اللبنانيون يواصلون حراكهم الاحتجاجي لليوم الثامن والعشرين على التوالي (Reuters)
تابعنا

من مسافة قريبة، تَرجَّل جندي لبناني من سيارته العسكرية، في أثناء إغلاق المتظاهرين طريقاً في منطقة خلدة في بيروت، وأطلق ثلاث رصاصات لتستقر في رأس أحد المتظاهرين ويرديه قتيلاً، حسب شهود عيان، مما أشعل الحراك في لبنان من جديد، بخاصَّة عقب تصريحات الرئيس اللبناني التي اعتبرها بعض المتظاهرين إهانة لهم.

الجيش اللبناني من جانبه أوضح في بيان رسميّ ملابسات الحادثة، وقال إنه "في أثناء مرور دورية عسكرية في خلدة، جرى تدافع وتلاسن بين جنود الدورية ومجموعة من المتظاهرين حاولوا قطع الطريق، مِمَّا دفع بأحد العسكريين إلى إطلاق النار لتفريق المحتجين، وإصابة أحدهم".

المظاهرات التي خرجت في لبنان رافعة شعار السلمية ونابذة للطائفية، شهدت أول قتيل بيد الجيش اللبناني. وعلى الرغم من مطالب المحتجين الواضحة المطالبة بإسقاط الطبقة الحاكمة وإنهاء الفساد، فإن الرئيس اللبناني ميشيل عون خرج داعياً إلى تشكيل حكومة تكنو-سياسية، معتبراً أن حكومة مكونة من تكنوقراط فقط ستكون عاجزة عن إدارة البلاد.

كما طالب عون المتظاهرين بوقف الاحتجاجات، محذّراً مِمَّا وصفه بـ"نكبة" تنتظر لبنان إذا بقي المتظاهرون في الشوارع.

حديث عون اعتبره المتظاهرون "مستفزّاً" بحقّهم، بخاصَّة عندما قال: "إذا ما في عندن أوادم بهالدولة يروحوا يهاجروا"، وعمّت حالة من الغضب العارم مختلف المناطق في لبنان بعد مقتل المتظاهر، حسب مراسل TRT عربي في لبنان، وعمد بعض المحتجين إلى إقفال الطرقات بالإطارات المشتعلة والإطارات الأسمنتية.

من جانبه أصدر المكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية اللبنانية بياناً توضيحياً لحديث عون، قال فيه إن "وسائل إعلامية ووسائل تواصل اجتماعي توزّع كلاماً محرَّفاً من حديث رئيس الجمهورية العماد ميشال عون حول الفقرة المتعلقة بوجود قائد للحراك الشعبي ورد فيها (إذا مش عاجبهم ولا حدا آدمي بالسُّلْطة يروحوا يهاجروا)، والصحيح أن الرئيس عون قال إنه إذا لم يكُن هناك (أوادم) من الحراك للمشاركة في الحوار، فليهاجروا لأنهم بهذه الحالة لن يصلوا إلى السُّلْطة".

موجة إضرابات

بعد27 يوماً من بدء الاحتجاجات، بدأت موجة إضرابات جديدة في لبنان، فأغلقت المصارف والمدارس أبوابها الثلاثاء، وسط دعوات لاستمرار الإضراب في الأيام القادمة، على الرغم من وعود رئيس الجمهورية بحكومة جديدة قريباً تُحَلّ الأزمة.

وقال عضو في اتِّحاد نقابات موظفي مصارف لبنان إن أفرع البنوك أُغلقت من جديد نتيجة مخاوف بشأن سلامة العاملين الذين يخشون عملاء يطالبون بسحب أموالهم ومحتجين تجمعوا عند البنوك.

فيما أغلقت المدارس أبوابها الثلاثاء أيضاً، بعد أن أعلن وزير التعليم القرار الاثنين، قائلاً إن السبب هو الدعوات لإضراب أوسع نطاقاً، واحترام حق الطلبة في التعبير عن رأيهم.

القرار اتُّخذ بمواصلة الإضراب، والاتحاد يسعى للاجتماع مع جمعية مصارف لبنان لاتخاذ قرار بشأن كيفية العمل معاً لحل القضية كي لا يتعرض موظفو البنوك لمضايقات

رئيس اتحاد نقابات موظفي مصارف لبنان - جورج الحاج

بعيداً عن التأثيرات الخارجية

يؤكّد الباحث السياسي حنا صالح، في حديث لـTRT عربي، أن الإضرابات جاءت بعد إصرار المجلس النيابي على عقد جلسة تشريعية غير دستورية، مشيراً إلى أن قطع الطرقات ليست هدف المتظاهرين، بل تأتي هذه السياسة من أجل الضغط على الطبقة الحاكمة.

ويرى صالح أن الحكومة اللبنانية أساءت التصرف، موضحاً: "في الوقت الذي يجب أن يحدّد فيه رئيس الجمهورية موعداً للاستشارات النيابية الملزمة تطبيقاً للدستور، لم يفعل وفضّل الذهاب إلى مفاوضات جانبية واختراع بدعة جديدة بمعنى التأليف قبل التكليف".

ويضيف: "المباحثات التي جرت مع رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري لم تصل إلى نتيجة جيدة، وتدور أحاديث كثيرة بأن حزب الله قد يدفع رئيس الجمهورية إلى تشكيل حكومة من لون واحد، أو العكس كما كان في السابق، وهناك رهان بأن الشعب سيتعب".

ومن غير الممكن الرهان على تعب الشارع اللبناني حسب صالح، "فمن يتابع حركته لا يمكن أن يستنتج أن اللبنانيين سيتراجعون أو يقل زخم المظاهرات، فهي المرة الأولى التي يتجاوز فيها الشعب الطائفية، ويريدون طي صفحة الذين حكموا بعد الحرب الأهلية".

وعن تأثير القوى الإقليمية يقول صالح إن التأثيرات الإقليمية موجودة، "لكن الشارع واعٍ جدّاً لما يحدث، ولا يريد تدخُّل جهات خارجية، فهو يطالب بالمساءلة والشفافية ووقف ارتهان البلد لجهات خارجية".

TRT عربي
الأكثر تداولاً