وزيرا خارجية العراق وإيران  (AA)
تابعنا

أدى تفجر الأحداث وتصاعدها في منطقة الشرق الأوسط التي تقودها إيران والولايات المتحدة إلى محاولة بعض الأطراف التدخل من أجل الوساطة، فكان هناك دور عربي من جهة، ودور تركي روسي يسعى لتطويق التوتر وتجنيب المنطقة حرباً بين قوتين ساحتها دول عربية لا ناقة لها فيها ولا جمل.

في هذا الإطار تحول وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو إلى العاصمة العراقية بغداد، لإجراء مباحثات رسمية.

إذ التقى جاوش أوغلو المسؤوليين العراقيين، في إطار الجهود الدبلوماسية المكثفة، على خلفية تطورات الأحداث عقب مقتل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، في غارة أمريكية ببغداد الأسبوع الماضي، والقصف الإيراني على القواعد الأمريكية في الأنبار فجر الأربعاء.

وكانت وزارة الخارجية التركية قد أعلنت في بيان الأربعاء، أن جاوش أوغلو سيزور العراق في إطار "المبادرات الدبلوماسية المكثفة لتخفيف التوتر المتصاعد في المنطقة نتيجة التطورات الأخيرة"،

"التعاون التركي الروسي يتطور في كافة المجالات رغم محاولات العرقلة، ولم نسمح لخلافاتنا مع روسيا في الآونة الأخيرة بأن تؤثر على مصالحنا المشتركة."

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان
العراق .. ليس أرضاً للمعركة

على إثر ذلك، أجرى وزير الخارجية التركي مع نظيره العراقي مؤتمراً صحفياً حول مخرجات الزيارة، والتي أكد فيها جاوش أوغلو أن "استهداف سليماني تَسبَّب في توتر كبير بالمنطقة، ولا نريد أن يتحول العراق إلى ساحة معارك جديدة"

وشدد الوزير التركي "أن الولايات المتحدة وإيران أن تتصرفان بحكمة، ومن الضروري أن تساهم جميع الدول في تحقيق التهدئة بالمنطقة".

في السياق، شدد وزير الخارجية العراقي، محمد علي الحكيم، على إدانة الهجمات التي طالت أهدافاً في الأراضي العراقية، مؤكداً احترام سيادة العراق.

وأشار الحكيم إلى اتفاقه مع الجانب التركي على العمل لتخفيف حدة التوتر الحاصل في المنطقة بين إيران والولايات المتحدة، وتجنيب المنطقة خطر حرب مدمرة.

ولفت الوزير العراقي إلى أن "العراق يشترك مع تركيا في محاربة الإرهاب، وأي تصعيد في المنطقة سيعزّز قدرة الإرهابيين".

تحييد الخلافات

بالعودة إلى لقاء بوتين وأردوغان الذي سبق الزيارة، يرى الباحث في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى عماد عبد الهادي في حديث لـTRTعربي، أن تركيا وروسيا توصلتا إلى وصفة سحرية، ورغم الخلافات في ملفات عديدة كالملف السوري والليبي إلا أنهما قادرتان على التعاون في ملفات أخرى مثل افتتاح السيل التركي، وهذا لم يمنعهما من التعاون كلما أتيحت الفرصة لذلك.

ويشير عبد الهادي إلى أن عدد الوسطاء الذين حاولوا التوسط بين طهران وواشنطن مثل الرئيس الفرنسي ورئيس الوزراء الياباني وسويسرا وعمان، قوبلوا بتعالٍ من قبل إيران ورفض تامّ مباشرة من المرشد الأعلى، لذلك يمكن اعتبار إيران الطرف الأكثر تصلباً في الموقف.

وعن تقييم موقف واشنطن وطهران يقول عبد الهادي "الإيرانيون ليسوا سعداء بهذه العملية البسيطة للانتقام لمقتل سليماني؛ لأن الصفعة كانت كبيرة جداً لكنهم يدركون أنهم لن يستطيعوا الدخول في مواجهة مباشرة مع واشنطن وقد يكتفون بهذا القدر، بينما يغلب على الموقف الأمريكي الترقب والتقييم، فإذا ما تمادت إيران بعد ذلك سيكون هناك رد".

تركيا.. بين حليفة وجارة

تركيا لم تقف مكتوفة الأيدي تجاه هذه الأزمة بين واشنطن وطهران، وكما في دورها الفعال تجاه الأزمة السورية والليبية، بدأت التحرك لتهدئة الأوضاع بين الحليفة والجارة، إذ من المقرر أن يزور وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو العراق الخميس، على خلفية تطورات الأحداث عقب مقتل سليماني، والقصف الإيراني على القواعد الأمريكية في الأنبار.

ولا يرجح عماد عبد عبد الهادي وجود أي أفق للوساطات بين الطرفين لأن مستوى التوتر عالًٍ جداً، وقد فشلت وساطات سابقة حين لم يكن التوتر بهذه الحدة"، إلا أن الباحث السياسي وفيق إبراهيم يخالفه الرأي ويعتقد أنه "بإمكان تركيا ممارسة وساطة بين الولايات المتحدة وإيران لاعتبارات متعددة، من بينها أن تركيا صديقة لأمريكا في إطار الناتو ولها علاقات جوار حسنة مع إيران تحولت في المدة الأخيرة إلى تفاهمات عميقة، لذلك يمكن للأتراك تأدية هذا الدور من خلال اتصالات مباشرة من الطرفين الإيراني والعراقي".

ويضيف إبراهيم في حديث لـTRT عربي "الوساطة الروسية يمكن أن تكون مقبولة لدى أمريكا في العمق، وإن كانت كذلك في الظاهر، فهي منذ عدة أيام أقامت مناورات مشتركة مع البحرية الإيرانية والصينية في منطقة الخليج التي تعتبر رأس النفوذ الأمريكي، كما تلقت انتقاداً أمريكياً عندما عرقلت استصدار بيان في الأمم المتحدة حول التوتر في محيط السفارة الأمريكية والذي سبق مقتل سليماني."

ويتابع، رغم البيانات الرسمية الروسية وانتقادها لمقتل سليماني إلى أنها استفادت بشكل ما من مقتله لتثبيت نفوذها على سوريا بشكل كامل."

من جانبه، يقول الباحث الأكاديمي أنس يلمان لـTRT عربي، إن "تركيا ستلعب دور الوسيط وتحاول خفض التصعيد الذي زاد عن حده بعد مقتل سليماني ورد الفعل الإيراني على مقتله، وهذا ما تحدث عنه الطرفان التركي والروسي خلال لقاء وزير الخارجية التركي جاوش أوغلو ونظيره الروسي"

"التوتر بين الولايات المتحدة وإيران بلغ مرحلة لم نكُن نودّها، وهدفنا خفض التوتر واحتكام الجميع إلى العقل السليم."

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان

إلى ذلك قال الرئيس التركي: "نمدّ يد العون إلى العراق من أجل التوصُّل إلى حلول جذرية وخفض التوتر فيه، وسنبذل جهوداً كبيرة لخفض التوتر ووقف سيل الدم في منطقتنا".

في السياق ذاته، قال بوتين إن المنطقة فيها ميول لتصعيد التوتر، فيما تسعى تركيا وروسيا لخفض تلك التوترات.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً