ظهرت أولى عمليات التطعيم خلال مكافحة انتشار مرض الجدري عام 1885 حينما نشرت الدولة العثمانية تعميمات للمراكز الصحية لبدء حملات التطعيم  (AA)
تابعنا

تكشف وثائق تاريخية محفوظة لدى أرشيف الدولة في الجمهورية التركية، تبنّي الدولة العثمانية طرُقاً تعتمد على "التطعيم التدريجي والمجاني" ضد الأوبئة، وفقاً لآلية تشبه إلى حد كبير الآليات العالمية المتبعة حالياً لمكافحة فيروس كورونا.

وبحسب المعلومات الواردة في الوثائق، فقد تمت مواجهة العديد من الأمراض الوبائية في العهد العثماني من خلال إجراء عمليات تطعيم تدريجي ومجاني.

كما أجريت دراسات لفهم الأوبئة ومكافحة الأمراض الوبائية بأفضل الطرق المتاحة في تلك الفترة.

وشهد العهد العثماني متابعة لعمليات التطعيم في الدول الأجنبية وإنشاء مراكز عرفت باسم "تلقيح خانه لر" أي مراكز التطعيم، ومراكز أخرى لدراسة علم الجراثيم.

ووفق الوثائق فإن الدولة العثمانية كانت تسارع عند تفشي وباء في أي ولاية أو تجمع بشري، لإرسال الأطباء والموظفين الصحيين والمواد الطبية واللقاحات على وجه السرعة إلى المنطقة المتضررة، تزامناً مع إصدار لوائح تطبيقية لإجراء التطعيم.

ظهرت أولى عمليات التطعيم خلال مكافحة انتشار مرض الجدري، حيث نشرت الدولة العثمانية عام 1885، تعميمات للمراكز الصحية من أجل بدء التطعيم ضد الجدري.

كان الجدري يعتبر من الأمراض الوبائية الخطيرة في تلك الفترة، حيث جرى تطوير لوائح التطعيم بإضافة مجموعة من التطبيقات ما بين عامي 1894 و1915.

وبموجب تلك اللوائح كان إلزامياً على جميع التلاميذ، الذين ليس لديهم أي أعراض للمرض في المدارس الخاصة والعامة، ذكوراً وإناثاً، أن يحصلوا على التطعيم ضد الجدري.

كما اشترطت اللوائح تطعيم الأطفال الراغبين في دخول أي من المدارس العامة أو الخاصة، والحصول على شهادة تطعيم، وفق ما ورد في الوثائق التاريخية.

وكشفت الوثائق أيضاً أن اللوائح نصت على أن تنظيم شهادات التطعيم في الدولة العثمانية يندرج ضمن مسؤوليات "الدائرة الطبية المدنية".

الدائرة بدورها حرصت على إعطاء اللقاح من قبل الأطباء في المراكز الصحية الحكومية، التي تقوم من جانبها بتقييد أسماء الأشخاص المطعمين وتنظيم شهادات تؤكد تلقيهم اللقاحات.

الأوساط الطبية والأكاديمية بالدولة العثمانية عملت على إجراء دراسات محلية على الأوبئة (AA)

دقة الإجراءات الوقائية

وشددت اللوائح المنشورة من جانب الدولة على ضرورة أن يكون المتقدمون للحصول على وظائف حكومية ووظائف في الخدمات المدنية قد تلقوا اللقاحات اللازمة، والمنصوص عليها في اللوائح.

وأشارت الوثائق إلى أن الدائرة الطبية المدنية شدّدت من خلال اللوائح على ضرورة تطعيم الأطفال حديثي الولادة في غضون ستة أشهر.

وأيضاً تكرار عملية التطعيم كل خمس سنوات بصورة مجانية، كما اشترطت اللائحة أن يتم تطعيم جميع المواطنين ثلاث مرات على الأقل حتى سن 19 عاماً.

ونبهت اللوائح إلى تولّي البلديات في المدن والبلدات إنشاء مراكز بهدف تطعيم جميع السكان مجاناً، بشكل دوري وخلال حملات مكافحة الأوبئة، فيما يجري إرسال مختصّي التطعيم من تلك المراكز إلى القرى بإشراف من السلطات المحلية.

الماضي يُغذي الحاضر

وحول استراتيجية التطعيم المتبعة حالياً لمكافحة تفشي فيروس كورونا، قال مدير رئاسة أرشيف الدولة بتركيا أوغور أونال إنها استراتيجية تحمل أوجه تشابه كبيرة مع التطبيقات التي نفذتها الدولة العثمانية، وفقاً لحديثه مع وكالة الأناضول.

وذكر أونال أن أهم إجراء تم اتخاذه من قبل الدولة العثمانية في مجال مكافحة الأوبئة، التي تسببت في وفيات كبيرة عبر تاريخ البشرية، هو توفير التطعيم من أجل القضاء على أسباب الأمراض.

وأردف: "عندما يتم التدقيق في اللوائح الصادرة خلال العهد العثماني بشأن مكافحة مرض الجدري في ولايات الدولة، يُلاحظ أن كل طفل ولد خلال ذلك العهد جرى تطعيمه مجاناً بجرعتين ضد الجدري خلال الأشهر الستة الأولى بعد الولادة".

وأفاد بأن الأوساط الطبية والأكاديمية في الدولة العثمانية عملت على إجراء دراسات محلية على الأوبئة، ومتابعة الدراسات في الدول الأجنبية، وطلب المساعدة من الأطباء والخبراء الأجانب عند الضرورة، خلال افتتاح مراكز التطعيم في مختلف ولايات الدولة.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً