حاجز مدينة البيرة الشمالي (DCO) مغلق منذ 7 أكتوبر 2023 (Others)
تابعنا

انعكس إغلاق سلطات الاحتلال الإسرائيلي في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حاجز مدينة البيرة الشمالي المشهور فلسطينياً بـ"DCO" بالسلب على حياة الفلسطينية نقاء حامد، جراء منعها من الوصول إلى بيت أهلها في قرية بيتين الواقعة في الشمال الشرقي من مدينة رام الله.

تقطن نقاء في بلدة سردا التي تتبع إلى محافظتي رام الله والبيرة وهي إلى الشمال من مدينة القدس المحتلة، وكانت تزور بين فترة وأخرى منزل عائلتها في قرية بيتين، وهو ما يفرض عليها المرور عبر حاجز مدينة البيرة الذي أُغلق بقرار إسرائيلي.

وشكّل هذا القرار تعزيزاً لمعاناة الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، في ظل الطرق الالتفافية ولجوء كثيرين إلى سلك طرق أبعد، فضلاً عن إمكانية التعرّض لاعتداءات المستوطنين المتصاعدة مؤخراً.

وبحسب هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، فإن المستوطنين نفذوا 390 هجوماً في الضفة الغربية المحتلة، خلال أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ما أدى إلى استشهاد 9 فلسطينيين وتهجير 9 تجمعات سكانية بدوية، تتكون من 100 عائلة تشمل 810 أفراد من أماكن سكنهم إلى أماكن أخرى.

ويتحكم الاحتلال الإسرائيلي عبر الحواجز الدائمة أو تلك التي ينصبها بشكلٍ فُجائي ومؤقت "الحواجز الطائرة" بحركة الفلسطينيين بين المحافظات الفلسطينية والقرى داخل المحافظة الواحدة، ما يتسبب بأزمة مرورية لساعات طويلة، ودفع الفلسطينيين لاتخاذ طرقٍ أخرى بديلة وطويلة.

وفي الوقت ذاته، يعمل فيه الاحتلال على إقامة طرق التفافية خاصة بمستوطنيه -لا يسمح للفلسطينيين بالمرور منها-؛ لتسهيل حركتهم بعيداً عن الحواجز، وأقيمت هذه الطرق الاستيطانية على مساحات شاسعة من أراضي الفلسطينيين في الضفة الغربية.

إغلاق طرق واقتحامات

تروي الفلسطينية نقاء لـTRT عربي، عن اضطرارها إلى زيارة منزل ذويها بين الفينة والأخرى، لكونهم غير موجودين فيه لدواعي السفر، إذ تعمل على تفقده ومحتوياته رغم إقامتها في قرية أخرى بعيدة بعض الشيء عن المنزل.

وخلال الأيام الأولى للحرب الإسرائيلية على غزة التي بدأت 7 أكتوبر/تشرين الأول، تلقت الشابة الفلسطينية خبراً من أقاربها يفيد باقتحام الجيش لمنزل أهلها، رغم عدم وجود أي شخص في داخله، وهو ما دفعها لمحاولة زيارة المنزل والاطمئنان على حالته بعد الاقتحام.

وتشير نقاء إلى أن جنود الاحتلال الإسرائيلي اقتحموا المنزل ونقلوا بعض الأثاث فيه إلى جانب عمليات التفتيش الدقيق التي جرت قبل أن ينسحبوا منه بعد عملية الاقتحام، بينما لم تكتب لمحاولة الزيارة النجاح جراء إغلاق الحاجز الشمالي لمدينة البيرة.

وتلفت إلى أن إغلاق الطرق يحرمها من الوصول إلى المنزل وتفقّده، ولا سيما أن كثيراً من عمليات الاقتحام والتفتيش التي جرت لمنازل الفلسطينيين في مختلف مدن الضفة، تشير إلى عمليات سرقة وسلب يقوم بها الجنود لممتلكات أصحابها.

وفي الأغلب، كانت نقاء تحتاج إلى قرابة 10 إلى 15 دقيقة -في أسوأ الأحوال- للوصول إلى منزل العائلة، بينما تحتاج اليوم لقرابة ساعة، إذ تمرّ على ثلاث أو أربع قرى للوصول إلى بيت أهلها وزيارته كما اعتادت خلال السنوات الماضية.

صعوبة التنقل

ومع بداية الحرب في غزة بين المقاومة والاحتلال التي أطلق عليها فلسطينياً اسم "طوفان الأقصى" وسمّتها إسرائيل "السيوف الحديدية"، شدّدت سلطات الاحتلال من إجراءاتها في الضفة الغربية، ونكلت بالفلسطينيين، واتخذت قراراً بإغلاق المدخل الأبرز في البيرة، الذي يربط بين عدة قرى ويشكل متنفساً للحركة.

السائق الفلسطيني نور أبو بدر، يعمل على طريق رام الله-جنين شمالاً، يقول: إن إغلاق المدخل دفعهم للجوء إلى الطرق البديلة التي تمر بمنطقة بيرزيت أو الجلزون شمال رام الله، وهو ما يخلق أزمات للسائقين، وخصوصاً أن الاحتلال يعمل على وضع حواجز متنقلة على بعض المناطق الالتفافية.

ويبيّن أبو بدر في حديثه مع TRT عربي، أن إغلاق المدخل الخاص بالبيرة واللجوء للطرق البديلة المتوافرة، يؤدي إلى الانتظار في بعض المرات لفترة تتراوح بين ساعة إلى ساعة ونصف على هذه الحواجز، وهو ما تسبب بإطالة أمد المدة الزمنية للوصول، فيأخذ الطريق مدة من 3 إلى 4 ساعات.

وبحسب مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة "بتسيلم"، شقّت إسرائيل شوارع وأنفاقاً وممراتٍ، تمكنها من الوصول إلى المدن الفلسطينية، ولكنّها تمنع التواصل الجغرافي بين البلدات، ما يمكّنها من قطع المواصلات بسهولة بين المناطق المختلفة داخل أراضي الضفة الغربية.

مركبات المواصلات العمومية بين المدن في محافظة رام الله والبيرة تعاني من قلة الركاب بسبب الحواجز الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 (TRT Arabi)

ويقوم جنود الاحتلال بعمليات تفتيش وتدقيق للبطاقات الشخصية الخاصة بالمتنقلين على الطرق الالتفافية، فضلاً عن التدقيق على بيانات بعض الأشخاص، ولا سيما عوائل الشهداء والأسرى واعتقال بعضهم أو التنكيل بهم في مرات أخرى، والقيام بعمليات إرهاب بحق المواطنين، بحسب ما يرويه السائق الفلسطيني.

وإلى جانب هذا الأمر، فإن الجنود الإسرائيليين يفتشون في الهواتف الذكية الخاصة بالفلسطينيين خلال عمليات التنقل والتدقيق في هواتفهم، وخاصة في تطبيقات المراسلة مثل واتساب وتليغرام ومعرفة أبرز ما يتصفحونه أو المجموعات التي يتابعونها.

ويلفت أبو بدر إلى أن الحركة بين رام الله وجنين تراجعت بشكلٍ لافت وملموس منذ بداية الحرب على غزة، وباتت الحركة مقتصرة فقط على الأشخاص المضطرين للتنقل، خلافاً للحالة التي كانت سائدة قبل الحرب الإسرائيلية المتواصلة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

مزيد من الأزمات

ووفقاً لمركز الميزان لحقوق الإنسان الفلسطيني، أغلقت قوات الاحتلال خلال أكتوبر/تشرين الأول الماضي، الحواجز الثابتة بين مدن الضفة الغربية، والبالغ عددها 108 حواجز، وقطعت أوصالها وأضافت ما لا يقل عن 10 بوابات حديدية بين مدن الضفة وبلداتها وأغلقتها بالكامل، ومنعت السكان من السير عبر الطرق الالتفافية بين المدن الفلسطينية.

ويقول السائق الفلسطيني وضاح حمايل الذي يعمل على طريق رام الله-بيت لحم، إن إغلاق المدخل تسبب في التأثير بشكلٍ سلبي في عمله اليومي، نتيجة للإجراءات الإسرائيلية غير المسبوقة، مقارنة بالفترة التي سبقت الحرب، وقللت من حركة المتنقلين عبره بوتيرة كبيرة.

ويضيف حمايل لـTRT عربي، إن إغلاق المدخل الشمالي لمدينة البيرة تسبب في أزمات خانقة على منطقة قلنديا، على اعتبار أنه لا يوجد مدخل إلا هذا المكان، ما تسبب في الدفع نحو طريق التفافي يمر بمنطقة عيون الحرامية في الضفة الغربية، وهو ما يأخذ وقتاً طويلاً.

ووفق السائق الفلسطيني، فإن اللجوء إلى هذه الطرق الالتفافية يؤدي إلى استغراق وقت أطول يصل بين 20 إلى 30 دقيقة، فضلاً عن إمكانية وجود حواجز أخرى في منطقة عين سينيا، التي تخضع فيها الحركة للحالة المزاجية الخاصة بجنود الاحتلال.

ويؤكد حمايل أن الحركة عبر طريق رام الله-بيت لحم جنوباً، تقلصت بشكلٍ كبير منذ بداية الحرب على غزة، فقد كان السائقون يتحركون عبر هذا الطريق مرتين يومياً، بينما لا تتجاوز معدلات الحركة ونقل الفلسطينيين عبر الطريق إلا مرة كل يومين فقط، وهو ما يعكس الأزمة، وحتى الأزمة المالية منها.

وإلى جانب تلك الحواجز، يقوم الاحتلال بفرض حاجز في منطقة معاليه أدوميم، وتحديداً في أيام السبت التي تشهد غياباً للحركة من المستوطنين الإسرائيليين، وهو ما يؤدي إلى زيادة التوقيت الذي تستغرقه الطريق من ساعة في السابق إلى ساعة ونصف الساعة وساعتين حالياً.

TRT عربي