة أمام هجمات المسيّرات.

TRT عربي