تابعنا
علّقت عائلة باسم خندقجي على التحريض الإسرائيلي ضده، وقالت شقيقته إن عائلة خندقجي ترفض تحريض الاحتلال ضدّ ابنها الأسير الروائي بعد ترشح  روايته وفوزها بجائزة بوكر العالمية للرواية العربية.

ما أن أعلنت الجائزة العالمية للرواية العربية في 14 فبراير/شباط الماضي عن روايات القائمة القصيرة في دورتها السابعة عشرة، التي تضمنت رواية "قناع بلون السماء" لكاتبها الأسير والروائي الفلسطيني باسم خندقجي، حتى بدأت مواقع ووسائل إعلام إسرائيلية حملة تحريض واسعة ضده.

وذكرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية أنّ باسم خندقجي "الإرهابي الفلسطيني المتورّط في قتل إسرائيليين" جرى ترشيح روايته "قناع بلون السماء" لجائزة أدبية، وإذا ما تأهّل للنهاية فقد يفوز بجائزة تصل قيمتها إلى 50 ألف دولار.

تحريض ضد خندقجي

لم يكن هذا عنوان هآرتس وحدها، بل نُشر أيضاً في موقع هيئة البث الإسرائيلية التي نقلت عن مصلحة السجون الإسرائيلية قولها إنها لن تسمح لخندقجي بالحصول على الجائزة إذا فاز بها.

واستخدم بعض المدونين الإسرائيليين أيضاً توصيف "إرهابي" على منصات التواصل الاجتماعي، واستنكروا السماح له بكتابة الروايات من داخل السجن.

وعلّقت عائلة باسم خندقجي على التحريض الإسرائيلي ضده، وقالت شقيقته آمنة إن عائلة باسم خندقجي ترفض تحريض الاحتلال ضدّ ابنها الأسير الروائي باسم خندقجي بعد ترشح روايته لجائزة بوكر العالمية للرواية العربية ضمن القائمة القصيرة، كما ترفض دعايته الإعلامية المضلّلة لإسكات الصوت الفلسطيني ومحاربة الرواية الفلسطينية.

بدوره، قال نادي الأسير الفلسطينيّ في تقرير إنّ الحرب على الرواية الفلسطينية، شكّلت نهجاً ثابتاً لدى الاحتلال الإسرائيليّ في مواجهة الوجود الفلسطينيّ، وكانت إبداعات الأسرى هدفاً دائماً لأجهزة الاحتلال من خلال مصادرتها وملاحقتها، وفرض عقوبات بحقّ الأسرى الذين تركوا بصمة واضحة وأثراً على الصعيد الإنتاج المعرفي والأدبي.

وبيّن النادي أن العملية التي تمرّ بها إنتاجات الأسرى ومسار إخراجها من السّجون، شكّلت، وما تزال، تحدياً لمنظومة السّجن على مدار عقود طويلة، لافتاً إلى أن من أبرز الأسرى الذين أسهموا في الإنتاج المعرفي والأدبي الأسير باسم خندقجي الذي أصدر روايات عدة وإنتاجات مختلفة خلال سنوات اعتقاله.

تحرّر الرواية من السجن

ويقول يوسف خندقجي، شقيق الروائي الأسير باسم، إن رحلة رواية "قناع بلون السماء" بدأت عام 2021، وكان باسم حينها يقبع في سجن هداريم، وعمل على توثيق شهادات أسرى من القدس والداخل الفلسطيني وطلب من عائلته أيضاً توفير معلومات يحتاج إليها في الكتابة، وقرر بدء المشروع بداية عام 2022 في ظل ظروف صعبة عاشها الأسرى تشمل مصادرة قصاصات الورق.

ويضيف "يوسف" لـTRT عربي أن الرواية مرّت بمراحل عدّة، وكُتبت بنسختين خوفاً من تعرضها للمصادرة، حتى نجحت في التحرّر من السجن لتصدر في يناير/كانون الثاني 2023.

ويلفت إلى أنه بعد الإعلان عن ترشح رواية "باسم" للجائزة العالمية، انطلقت حملة تحريض بحق باسم: "لا يكفي مصادرة حريته، بل يريدون مصادرة حقه بالجائزة".

بدورها، أكدت الناطقة الإعلامية باسم نادي الأسير الفلسطيني، أماني سراحنة، أن التحريض سياسة قديمة جديدة للاحتلال وتتخذ أشكالاً مختلفة، منها مصادرة مقتنيات الأسير كافة، لذلك يحرص الأسرى على كتابة أكثر من نسخة من أعمالهم للحفاظ عليها من المصادرة.

وتؤكد "سراحنة" في حديثها مع TRT عربي أن إدارة السجون الإسرائيلية عزلت الأسير باسم خندقجي في سجن عوفر بعد حملة تحريض استهدفته في الإعلام الإسرائيلي على خلفية ترشح روايته للجائزة.

ويمثل العزل أحد أقسى أنواع العقاب الذي تمارسه إدارة سجون الاحتلال الإسرائيلية بحق الأسرى الفلسطينيين، إذ يجري احتجاز الأسير لفترات طويلة بشكل منفرد في زنزانة معتمة ضيقة قذرة ومتسخة، فيها حمّام أرضي قديم، تخرج من فتحته الجرذان والقوارض، ما يسبب مضاعفات صحية ونفسية خطيرة على الأسير.

وتلفت "سراحنة" إلى أن الأسير الذي ينجح في إصدار عمل أدبي يتعرض لكثير من التهديدات، منها العزل وحرمان الزيارة والملاحقة داخل السجن بسبب كتاباته وإنتاجه المعرفي.

استهداف الاحتلال الثقافة الفلسطينية

وواجهت حملة التحريض والعداء ضد الروائي الأسير انتقادات واسعة من الأوساط الثقافية الفلسطينية، إذ تحدث الأمين العام للمكتبة الوطنية الفلسطينية والرئيس السابق لهيئة شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع، وقال إن "إسرائيل التي تدعي الديمقراطية تضجّ من كتاب، إذ إنها تلاحق الأدب كما تلاحق الأغنية والكوفية والأكلة الفلسطينية".

ويلفت "قراقع" في حديثه مع TRT عربي إلى أن هذه الحملة المسعورة التي يقودها الإعلام الإسرائيلي لملاحقة الأسير باسم خندقجي تأتي في ظروف عدوان بشع ومتواصل على قطاع غزة، انعكس على حياة الأسرى داخل سجون الاحتلال الذين يعيشون أوضاعاً غير مسبوقة، ويخضعون فيها لإجراءات انتقامية شملت التجويع والحرمان من الزيارة والإهمال الطبّي ومصادرة المقتنيات ومنع الكتب والصحف والأقلام عنهم.

ويبيّن الأمين العام للمكتبة الوطنية الفلسطينية أن الحركة الأسيرة انتزعت حقوقها الثقافية من خلال خطوات نضالية تراكمت على مدار سنوات الاحتلال، فيما تواصل إسرائيل محاربة الكلمة، لافتاً إلى وجود عديد من الروايات والأعمال الأدبية للحركة الأسيرة لم ترَ النور، وقد صودرت من السلطات الإسرائيلية، مثل رواية الأسير كميل أبو حنيش.

ويشير "قراقع" إلى تجربة الأسير المريض بالسرطان، وليد دقة، عقب نشر روايته "سر الزيت" التي حازت جائزة من المجلس الإماراتي لأدب اليافعين، إذ منعت إسرائيل عام 2018 عرض وإشهار الرواية في مكتبة "مجد الكروم" في الجليل الأعلى، وهددت القاعة وصاحبها، فيما عزل "دقّة" وعُوقب أيضاً عقب كتابة مسرحية "الزمن الموازي" ومُنع عرض المسرحية في مسرح "الميدان" في حيفا.

ويرى "قراقع" أن ترشح أعمال الأسرى الأدبية لجوائز عالمية يدل على قدرة الحركة الأسيرة على تحويل هذه السجون إلى أماكن لإنتاج المعرفة وتحدي ظروف السجون الصعبة، منوهاً بأن رواية الأسير ناصر أبو سرور، المحكوم بالمؤبد، رُشحت سابقاً لجائزة بوكر أيضاً.

ويتابع: رواية "بابور الكاز" للأسير سليمان جاد الله من قطاع غزة كانت أول رواية كُتبت داخل السجون الإسرائيلية، ثم تصدر الأسير فاضل يونس من طولكرم مشهد أدب السجون بـ"عودة الأشبال".

يُذكر أن رواية "قناع بلون السماء" وصلت إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية (بوكر)، إحدى أهمّ الجوائز الأدبية بالعالم العربي، في منتصف فبراير/شباط الماضي، ضمن القائمة المتأهلة في دورتها السابعة عشرة، وكانت قد رُشحت للقائمة الطويلة منتصف ديسمبر/كانون الأول 2023.

أما الأسير باسم خندقجي (40 عاماً) فهو من نابلس، اُعتقل في 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2004، وتعرض عقب اعتقاله لتحقيقٍ قاسٍ وطويل، ولاحقاً حكم عليه الاحتلال بالسّجن المؤبد ثلاث مرات، وقبل اعتقاله كان خندقجي طالباً في جامعة النجاح الوطنية، وتخصص في دراسة الصحافة والإعلام.

وأصدر خندقجي وهو داخل السجن ديوانَي شعر و250 مقالة وروايات أدبية عدة، منها "نرجس العزلة" و"خسوف بدر الدين"، إضافة إلى روايته الأخيرة "قناع بلون السماء"، كما تُرجم بعض أعماله إلى اللغة الفرنسية.

TRT عربي
الأكثر تداولاً