تابعنا
يقبع في سجون الاحتلال الإسرائيلي حالياً أكثر من 9500 أسير، بينهم 80 امرأة وأكثر من 200 طفل، باستثناء المعتقلين من قطاع غزة الذين يُعتقلون تحت مبدأ "الإخفاء القسري"، وفق آخر تقرير صادر عن نادي الأسير الفلسطيني ومركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية.

يصادف يوم 17 أبريل/نيسان من كل عام "يوم الأسير الفلسطيني" وهو اليوم الذي اعتُمد من المجلس الوطني الفلسطيني عام 1974 من أجل حرية الأسرى ونصرة قضيتهم العادلة.

وعادةً ما تُنظم في هذا اليوم فعاليات ومَسيرات تضامنية مع الأسرى الذين يقبعون في سجون الاحتلال الإسرائيلي الذي يلجأ إلى سياسة الاعتقال بوصفها أداةً لقمع الفلسطينيين من الشرائح والفئات كافة وترهيبهم والانتقام منهم.

وتأتي فعاليات هذا اليوم في وقت يستمر الاحتلال في عدوانه على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، إذ تنظم فعاليات العام هذا في إطار وقف حرب الإبادة التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي، خصوصاً أن هناك آلاف المعتقلين من القطاع تمارس بحقهم إسرائيل جريمة الإخفاء القسري، وفق وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا".

أكثر من 9500 أسير

يقبع في سجون الاحتلال الإسرائيلي حالياً أكثر من 9500 أسير، بينهم 80 امرأة وأكثر من 200 طفل، باستثناء المعتقلين من قطاع غزة الذين يُعتقلون تحت مبدأ "الإخفاء القسري"، وفق آخر تقرير صادر عن نادي الأسير الفلسطيني ومركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية (شمس) في تقرير لهما بمناسبة "يوم الأسير الفلسطيني".

وأشار التقرير إلى أن السابع من أكتوبر/تشرين الأول فرض تحولات جذرية على أوضاع المعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، فيما يخص المعلومات المتعلقة بهذه القضية وعلى المستويات كافة في ظل العدوان المستمر.

وطوال هذه المرحلة ارتكب الاحتلال جرائم فظيعة بحق المعتقلين، أدت إلى استشهاد 16 معتقلاً بسبب ممارسة التعذيب الممنهج والجرائم الطبية وسياسة التجويع وغيرها كثير من الانتهاكات والاعتداءات التي يتعرض لها المعتقلون والمعتقلات والقاصرون والمسنون داخل سجون الاحتلال.

وحول ازدياد أعداد أو حالات الاعتقال بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول تقول مديرة الإعلام والتوثيق في نادي الأسير الفلسطيني أماني سرحاني، إن عمليات الاعتقال في هذه المرحلة تتشابه في مستويات الاعتقالات التي كانت تحصل في أوقات الهبّات أو الانتفاضات الفلسطينية، ولكن إذا قِيست الفترات الزمنية التي شُنت فيها حملات الاعتقال الواسعة في الضفة فهي قد تكون الأعلى مقارنةً مع السنوات السابقة.

وتلفت سرحاني في حديثها مع TRT عربي إلى توثيق ما لا يقل عن 8270 حالة اعتقال سُجلت منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول حتى تاريخ 16 أبريل/نيسان، مشيرةً إلى أن هذا العدد لا يعكس فقط الازدياد في حالات الاعتقال في الضفة الغربية بما فيها القدس وإنما يعكس أيضاً مستوى الجرائم المروِّعة التي وُثِّقت مع المعتقلين أو عائلاتهم.

وتبين أن شهادات الأسرى وعائلاتهم عكست مستوى عالياً من التنكيل والضرب المبرح والتعذيب والتهديدات التي طالتهم، كما لم تستثنِ هذه الاعتقالات الأطفال أو الكبار في السن.

وتضيف سرحان: "اليوم نتحدث عن أكثر من 9500 أسير فلسطيني في سجون الاحتلال، ولكن هذا المعطى لا يشمل جميع معتقلي غزة، فالغالبية العظمى منهم رهن الإخفاء القسري، والعدد الوحيد المتوفر لدينا كمؤسسات، وهو ما أعلنت عنه إدارة سجون الاحتلال من وصفتهم بالمقاتلين غير الشرعيين، وعددهم حتى بداية شهر أبريل/نيسان الحالي كان 849".

أما عن المعتقلين الإداريين، فتكشف بيانات نادي الأسير الفلسطيني أنه بلغ عددهم 3660 شخصاً حتى بداية شهر أبريل/نيسان الحالي، وتوضح سرحاني أن "هذا العدد لم نشهده تاريخياً على الأقل وفق التوثيقات المتوفرة لدينا كمؤسسات حقوقية، ونحن نتحدث عن تحول كبير في أعداد الأسرى سببه بشكل أساسي الاعتقالات الإدارية".

والاعتقال الإداري هو الاعتقال من دون تهمة أو محاكمة، ويعتمد على ملف سرّي وأدلة سرّية لا يمكن للمعتقل أو محاميه الاطلاع عليها، ويمكن حسب الأوامر العسكرية الإسرائيلية، تجديد أمر الاعتقال الإداري مرات غير محدودة، إذ يُستصدر أمر اعتقال إداري لفترة أقصاها 6 أشهر قابلة للتجديد.

مستويات من التعذيب غير مسبوقة

وتلفت سرحاني إلى أن هذه المرحلة لا تمكن مقارنتها من حيث مستوى التعذيب بأي فترة سابقة، مضيفةً: "نحن لا نتحدث عن سياسات استثنائية لم يستخدمها الاحتلال سابقاً، وإنما المتغير في حملات الاعتقال بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول هي كثافة هذه الاعتقالات والرغبة الانتقامية التي لربما عكستها جميع الشهادات التي جمعناها من المعتقلين ومن عائلاتهم زمن الأسرى داخل سجون الاحتلال، وكل حالة اعتقال تعكس مستوى عمليات التنكيل التي نُفِّذت بحق المعتقل".

وهناك أساليب عديدة للتعذيب يمارسها الاحتلال بحق الأسرى، تشمل التعذيب النفسي والجسدي مثل الهزّ العنيف، والشبْح على الكرسي الصغير، ووضع الكيس على الرأس، والموسيقى الصاخبة، والخزانة، وقلع الأظافر، وغيرها من الأساليب الفظيعة التي مارسها محققو الاحتلال لانتزاع الاعترافات من المعتقلين الفلسطينيين، حسب مراكز حقوقية فلسطينية.

بدورها وثّقت منظمة العفو الدولية على مدى عقود، ممارسات تعذيب واسعة النطاق على أيدي السلطات الإسرائيلية في أماكن الاحتجاز في مختلف أنحاء الضفة الغربية، ونُشرت مقاطع فيديو وصور على الإنترنت على نطاق واسع بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول تُظهر مشاهد مروِّعة لجنود إسرائيليين يضربون فلسطينيين ويهينونهم، فيما يعتقلونهم وهم معصوبو الأعين ومكبّلو الأيدي ومجرَّدون من ملابسهم.

وحسب سرحاني، فإن عمليات التعذيب والتنكيل وسياسة التجويع والسلب الممنهج لإنسانية المعتقل الفلسطيني أدت في فترة وجيزة (6 أشهر) إلى استشهاد 16 أسيراً فلسطينياً، وهذا الرقم لا يشمل جميع معتقلي غزة الذين استُشهدوا داخل معسكرات الاحتلال، وحتى اللحظة غير معروفة هوياتهم ولا ظروف استشهادهم.

وعن الموقف القانوني من الاعتقالات الحاصلة في غزة بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول، يوضح أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية رائد أبو بدوية، أن موضوع الاعتقال الإسرائيلي وتحديداً لسكان القطاع ينظّمه قانون إسرائيلي تحت اسم قانون "المقاتلين غير الشرعيين".

وأصدرت إسرائيل هذا القانون عام 2002 للسماح بالاحتجاز من دون اتهام لفترات طويلة لمواطنين لبنانيين، بعد أن قررت المحكمة العليا عام 2000 أنه لا يمكن للجيش الإسرائيلي احتجاز المعتقلين اللبنانيين فقط كـ"ورقة مساومة" لعودة المفقودين الإسرائيليين، لكنّ المسؤولين الإسرائيليين استخدموا هذا القانون منذ ذلك الحين لاعتقال الفلسطينيين من قطاع غزة لفترات قابلة للتجديد.

ويُجيز هذا القانون لهيئة الأركان، احتجاز أي شخص يعتقد رئيس هيئة الأركان أن إخلاء سبيله يُخلّ بالأمن القومي الإسرائيلي، وفي هذا القانون لا توجد رقابة قضائية إسرائيلية على السلطة التقديرية لرئيس هيئة الأركان، ويجدَّد الاحتجاز كل 6 أشهر.

ويضيف أبو بدوية لـTRT عربي أن مشكلة هذا القانون تكمن في أنه لا يبيّن ولا يفرض أسباباً حقيقية على عاتق الجيش أو رئيس هيئة الأركان لسبب الاحتجاز، ويكفي التقدير من عند رئيس هيئة الأركان ليحصل التمديد في الاعتقال بشكل كأنه روتيني من المحكمة كل 6 أشهر، وهو يشبه قانون الاعتقال الإداري المطبَّق في الضفة الغربية، ولكن يعد أسوأ من الناحية القانونية لأنه لا توجد رقابة قضائية على قرارات رئيس هيئة الأركان وتكاد تكون معدومة نوعاً ما.

ويرى أستاذ القانون الدولي أن هذا القانون (المقاتلين غير الشرعيين) يخالف قواعد القانون الدولي، وتحديداً فيما يتعلق باعتبار سكان قطاع غزة حالياً، خصوصاً المقاتلين منهم، أسرى حرب، والأسير في القانون الدولي بموجب اتفاقية جنيف الثالثة التي تنظم موضوع الأسرى يتوجب على سلطات الاحتلال أولاً عدم محاكمته، وثانياً احتجازه في ظروف ملائمة، وتمكينه من حقوقه واحتياجاته الأساسية، وهذا ما لم تلتزمه إسرائيل.

ويؤكد أبو بدوية أن القانون الدولي يوجب توفير كل الاحتياجات الأساسية للمعتقلين، وأن الممارسات الإسرائيلية داخل المعتقلات كلها تخالف المنظومة الدولية التي نظّمت موضوع الأسرى.

ويشير أبو بدوية إلى أن هناك جهات دولية تحاول الضغط على إسرائيل للكشف عن أماكن الاحتجاز أو إتاحة زيارات المعتقلين، إلّا أن إسرائيل تتكتم حتى هذه اللحظة على موضوع الاحتجاز وتمنع المنظمات من الزيارات والاطلاع على ظروف المعتقلين، وهناك معتقلون أُخلي سبيلهم أدلوا بشهادات حية أثبتت وجود تعذيب مميت وإهمال طبي وتنكيل، وهذه تشكل جريمة حرب في القانون الدولي الإنساني.

TRT عربي
الأكثر تداولاً