"فرنسيون إن فازوا عربٌ إن خسروا".. معالم علاقة فرنسيين بمنتخبهم
إذا فازوا فهم فرنسيون، وإذا خسروا فهم مهاجرون أفارقة. هي ذي المعادلة التي يزن بها بعض الرأي العام الفرنسي أداء منتخبه، عنصرية في عمقها، تصعدُ إلى السطح متزامنة مع كل إخفاق جديد للديوك في تحصيلِ نتيجة ترضي جمهوره.
"فرنسيون إن فازوا عربٌ إن خسروا".. معالم علاقة فرنسيين بمنتخبهم (تويتر)

"إذا فازوا فهم فرنسيون، وإذا خسروا فهم مهاجرون أفارقة". هي ذي المعادلة التي يزن بها بعض الرأي العام الفرنسي أداء منتخبه، عنصرية في عمقها، تصعدُ إلى السطح متزامنة مع كل إخفاق جديد للديوك في تحصيلِ نتيجة ترضي جمهوره. علماً أن ذلك المنتخب يتكون أكثر من 70% من لاعبيه من ذوي أصول إفريقية، والجزء الكبير منهم من عائلات مسلمة.

واستجدت هذه المعادلة في البروز هذه المرة أيضاً، واللاعب الشاب من أصول كاميرونية جزائرية، كيليان مبابي، يخطئ تسجيل ضربة الجزاء الحاسمة، التي أقصت المنتخب الفرنسي من الدور ثمن النهائي لمسابقة كأس أوروبا للأمم، الجارية حالياً. نفس الشاب الذي كانت ترتج لخطوته شوارع باريس، فقط لأسابيع مضت، وهو يقود ناديها لتخطي عقبات عصبة الأبطال الأوروبية، ويقهر بأهدافه أعتى فرق القارة العجوز.

ركلة كيليان مبابي.. إخفاق تواجهه عنصرية!

لقد كانت حقاً لحظة عصيبة، وحارس المنتخب السويسري يتصدى لركلة الجزاء الترجيحيَّة من قدم النجم الشاب، الذي خفت خلال أطوار بطولة أوروبا للأمم الجارية حالياً، فلم يسجل هدفاً طوالها، بل كان سبباً في إقصاء المنتخب الفرنسي من الدور ثمن النهائي. كيليان مبابي، الذي كان ثقل ما وقع عليه كفيلاً بأن يتسبب له بانهيار، هو الذي حُمِّلَ مسؤولية إقصاء فريقه الوطني أمام أزيد من 65 مليون فرنسي.

غيرَ أن ردود الفعل التي تلت الواقعة لم تكن مقتصرة على لوعة الإخفاق، أو إحباط السقوط أمام منتخب مغمور. بل تعدتها إلى خطاب عنصري وعلى وسائل التواصل الاجتماعي استهدف اللاعب.

وفي تفاعلٍ مع هذه المنشورات، راسلَ النائب البرلماني الفرنسي سيج ليتشيمي، المحامي المشهور إريك ديبون موريتي، طالباً منه تحريك قضيَّة في هذا الصدد، قائلاً: "غدا الآن من غير المقبول السكوت عن خطاب الكراهيَّة هذا، والذي يجب بشكل تلقائي التحرك لاعتقال الواقفين خلفه والمحرضين عليه، ولدينا لحسن الحظ داخل القانون الفرنسي مقتضيات تمكننا من معاقبتهم".

العنصريَّة داخلَ المنتخب؟

ليست حالة مبابِّي الأولى داخل المنتخب الفرنسي كلاعب يعاني تنمرَ العنصريين من جمهور الفريق. بل، وفي نفس السياق، كشفت حوادث سابقة عمَّا هو أعمق من ذلك، أي عنصريَّة متجذرة داخل هياكل المنتخب نفسه، وداخلَ الصحافة الفرنسية التي تغطي نشاطاته.

وبالعودة إلى سنة 2016، حين أعلنها كريم بنزيما، مهاجم المنتخب الفرنسي ذو الأصول الجزائريَّة، بعدما تمَّ استثناؤه من تشكيلة المدرب ديدييه ديشون رغم النجاحات التي حققها طوال تلك السنة. ردَّ بنزيما وقتها قائلًا: "لقد رضخ المدرب ديشون للضغوطات العنصريَّة"، وربط بنزيما الأمر بصعود اليمين المتطرف وقتها، الذي لم يكف يوماً عن التحريض ضده. هذا اليمين الذي نجده يواصل تحريضه ذاك، كما هي الحال مثلًا عند الصحافي إيريك زيمور، الذي انتقد عودة بنزيما إلى صفوف المنتخب الفرنسي، معيراً إياه بأنه "من مجموعة اللاعبين الذين يخلقون الفوضى داخل الفريق"، فيما ليست مفاجأة أن تكون هذه المجموعة التي عيَّن زيمور أسماءها كلها من أصول إفريقية ومغاربيَّة.

وليس بنزيما وحده من وضع الأصبع وقتها مشيراً إلى وجود هذه العنصريَّة، فالنجم السابق لفريق مانشيستر يونايتد وبطل مونديال 1998 برفقة المنتخب الفرنسي، إيريك كانتونا، سبق له أن كشف هو الآخر أن ما حرم بنزيما ولاعبين آخرين من اللعب في المنتخب سنة 2016، هو أصولهم المغاربيَّة. قائلًا في حديثه وقتها للغارديان البريطانية: إن "كريم بنزيما وحاتم بن عرفة هما أفضلُ لاعبين فرنسيين، لكنهما لن يلعبا في اليورو (2016).. من المؤكد أن هذا راجع لأصولهما المغاربيَّة".


TRT عربي