ماذا ينتظر الضفة الغربية بعد هجمات المستوطنين؟ / صورة: Reuters (Ammar Awad/Reuters)
تابعنا

تشهد الضفَّة الغربية منذ أسابيع تصعيداً متزايداً بالعنف والاعتداءات يقوده المستوطنون الإسرائيليون بحماية من قوات الاحتلال، وهو ما جمع مسؤولين فلسطينيين وإسرائيليين بمدينة العقبة الأردنية الأحد، برعاية أمريكية-أردنية. وخلص إلى اتفاق بين الجانب الفلسطيني والإسرائيلي على الالتزام المشترك لاتخاذ خطوات فورية بهدف إنهاء تصاعد أعمال العنف.

هذا الاتفاق الذي، وقبل أن يجف حبره، واجه تحدياً خطيراً. إثر الهجوم العنيف الذي قاده مستوطنون على بلدات في نابلس، حيث عاثوا في منازل ومتاجر وسيارات الفلسطينيين حرقاً وتكسيراً، وسقط على إثر ذلك شهيد وما لا يقل عن 35 جريحاً. وهو ما وصفه الإعلام العبري بـ"ليلة الزجاج المكسور" في حوَّارة.

فيما تعِد هذه الهجمات باستمرار التصعيد في الأراضي الفلسطينية المحتلة مع الرفض الذي عبَّر عنه أعضاء حكومة نتنياهو إزاء اتخاذ إجراءات لتخفيفه. فيما تدق الأطراف الراعية للاتفاق العقبة، ناقوس الخطر بشأن عدم تنفيذ تعهدات ذلك الاتفاق.

أحرقوا كلّ شيء!

مساء الأحد هاجم مئات من المستوطنين الإسرائيليين بحماية قوات الاحتلال بلدات مدينة نابلس بالضفة الغربية، مستخدمين الأسلحة النارية والعصي وزجاجات الحارقة، مستهدفين بلدات على رأسها بلدة حوَّارة جنوبي نابلس، التي شهدت عمليات الحرق والتكسير الأعنف.

وقال غسان دغلس، مسؤول فلسطيني يتابع شؤون المستوطنات في منطقة نابلس، لوكالة "وفا" الفلسطينية: "لم أر مثل هذا الهجوم من قبل". مقدراً أن نحو 400 مستوطن شاركوا فيه، وأن 30 منزلاً تضرر إثر قذف الحجارة أو احترق في حوارة، إضافة إلى 15 سيارة أحرقت.

وأكدت جمعية إسعاف الهلال الأحمر الفلسطيني تسجيل 350 إصابة في حوارة خلال الليل، معظمها بسبب استنشاق الغاز المسيل للدموع الذي أطلقه جيش الاحتلال الإسرائيلي. هذا إضافة إلى سقوط شهيد هو سامح أقطش الذي عادة لتوه من مشاركته في عمليات مساعدة ضحايا الزلزال في تركيا.

وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في وقت متأخر الأحد استشهاد أقطش الذي يبلغ من العمر 37 عاماً إثر إصابته برصاص المستوطنين. وقالت الخدمات الطبية التابعة للهلال الأحمر الفلسطيني إن شخصين آخرين أصيبا بالرصاص وطعن ثالث وضُرب رابع بقضيب حديدي. كما جرى علاج خمسة وتسعين آخرين من استنشاق الغاز المسيل للدموع.

وتداول عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر تواطأ قوات الاحتلال مع المهاجمين. وهو ما أشارت إليه الرئاسة الفلسطينية بالقول: "الأعمال الإرهابية التي ينفذها المستوطنون تحت حماية قوات الاحتلال الليلة"، وأضاف: "نحن نحمل الحكومة الإسرائيلية المسؤولية كاملة".

ونقلاً عن وكالة "وفا" الفلسطينية أوضح نائب رئيس بلدية نحالين، إن مجموعة من المستوطنين الإسرائيليين قطعت في ساعات الصباح عشرات أشجار الزيتون في محلة نحالين غربي مدينة بيت لحم جنوب الضفة الغربية. وأضاف المسؤول إن المستوطنين من مستوطنة جفاؤوت قطعوا نحو 40 شجرة زيتون في أراضي الفلسطينيين.

وبرر المستوطنون أعمال العنف هذه بكونها انتقاماً لمقتل مستوطنين برصاص فلسطيني يوم الأحد. وكانت العملية الفلسطينية رداً على الهجوم الذي قادته قوات الاحتلال على مدينة نابلس الأربعاء، والذي خلف 12 شهيداً من المدنيين الفلسطينيين.

ماذا ينتظر الضفة الغربية بعد هجمات المستوطنين؟

تزامناً مع هذه الهجمات العنيفة كان المسؤولون الأمنيون الفلسطينيون والإسرائيليون يوقعون التزاماً مشتركاً لاتخاذ خطوات فورية لإنهاء تصاعد العنف، ما يضع تنفيذ الاتفاق أمام تحدٍّ كبير يهدد بفشله.

وعلى رأس ما اتُّفق عليه في العقبة كان التزام الطرفين وقف الإجراءات الأحادية من 3 إلى 6 أشهر، على رأسها إجراءات الاستيطان. وتأكيد أهمية الحفاظ على الوضع التاريخي بالأماكن المقدسة في القدس والوصاية الهاشمية والدور الأردني الخاص في المدينة.

من جهة أخرى رفض وزراء حكومة نتنياهو اتفاق العقبة، على رأسهم وزير المالية تسلئيل سموترتش الذي غرَّد: "ليس لديّ أي فكرة عما تحدثوا أو لم يتحدثوا عنه في الأردن، لكني أعرف شيئاً واحداً.. لن يكون تجميد للبناء والتطوير في المستوطنات، ولا حتى ليوم واحد، إنها تحت سلطتي".

وبدوره قال وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير: "ما حصل في الأردن، إن حصل، يبقى في الأردن"، في دلالة على رفضه مخرجات اللقاء المذكور. واستمر بن غفير في تحريضه على أعمال العنف ضد الفلسطينيين، قائلاً: "حان الوقت للعودة إلى التهديدات المستهدفة والقضاء على قادة التنظيمات (الفلسطينية) المحرضة".

ويتوقع استمرار أعمال العنف في الضفة الغربية رغم توقيع اتفاق العقبة. وهو ما أعرب عنه محافظ نابلس اللواء إبراهيم رمضان خلال حديثٍ مع موقع "ألترا فلسطين"، قائلاً إن السلطة الفلسطينية سلّمت الجانب الأمريكي 13 شرطاً مقابل عودة التنسيق الأمني، أبرزها وقف الاقتحامات الإسرائيلية للمدن الفلسطينية، ووقف توسّع الاستيطان، وبحث ملف الأسرى في السجون.

وأضاف رمضان أنّ الاحتلال الإسرائيلي وافق "شفهياً" على شروط السلطة الفلسطينية لكن "بعدها بثلاثة أيام، كان غدر إسرائيلي، لأن شأنهم الغدر، وارتكبوا مجزرة نابلس صباح الأربعاء".

هذا حذّر وزير الخارجية الأردني أيمن صفدي من خطورة إخفاق اتفاق العقبة. وقال الصفدي: "الناس فقدوا الأمل، اليأس يلف الوضع برمته، ولذا نشهد قدراً هائلاً من العنف. نشهد عنف المستوطنين، ونلاحظ استمرار المتشددين في التحريض ضد السلام (...) المخاطر حقيقة، إذا لم نكن قادرين على التحكم في الموقف، فنحن ننظر إلى موجة جديدة من العنف".

TRT عربي