العودة إلى الفحم.. حرب أوكرانيا تضاعف التلوث وأزمة المناخ
أعلن عدد من الدول مثل ألمانيا وفرنسا والنمسا وهولندا، العودة إلى الفحم لتوليد الطاقة الكهربائية، فيما يُتوقّع أن تلحق إيطاليا بالركب خلال وقت لاحق من الشهر القادم.
الفحم (Others)

بالتزامن مع عودة بعض دول الاتحاد الأوروبي إلى الفحم لتلبية احتياجاتها من الطاقة في خضمّ الحرب التي شنّتها روسيا ضد أوكرانيا، حذّر خبراء من المخاطر التي قد تلحق بالبيئة والمناخ ولو على المدى القصير.

وعادت دول مثل ألمانيا وفرنسا والنمسا وهولندا إلى الفحم لتوليد الطاقة الكهربائية، فيما يُتوقّع أن تلحق إيطاليا بالركب خلال وقت لاحق من الشهر القادم.

وقال نيل ماكاروف، مسؤول سياسة الاتحاد الأوروبي في شبكة العمل المناخي بفرنسا، إن "العودة إلى الفحم تمثّل أخباراً سيئة للغاية".

وأضاف ماكاروف في حديث للأناضول، أنه رغم أن هذه التحركات "قصيرة المدى للغاية" لا تقوض أهداف التخلص التدريجي من الفحم بشكل كامل بحلول 2030، فإنها لا تزال تشكّل "خطراً كبيراً".

وتابع: "سيكون الأمر دراماتيكياً للغاية في ما يتعلق بمكافحة المناخ، لأن الفحم في الأساس هو مصدر الطاقة الأكثر انبعاثاً وتلويثاً"، مشيراً إلى أن الفحم أصبح أيضاً الآن "مكلفاً للغاية".

"إعادة فتح محطات توليد الطاقة بالفحم في أوروبا تضرّ الاقتصاد والمجتمع، لأنه مكلّف للغاية ولا يدعم استقلال الاتحاد الأوروبي في مجال الطاقة".

وبعدما كانت روسيا تسيطر على مصادر الطاقة مثل الغاز، ستذهب الدفة الآن إلى كل من كولومبيا وأستراليا وجنوب إفريقيا، باعتبارها مصدر الفحم.

ويرى المسؤول الأوروبي أنه "لا ينبغي أن يحدث، لا ينبغي أن نسمح لمحطات توليد الطاقة بالفحم بالعمل بعد 2023 أو 2024".

وزاد: "علينا بالتأكيد التخلص التدريجي من الفحم في أوروبا بحلول 2030. هذه هي الطريقة الوحيدة للحصول على طاقة رخيصة والحدّ من الاعتماد على القوى العظمى مثل روسيا".

كانت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، حذّرَت من إعلان بعض الدول الأوروبية مثل ألمانيا والنمسا وهولندا أنها ستتجه إلى الفحم، كنتيجة للحرب الروسية ضدّ أوكرانيا التي أثّرَت بدورها في إمدادات الطاقة.

وقالت فون دير لاين في مقابلات مع عدد من وسائل الإعلام الأوروبية: "علينا التأكد من أننا نستخدم هذه الأزمة للمضي قدماً"، في إشارة إلى تعزيز استثمارات الطاقة المتجددة.

وتراجعت إمدادات الغاز الروسي إلى ألمانيا بنسبة 60 بالمئة، الأمر الذي أثّر في وفرة الطاقة لها ولفرنسا التي تحصل على جزء من الغاز من خلال برلين.

الطاقة المتجددة

بدورها أكدت سارة براون، كبيرة المحللين في مؤسسة "إمبر" الفكرية المستقلة للطاقة، أن الحكومات الأوروبية لفتت إلى أن أي زيادة في إحراق الفحم "ستكون مؤقتة".

وقالت في تصريحات صحفية: "أعلنت ألمانيا أن استبدال الغاز سيكون لفترة محدودة فقط (حتى 31 مارس/آذار 2024)، كما شددت برلين في الوقت نفسه على أنه سيُتخلّص تدريجياً من الفحم بحلول 2030".

ونوهت بأن المفوضية الأوروبية أكدت خلال اجتماعات لجنة الاتحاد الأوروبي، أن "أي استخدام مرتفع للفحم في توليد الطاقة سيكون مؤقتاً، ولن يؤثر في مساعي الوصول إلى مستويات تحقيق الطموحات المناخية".

"الوضع الحالي كان يمثّل حافزاً لانتقال الطاقة النظيفة في الاتحاد الأوروبي"، لافتة إلى أن الأزمة الحالية "أجبرت الدول الأوروبية على الاعتراف بأخطاء الماضي المتعلقة باستمرار الاعتماد على الوقود الأحفوري المستورد".

بدائل

من ناحيته، سلّط سام فان دن بلاس، مدير السياسات في منظمة "Carbon Market Watch" (مقرها بروكسل) الضوء على أهمية الطاقة المتجددة النظيفة بدلاً من اللجوء إلى الفحم.

وقال فان دن بلاس: "من الواضح أن أيّاً من هذه الحكومات لن تكون في هذا الموقف لو أنها اتخذت إجراءات أكثر جدية في الماضي لتوسيع نطاق توفير الطاقة المتجددة النظيفة وتوفير الطاقة".

وشدّد بلاس في حديث للأناضول على أن التأثيرات المناخية والبيئية المدمرة لاستهلاك الفحم والتعدين "معروفة جيداً".

"كان واضحا منذ فترة طويلة أن الفحم في حالة تدهور هيكلي، ولم يكُن ضرورياً أن نصل إلى مرحلة الحرب الروسية ضد أوكرانيا حتى ندرك أن الوقود الأحفوري ليس حلّاً".

ونوه بأن الطاقة المتجددة هي الإجراء قصير المدى "الوحيد" الذي من شأنه أن يجعل أوروبا أكثر استقلالية ويتجنب الإضرار بالمناخ.

AA