الجيش التركي دفع بتعزيزات عسكرية للمناطق الحدودية (AA)
تابعنا

تبذل تركيا جهوداً مضاعفة من أجل إنهاء الأزمة في سوريا، وبالأخص في مدينة إدلب التي تشهد هجوماً شرساً من قبل النظام السوري وروسيا. وبسبب إخلال الأخيرة باتفاق أستانا وخرقها للاتفاقيات الموقَّعة بينها وبين أنقرة وطهران بشأن وقت إطلاق النار في "منطقة خفض التصعيد"، تستمر المباحثات من أجل إعادة موسكو إلى الطريق الصحيح الداعم للعملية السلمية.

وأدت موجة النزوح الكبيرة وطرد النظام المدنيين من منازلهم إلى تغيير ديموغرافي في سوريا، إلى جانب تحمُّل تركيا أعباء إنسانية جديدة مع تنصل الدول الأوروبية من مسؤوليتها تجاه اللاجئين، حيث تستضيف تركيا حالياً 3.6 مليون سوريّاً على أراضيها، وتؤكد أنقرة أن أي موجة نزوح جديدة ستفوق قدرتها على التحمل.

موجات النزوح

وقال وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، إن 312 ألف شخص في منطقة إدلب السورية، نزحوا نحو المناطق القريبة من الحدود التركية منذ مطلع ديسمبر/كانون الأول الماضي، وأن المنظمات الخيرية التركية أنشأت 9 مخيمات في المناطق الحدودية، فيما استفاد 217 ألفاً و320 سوريّاً من المساعدات التي أرسلتها تركيا.

تشكل النساء والأطفال 76% من النازحين قرب المناطق الحدودية السورية التركية، جراء الاشتباكات

وزير الداخلية التركي- سليمان صويلو

ورأى النائب السابق في البرلمان التركي رسول طوسون في حديث لـTRT عربي، أن "تركيا تريد انسحاب النظام من مناطق خفض التصعيد، أو ستقوم بإيقاف الخروقات كما سبق وصرح مسؤولون، لأن القضية لا تتعلق بالنظام السوري فقط، فهناك 4 ملايين مدني في تلك المناطق ويجبرهم النظام على النزوح لحدود تركيا، وتركيا لا تتحمل نزوح الملايين الاضافيين إلى حدودها".

خطر الإرهاب

في المقابل تعززت المخاوف التركية في ظل تدهور الأوضاع في سوريا، من تسلل عناصر العمليات الإرهابية إلى أراضيها نتيجة تسلل إرهابيين من الحدود أو عودة نشاط التنظيمات الإرهابية في المنطقة الآمنة والشمال السوري.

وتهتم تركيا بتهدئة الأوضاع شمال سوريا وتصمم على العودة إلى الاتفاقيات، لأن المنطقة الملتهبة تؤثر على الأمن القومي التركي، حسب تصريحات محللين سياسيين لـTRT عربي.

وسبق أن شنّت تركيا ثلاث عمليات عسكرية ضد التنظيمات الإرهابية داخل الحدود السورية، وهي عمليات: درع الفرات، وغصن الزيتون، ونبع السلام، والتي هدفت إلى إبعاد عناصر تنظيم PYD الإرهابي وتطهير المناطق الحدودية، ومنع إقامة ممر إرهابي على حدودها.

وتشدد أنقرة على أن وجودها في الشمال السوري هو نتاج ثلاث اتفاقيات، وهي اتفاقية أضنة التي وقعت في تسعينيات القرن الماضي بين الحكومة التركية والنظام السوري، ومسار أستانا واتفاقية سوتشي.

ومن المهم لتركيا إرساء الاستقرار في سوريا، وهو ما أكده الرئيس التركي الذي قال إن بلاده لن تتردد في القيام بكل ما يلزم إزاء ذلك بما في ذلك استخدام القوة العسكرية، معتبراً أن "أي تطور في سوريا أمر بالغ الأهمية كأي تطور داخل تركيا على الأقل".

المناطق المحررة

وما زالت التنظيمات الإرهابية التي طردها الجيش التركي من عدّة نقاط حدودية ضمن عملياته العسكرية تحاول العودة مجدداً لتهديد أمن المواطنين السوريين، وكذلك المواطنين الأتراك في البلدات الحدودية، وهو ما يدفع تركيا للإصرار على موقفها الرافض لتقدم قوات النظام.

وكان 8 مواطنين سوريين قد قُتلوا في تفجير سيارة مفخخة، الاثنين، في مدينة عفرين التي طهرها الجيش التركي ضمن عملية غصن الزيتون العسكرية، وأشارت وزارة الدفاع التركية إلى أن تنظيم YPG الإرهابي يقف خلف التفجير.

وتخشى تركيا من دعم النظام السوري والولايات المتحدة للتنظيمات الإرهابية الانفصالية وتولي المناطق الحدودية أهمية كبيرة، وتقول إنها ستدافع عن أمنها القومي بشتى الوسائل، ولعل هذا ما يفسر الإصرار التركي على نشر نقاط مراقبة في الشمال السوري، والعمل عبر القنوات الدبلوماسية أيضاً لمنع تقدم قوات النظام.

تعزيزات عسكرية

في ظل احتدام المشهد، بدأت تركيا خلال الأسبوع الماضي بإرسال تعزيزات عسكرية إلى نقاط المراقبة في الشمال السوري، خاصة بعد تعرض قوة تركية إلى قصف نظام الأسد ما أدى إلى استشهاد سبعة جنود وموظف واحد، وهو ما استدعى الرد التركي، إذ قصف الجيش مواقع للنظام وحيّد العشرات من عناصره.

والاثنين، دفع الجيش التركي بتعزيزات كبيرة إلى الحدود مع سوريا، إذ أرسل الجيش رتلاً عسكرياً يضم أكثر من 300 آلية عسكرية بينها دبابات وناقلات جنود وعربات مصفحة وذخائر وعناصر من القوات الخاصة يتجه لتعزيز القوات التركية المنتشرة على الحدود مع سوريا.

لا يمكن أن تبقى تركيا متفرجة حيال تهديدات جديدة على حدودها، بالنظر إلى السجل السيئ للنظام السوري الداعم للمنظمات الإرهابية

الرئيس التركي - رجب طيب أردوغان

تجدد الاجتماعات التركية الروسية

ويجتمع الوفدان التركي والروسي مجدداً في أنقرة، بعد اجتماع سابق لهما السبت الفائت، لمدة 3 ساعات، ناقشا فيه الخطوات الواجب اتخاذها لإحلال وقف إطلاق النار والانتقال إلى العملية السياسية في سوريا.

وأعلن وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو عن احتمال عقد لقاء بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي، إن لم يُتوصَّل إلى نتيجة من المباحثات الحالية، مشيراً إلى أن تركيا أعلمت روسيا أنها ستتخذ الخطوات اللازمة إن لم يوقف النظام هجماته على إدلب.

وقال وائل الحجار مراسلTRT عربي في أنقرة، إن "الجولة الثانية من المباحثات الروسية التركية ما زالت تطرح المطالب التركية وهي انسحاب قوات النظام السوري إلى خلف حدود نقاط المراقبة التركية الموجودة في الشمال السوري، ما يفسر التعزيزات التركية التي أرسلتها أنقرة إلى الحدود".

وتصر أنقرة على وقف إطلاق النار بأسرع وقت ممكن ومنع النظام السوري من مواصلة انتهاكاته بحق المدنيين ونقاط المراقبة التركية التي قال وزير الدفاع التركي خلوصي أقار إن القوات التركية سترد بقسوة بحال استمرار النظام بهجماته.

وأرسل الجيش التركي تعزيزات عسكرية جديدة إلى نقاط المراقبة في محافظة إدلب شمالي غربي سوريا، شملت دبابات وسيارات إسعاف عسكرية وناقلات جند مصفحة.

وعن إمكانية ضبط الأوضاع شمالي سوريا من خلال اجتماع الوفدين التركي والروسي، يقول الخبير العسكري والاستراتيجي أحمد حمادة لـTRT عربي، إن استمرار الغارات الجوية الروسية وقتل النظام للمدنيين، أدى إلى تنظيم هذا الاجتماع، وإذا ما فشل سيرفع الأمر إلى الرئاسة، وستستمر الأعمال القتالية.

وأضاف حماد "المعارضة السورية وفصائل محلية تشارك بعملية جديدة بدأت لمواجهة النظام السوري، وإذا تمكنت العملية من تحقيق أهدافها ودعمت من قبل المدفعية التركية فربما يُجبر الروس على العودة للاتفاقيات".

استمرار القتل والنزوح

ميدانياً، قُتل 18 مدنياً، مساء الأحد، جراء هجمات شنتها طائرات النظام السوري وروسيا على أماكن سكنية بمنطقة "خفض التصعيد" شمالي البلاد.

وحسب مرصد حركة الطائرات التابع للمعارضة، شنت طائرات النظام السوري وروسيا غارات على مناطق سكنية بقرى "كفر نوران" و"كفرناها" و"جمعية رحال" "والشيخ علي" و"أورم الصغرى" و"الأتارب" وجميعها تابعة لمحافظة حلب.

وانفجرت سيارة مفخخة الاثنين، في عفرين شمالي سوريا ما أدى إلى سقوط 4 قتلى و15 جريحاً، في حصيلة أولية، حسب مراسل TRT عربي.

وأضاف "رجحت قيادات محلية في عفرين أن يكون تنظيم PYD الإرهابي هو المنفذ نظراً لتاريخه المعروف في هذا المجال".

وقال المراسل إن حركة النزوح ما زالت مستمرة من مدينة إدلب وريفها، فيما نشأت حركة نزوح جديدة من قرى وبلدات ريف حلب الجنوبي حيث سيطر النظام هناك.

وأشار المراسل إلى أن هيئات الإغاثة تعاني من ضغوطات كبيرة، ودخلت في حالة استنفار نظراً لسوء الأوضاع الإنسانية على الحدود السورية التركية التي يلجأ إليها النازحون من المناطق التي يسيطر عليها النظام.

ومقارنة بحجم الكارثة الإنسانية، تعتبر هذه المساعدات ضئيلة، فهناك أكثر من مليون ونصف نازح حسب تقديرات محلية.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً