بعد أن أكد حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها، قال الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، الاثنين، إنه ينبغي للولايات المتحدة أن تكون واضحة في دعمها لإسرائيل خلال حربها مع المقاومة في غزة، لكنه أضاف في الوقت نفسه أنه يتعين على تل أبيب أن تلتزم بالقانون الدولي.
وحذر أوباما من أن عملية برية إسرائيلية محتملة في قطاع غزة "يمكن أن تزيد من تصلب المواقف الفلسطينية لأجيال، وتقوّض الدعم العالمي لإسرائيل، وتصب في مصلحة أعداء إسرائيل، وتقوّض الجهود طويلة المدى لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة".
ولفت أوباما الأنظار إلى أن العملية المدمّرة يمكن أن "تأتي بنتائج عكسية" إذا لم يُحمَ المدنيون الفلسطينيون. منتقداً في الوقت ذاته قرار إسرائيل بقطع الكهرباء ومنع دخول الغذاء والوقود والمياه وغيرها من الإمدادات إلى قطاع غزة، قائلاً إنه لا يؤدي إلا إلى تفاقم الأزمة الإنسانية هناك، وفقاً لما نقلته رويترز.
دعوى للالتزام بالقانون الدولي
وأضاف أوباما في بيانه: "لكن حتى ونحن ندعم إسرائيل، ينبغي لنا أيضاً أن نكون واضحين بشأن الكيفية التي ستشن بها إسرائيل هذا القتال ضد حماس، وهو أمر مهم، ومن المهم على وجه الخصوص -كما أكد الرئيس بايدن مراراً وتكراراً- أن تلتزم الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية بالقانون الدولي، وضمن ذلك تلك القوانين التي تسعى إلى تجنّب موت أو معاناة السكان المدنيين، إلى أقصى حدّ ممكن".
وبينما أشار الرئيس السابق إلى إن التمسك بهذه القيم يشكل أيضاً أهمية بالغة لبناء التحالفات وتشكيل الرأي العام الدولي، قال إن العالم يراقب من كثبٍ الأحداث الجارية في المنطقة، وأي استراتيجية عسكرية إسرائيلية تتجاهل الخسائر البشرية قد تأتي بنتائج عكسية في نهاية المطاف.
من جانبه، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الجمعة، إن إسرائيل تتصرف كمنظمة بتحريض من جهات غير إقليمية، وشدّد على ضرورة إنقاذ المنطقة من "الجنون" الذي تشجعه الدول الغربية. وأكدّ أن: "توسيع الهجمات على غزة لن يجلب سوى المزيد من الألم والموت والدموع".
سياسة الكيل بمكيالين
قالت صحيفة نيويورك تايمز إنه على مدار 20 شهراً، حاولت إدارة بايدن الحفاظ على الأرضية الأخلاقية العالية ضد روسيا، وأدانت حربها "الوحشية على أوكرانيا بسبب قتل المدنيين عشوائياً". وبينما انتقدت واشنطن روسيا بشدة بسبب هجماتها على المدنيين في أوكرانيا، يقول المنتقدون إنها لم تعرب عن الكثير بشأن المعاناة المماثلة في غزة.
وعلى الرغم من أن حجم الصدى الذي لقيته حجة واشنطن الأخلاقية لدعم أوكرانيا في معظم أنحاء الغرب، فإن الدعم الثابت لإدارة بايدن لإسرائيل، التي أمطرت غزة بالقذائف طوال أكثر من أسبوعين مخلفة أكثر من 5000 شهيد جلّهم من النساء والأطفال، يخاطر بخلق رياح معاكسة جديدة في جهودها لكسب الرأي العام العالمي.
من جهتها، قالت فايننشال تايمز إن التصورات بأن الغرب أعطى إسرائيل الضوء الأخضر للانتقام من دون قيد أو شرط قد ألحقت أضراراً بأماكن أخرى. ولفتت الصحيفة إلى أن العديد من الدول في العالم الإسلامي وخارجه قد تساءلت عن سبب عدم إظهار تعاطف مماثل مع المدنيين الفلسطينيين في غزة، الذين قتلوا بسبب القصف الانتقامي الإسرائيلي. وأردفت متسائلة: "إذا كان قطع روسيا للغذاء والماء والكهرباء عن المدن الأوكرانية جريمة حرب، فإنهم يتساءلون، لماذا لا تكون تكتيكات الحصار الإسرائيلية في غزة؟".
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن موقف الغرب تجاه الحرب بين إسرائيل وحماس يخلف تأثيراً كبيراً أيضاً في الاقتصادات الناشئة التي حثتها الديمقراطيات الغربية للانضمام إليها في إدانة العدوان الروسي على أوكرانيا. وأضافت "تصور المعايير الغربية المزدوجة الذي وُضع بالفعل هي هدية لموسكو وبكين".
تمرّد عالمي على ازدواجية الغرب
قالت فايننشال تايمز إن الغرب مطالب بإجراء موازنة معقدة، ويجب عليهم أن يحثوا إسرائيل على التراجع عن الأعمال التي يمكن أن تؤدي إلى خسائر أكبر في أرواح المدنيين. إذ من الممكن أن يؤدي سوء التوازن إلى تأجيج التوترات، ليس فقط في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، بل بين المجتمعات في الداخل.
وفي تقرير آخر، قالت صحيفة فايننشال تايمز إن الصراع بين إسرائيل وغزة قد تسبّب في إحداث انقسامات حادة داخل حزب العمل البريطاني، مع غضب بعض أوساطه بسبب القرار الذي اتخذته قياداته بعدم انتقاد الحصار الإسرائيلي على غزة وقصفها بقوة.
ويواجه كير ستارمر، زعيم الحزب، تمرداً متزايداً من قادة المجلس وأعضاء الحزب المؤثرين وقطاعات من اليسار بسبب دعمه غير المشروط في البداية لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها بعد هجوم المقاومة هذا الشهر.
وعلى الرغم من الدعم الغربي المطلق لإسرائيل ومحاولات مفكريهم العنصريين وقنواتهم الإعلامية تجريد الفلسطينيين من هويتهم الإنسانية، فإن العواصم الغربية كانت شاهدة في الأيام الأخيرة على خروج مظاهرات حاشدة لتأييد الفلسطينيين والتنديد بما يتعرّضون له من حصار خانق وقصف ممنهج يستهدف المدنيين.