نفذت السعودية إعدامات جماعية في حق 37 شخصاً من المعارضة الشيعية  (AP)
تابعنا

طبقت المملكة العربية السعودية أحكام الإعدام في حق 37 شخصاً، يوم 23 أبريل/نيسان الجاري، جميعهم مواطنون سعوديون ينتمي أغلبهم إلى الأقلية الشيعية، بعد إدانتهم بجرائم صنفتها السعودية "إرهابية"، تمثلت في مهاجمة مقرات الأمن والتعاون مع "قوى معادية للإضرار بمصالح البلاد" وإثارة الفتنة الطائفية، بحسب بيان أصدرته وزارة الداخلية السعودية.

نٌفذت أحكام الإعدام بشكل جماعي في مناطق مختلفة داخل المملكة، توزعت بين الرياض ومكة المكرمة والمدينة المنورة والقصيم وعسير، بالإضافة إلى المنطقة الشرقية المعروفة بتركُّز الأقلية الشيعية والتي شهدت احتجاجات واسعة خلال السنوات القليلة الماضية، وفق منظمة العفو الدولية.

نشرت وزارة الداخلية أسماء الأشخاص فقط دون توضيح لأعمارهم أو تفاصيل القضايا التي تمت إدانتهم بها، واكتفت بالتوضيح أن تلك الأحكام صدّقت عليها "محكمة الاستئناف المختصة والمحكمة العليا، وصدر أمر ملكي بإنفاذها"، بعد إحالتهم إلى القضاء الشرعي والحكم عليهم "بالقتل تعزيراً".

والتعزير هو عقوبة يقوم القاضي بتحديدها وفقاً لما يراه، وغالباً ما يتم تنفيذ الإعدامات في السعودية بقطع العنق، إلا أن البيان أوضح أن أحد المُدانين ويدعى خالد التويجري، تم توقيع أقصى عقوبة عليه وهي الصلب تنفيذاً لحدّ الحرابة.

تعذيب ومحاكمات جائرة

كشفت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير مطول، الأربعاء، تفاصيل صادمة تتعلق بخلفيات أحكام الإعدام الأخيرة في السعودية.

ووصفت المحاكمات بـ"الجائرة" لمختلف الجرائم المزعومة، بما فيها الجرائم المرتبطة بالاحتجاج والتجسس والإرهاب، كذلك أوضحت أن أحد الأشخاص "السُنة" تلقى أشد عقوبة وتمثلت في "قطع الرأس والعرض العلني للجثة مقطوعة الرأس".

وأضاف التقرير أن المتهمين أُدينوا بعد انتزاع اعترافاتهم تحت التعذيب، وهو ما أوضحوه لاحقاً في المحكمة إذ تنصلّوا من تلك التهم الجائرة، ومن بينهم منير آل آدم الذي "فقد السمع في إحدى أذنيه" بعد تعرضه لضرب مبرح أثناء اعتقاله، وتم تنفيذ الإعدامات دون إخبار عائلات المتهمين الذين عبروا عن صدمتهم من تلقّي الخبر.

"ستصف السلطات السعودية حتماً أولئك الذين أُعدموا بأنهم إرهابيون ومجرمون خطرون، لكن الواقع هو أن المحاكم السعودية، إلى حد كبير، لا تتبع أي إجراءات واجبة، والكثير ممن أعدموا أدينوا فقط بناء على اعترافات يقولون بمصداقية إنها انتزعت بالإكراه"، يقول مايكل بيج، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش.

وأضاف "الإعدام ليس الحل للجرائم في أي حال، ويظهر إعدام السجناء جماعياً أن القيادة السعودية الحالية ليست مهتمة إطلاقاً بتحسين سجل البلاد الحقوقي السيئ".

وقال إن عمليات الإعدام "ليست من شيم الحكومات الإصلاحية، بل تُميز الحكومات الاستبدادية الخاضعة لأهواء حكامها".

وأدانت منظمة العفو الدولية في بيان، الإعدام الجماعي الجائر بوصفه "ازدراءً صارخاً للحياة البشرية" ومؤشراً مخيفاً لتوظيف "عقوبة الإعدام كأداة سياسية لسحق المعارضة من داخل الأقلية الشيعية في البلاد".

وأوضحت العفو الدولية أن أحد الذين أعدموا، هو شاب شيعي قُبض عليه وعمره 16 عاماً، وأدين لاشتراكه في احتجاجات مناهضة للحكومة، فيما يعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الذي يحظر تطبيق عقوبة الإعدام على الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً وقت ارتكاب الجريمة.

تنديدات إيرانية

انتقد وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، صمت الولايات المتحدة إزاء الإعدامات الجماعية في السعودية.

وقال ظريف، عبر تويتر "بعدما أشاحت حكومة ترمب النظر عن تقطيع جثة صحفي، لم نسمع كلمة واحدة حين قامت السعودية بقطع رأس 37 شخصاً، بل وحتى صلب أحدهم"، وأضاف "الانتماء إلى جماعة بولتون وبن سلمان وبن زايد وبنيامين نتنياهو، يعني الإفلات من العقاب مهما كانت الجريمة".

ووفقاً لمنظمة العفو الدولية فإن إيران تحتل المرتبة الأولى في نسبة أحكام الإعدام في الشرق الأوسط.

أما السعودية، فأعدمت ما لا يقل عن 104 أشخاص خلال العام الحالي، منهم نحو 44 من الأجانب أدينوا في جرائم تتعلق بتجارة المخدرات، بينما نفذت الحكم في حق 149 شخصاً في عام 2018.

ويعود تاريخ آخر الإعدامات الجماعية في السعودية إلى عام 2016، عندما طبقت السلطات الحكم على 47 شخصاً بعد إدانتهم بالإرهاب، ومن بينهم نمر باقر النمر، رجل الدين الشيعي وأحد أبرز وجوه المعارضة في المملكة، بعد تزعُّمه للاحتجاجات التي اندلعت عام 2011 وطالبت بالمساواة بين السنة والشيعة في السعودية.

وعقب إعدام النمر اندلعت تظاهرات عنيفة في إيران هوجم خلالها مبنى السفارة السعودية وأشعل المتظاهرون النيران فيه، انقطعت على إثرها العلاقات الدبلوماسية بين البدلين في يناير/كانون الثاني عام 2016.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً