رئيسة الوزراء السويدية ماجدالينا أندرسون (يسار) تسير مع رئيسة وزراء فنلندا سانا مارين (يمين) بعد اجتماعهما في السويد الشهر الماضي (Reuters)
تابعنا

تعلن فنلندا والسويد هذا الأسبوع ما إذا كانتا ستقدّمان ترشيحيهما للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو) على خلفية الهجوم الروسي على أوكرانيا، في خطوة قد تمثل تحوّلا كبيراً في سياسات عدم الانحياز التي انتهجها البلدان على مدى عقود.

وهزّ الهجوم التي شنّته موسكو على جارتها، الموالية للغرب، الدولتين الاسكندنافيتين، فازداد التأييد داخلياً للانضمام إلى التحالف العسكري الذي سيوفر غطاءً أمنياً للبلدين.

وقال الباحث لدى "المعهد الفنلندي للشؤون الدولية" تشارلي سالونيوس باستيرناك لوكالة الصحافة الفرنسية، "من المؤكد مئة في المئة أن فنلندا ستتقدم بالطلب، ويرجّح إلى حد كبير بأن تصبح عضواً بحلول نهاية العام".

وأحدث الهجوم الروسي على أوكرانيا في 24 فبراير/شباط، تحوّلا سريعا في الرأي العام في كل من فنلندا والسويد لصالح الانضمام إلى الناتو، وهو أمر لم يكن يحظى بكثير من التأييد في الماضي.

وأظهر استطلاع للرأي نشرته شبكة "يلي" Yle الفنلندية للبث الاثنين، أن نسبة قياسية من الفنلنديين (76%) باتت تؤيد الانضمام إلى الحلف، مقارنة بما بين 20 و30% في السنوات الأخيرة.

كما حدث تحوّل في الرأي العام في السويد، وإن كان بمستويات أقل، إذ بات نحو نصف السويديين يؤيّدون الانضمام.

وبعد أسابيع من الاجتماعات السياسية المكثّفة سواء في الداخل أو الخارج، تدل جميع المؤشرات حالياً على أن البلدين سيعلنان تقديم طلبيهما للانضمام قبل نهاية الأسبوع.

وأفاد الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم في السويد الاثنين بأنه سيعلن موقفه حيال عضوية الناتو في 15 مايو/أيار. وسيوفر تأييده للخطوة غالبية برلمانية واضحة لتقديم الطلب.

وقالت الخبيرة بشأن الدفاع في الدول الاسكندنافية لدى "معهد المشاريع الأمريكي" إليزابيث براو، لوكالة الصحافة الفرنسية إنها تعتقد أن البلدين "سيقدّمان الطلب في الوقت ذاته" وإن كانت ستوكهولم تبدو أكثر تردداً من هلسنكي.

وفوجئت السويد بالتحوّل السريع في موقف فنلندا، وهي معتادة تقليدياً على المناقشات المطوّلة للمسائل المهمة بهدف التوصل إلى توافق عليها.

"توقيت مثالي"

ومن شأن أي توسيع للناتو أن يثير حفيظة موسكو، التي قاومت تاريخياً أي توسّع للحلف باتّجاه الشرق وأدانت بشدة أي مؤشرات إلى احتمال انضمام أوكرانيا إليه.

لكن تحذيرات موسكو المتزايدة من التداعيات "السياسية والعسكرية" دفعت السويد وفنلندا، على ما يبدو، إلى لإصرار أكثر على العضوية.

وفي حال قرر البلدان بالفعل الانضمام إلى الناتو، فستمثّل الخطوة رداً مباشراً على هجوم موسكو العسكري على أوكرانيا.

وسيصبح الحلف بذلك مباشرة على أبواب روسيا. وستضاعف عضوية فنلندا طول الحدود البرية للناتو مع روسيا إلى نحو 2600 كيلومتر.

وفي حال انضمتا إلى الحلف، فسيكون التوقيت في صالح السويد وفنلندا.

وقالت براو "من منظور المخاطر، يعد التوقيت مثالياً.. روسيا منشغلة في مكان آخر، سيكون من الصعب جداً عليها الرد عسكرياً".

في فنلندا، يتوقع أن يعلن الرئيس ساولي نينيستو رأيه "الشخصي" في مسألة الانضمام إلى الناتو الخميس، بينما يتوقع أن يعلن الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي تنتمي إليه رئيسة الوزراء سانا مارين قراره بحلول يوم السبت كأقصى حد.

وذكرت صحيفة "إلتاليهتي" الفنلندية أن لجنة تضم الرئيس ورئيسة الوزراء وأربعة وزراء ستجتمع الأحد لاتّخاذ القرار النهائي في هذا الصدد.

تدريبات ومناورات عسكرية

والأسبوع الماضي استُدعيت قوات الحرس الوطني لتدريب خاص مدته شهر على جزيرة غوتلاند السويدية ذات الموقع الاستراتيجي في بحر البلطيق. ويتزامن التدريب مع مناورات عسكرية سنوية تُنظّم في أنحاء فنلندا والسويد الأسبوع المقبل.

وتتمتّع فنلندا بقوة عسكرية ملفتة على اعتبار أنها دولة يبلغ عدد سكانها 5,5 مليون نسمة فقط، إذ تملك جيشاً احترافياً يبلغ عدد جنوده 12 ألفاً فضلاً عن 21 ألف مجنّد إضافي كل عام وقوة لأوقات الحرب مكوّنة من 280 ألف جندي، إضافة إلى مدفعية قوية ونحو 60 طائرة حربية.

وبينما شهدت الفترة التي أعقبت حقبة الحرب الباردة خفضاً كبيراً في الإنفاق الدفاعي، تحظى السويد أيضاً بجيش حديث متوافق بالفعل مع معايير الناتو، إلى جانب قطاعها المتطور لصناعة الأسلحة.

وإبان الحرب الباردة، بقيت فنلندا محايدة مقابل ضمانات تلقتها من موسكو بأنها لن تغزوها. بدورها، حافظت السويد على مدى زمن طويل على سياسة قائمة على الحياد خلال النزاعات، في نهج يعود إلى حقبة الحروب النابليونية.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً