معبر رفح.. جسر إنساني يربط بين الأمل والتحديات السياسية
معبر رفح البري هو معبر حدودي يقع في المنطقة الجنوبية بين مدينة رفح وشوكة الصوفي، ويُعتبر منفذاً دولياً يصل قطاع غزة بجمهورية مصر العربية، ويمتد بين قطاع غزة في فلسطين وشبه جزيرة سيناء في مصر.
يتصدر معبر رفح القائم على الحدود المصرية-الفلسطينية سلسلة المعابر الحدودية التي تربط بين قطاع غزة ومصر (Others)

تعد الحدود المشتركة بين الدول رموزاً للتواصل والتفاهم بين الشعوب، إذ يتصدر معبر رفح القائم على الحدود المصرية-الفلسطينية سلسلة المعابر الحدودية التي تربط بين قطاع غزة ومصر، وهو يمثل نقطة تلاقي بين الأمل والتحديات السياسية والاقتصادية.

يعتبر معبر رفح ممراً حيوياً للسلع والأشخاص، إذ يسمح بتدفق البضائع والمساعدات الإنسانية إلى سكان قطاع غزة، الذين يواجهون تحديات كبيرة في الوصول إلى احتياجاتهم الأساسية، ومع ذلك يتميز هذا المعبر بتاريخ معقد وسجل طويل من التوترات والتغييرات السياسية التي تأثرت بهذه المنطقة الحساسة.

سنتحدث في هذا المقال عن تاريخ المعبر وأهميته بالنسبة لفلسطين، وسنتحدث عن الأطماع الاسرائيلية حول هذا المعبر وعن عمليات القصف الذي تعرض لها.

أين يقع معبر رفح؟

معبر رفح البري هو معبر حدودي يقع في المنطقة الجنوبية بين مدينة رفح وشوكة الصوفي، ويُعتبر منفذاً دولياً يصل قطاع غزة بجمهورية مصر العربية، ويمتد بين قطاع غزة في فلسطين وشبه جزيرة سيناء في مصر، أُنشئ هذا المعبر بعد التوصل إلى اتفاق سلام مصري-إسرائيلي في عام 1979 وانسحاب إسرائيل من سيناء في عام 1982.

سيطرت هيئة المطارات الإسرائيلية على إدارته حتى 11 سبتمبر/أيلول 2005، وعندما انسحبت إسرائيل من قطاع غزة، نُشر مراقبون أوروبيون لمراقبة حركة المعبر.

منذ الثورة المصرية في عام 2011، شهد معبر رفح تغييرات مهمة، إذ قررت الحكومة المصرية فتح المعبر بصفة دائمة اعتباراً من مايو/أيار 2011 بعد أربع سنوات تقريباً من الإغلاق، ولكن جرى تنفيذ إجراءات تنظيمية وإجراءات أمان أكثر صرامة على المعبر لمراقبة حركة الأشخاص والبضائع.

تاريخ معبر رفح

تاريخ معبر رفح معقد ومثقل بالأحداث والتطورات السياسية والاجتماعية في الشرق الأوسط، سنلقي نظرة عامة على تاريخ هذا المعبر:

تأسيس المعبر: جرى تأسيس معبر رفح معبراً حدودياً بين مصر وفلسطين عقب نهاية الحرب العربية الإسرائيلية في عام 1948، في البداية جرى تسييره معبراً للأشخاص والبضائع بين قطاع غزة ومصر.

الاحتلال الإسرائيلي: بعد احتلال إسرائيل لغزة في حرب عام 1967، أغلق معبر رفح وقُطع الاتصال بين قطاع غزة ومصر، بدأ الفلسطينيون يعانون من حصار إسرائيلي صارم.

اتفاقية أوسلو: بموجب اتفاقية أوسلو لعام 1993، جرى التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل والسلطة الوطنية الفلسطينية بشأن إعادة فتح معبر رفح للأشخاص والبضائع.

انسحاب إسرائيل: في عام 2005، أجرت إسرائيل انسحاباً أحادياً من قطاع غزة وأغلقت مستوطناتها في القطاع، فتح هذا الباب أمام إعادة فتح معبر رفح بمشاركة مصر.

الحكم السياسي: في عام 2007، تولت حركة حماس السلطة في قطاع غزة بعد صراع دامٍ مع فتح، أدى هذا إلى تغييرات في إدارة المعبر والسيطرة عليه.

التوترات الدائمة: خلال الأعوام اللاحقة، شهد معبر رفح توترات دائمة بين الأطراف المختلفة، بما في ذلك إسرائيل والسلطة الفلسطينية ومصر، هذه التوترات تأثرت بالصراع الإسرائيلي-الفلسطيني والسياسات الأمنية والإنسانية.

معبر رفح ما بعد الرئيس مرسي

تفاقمت معاناة الغزيين على معبر رفح منذ إطاحة الجيش المصري بالرئيس الراحل محمد مرسي في عام 2013، إذ تغلق السلطات المصرية المعبر لفترات طويلة وتفتحه استثنائياً لأيام قليلة فقط للحالات الإنسانية.

يتعرض المسافرون الفلسطينيون لمعاناة كبيرة على المعبر، حيث يواجهون إهانات وأوضاعاً صعبة، إضافة إلى أن تكاليف السفر زادت بشكل كبير، وأن ابتزازاً وسرقة تحدث خلال الرحلة، بالإضافة إلى ذلك يجد الأشخاص صعوبة في العثور على مرافق نظيفة وآمنة للراحة أو حتى الحمامات.

هذه الأوضاع تجعل رحلة المسافرين تجربة صعبة ومرهقة، وتزيد معاناتهم وصعوبة حياتهم على المعبر.

معبر رفح (Others)

أبرز وظائف معبر رفح

معبر رفح يؤدي عديداً من الوظائف الهامة، منها:

توصيل الأفراد: يسمح معبر رفح بتوصيل الأفراد بين قطاع غزة ومصر، يشمل هذا المواطنين العاديين والمسافرين، بما في ذلك الركاب الذين يسعون لزيارة العائلة أو الأصدقاء في البلدين أو العمال الذين يعبرون الحدود يومياً للعمل.

نقل البضائع: يُستخدم المعبر لنقل البضائع والسلع بين قطاع غزة ومصر، ويشمل ذلك الإمدادات الغذائية والمواد الأساسية والمساعدات الإنسانية، وتسهيل حركة البضائع عبر المعبر يلعب دوراً حاسماً في تلبية احتياجات سكان قطاع غزة.

دور إنساني: يعتبر المعبر أحد القنوات الرئيسية لدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، مثل الأدوية والمعدات الطبية والمساعدات الغذائية، يساعد هذا في تلبية احتياجات السكان الضرورية.

التجارة: المعبر يسهم في تسهيل حركة التجارة والأعمال بين قطاع غزة ومصر، خاصة في الاستيراد والتصدير للبضائع والمنتجات.

التواصل الاجتماعي والعائلي: يتيح المعبر للأفراد اللقاء مع أفراد عائلتهم وأصدقائهم في مصر وقطاع غزة، مما يعزز التواصل الاجتماعي والروابط العائلية.

السفر والسياحة: يسمح المعبر للمواطنين بالسفر إلى مصر ومنها إلى عديد من الوجهات الدولية، يشمل هذا السفر لأغراض سياحية وطبية وتعليمية.

مواعيد العمل في معبر رفح

أصدرت الهيئة العامة للمعابر والحدود في داخلية غزة تنويهاً بشأن ساعات العمل في معبر رفح البري، وأوضحت الهيئة في بيان أن العمل في المعبر سيكون في أيام العمل الرسمية من الأحد إلى الخميس، سيجري العمل في المعبر حتى الساعة 05:00 مساءً بالتوقيت المحلي لقطاع غزة، وناشدت الهيئة المسافرين القادمين إلى القطاع اتخاذ التدابير اللازمة لمراعاة هذا التوقيت عند وصولهم إلى الجانب المصري من المعبر.

إسرائيل ترغب بالسيطرة على معبر رفح

ما ذُكر يشير إلى الجدل السياسي والأمني القائم حول معبر رفح وسيطرة إسرائيل على دخول الأفراد والبضائع إلى قطاع غزة. يُشدد الفلسطينيون وعديد من المجتمعات الدولية على الحاجة إلى إعادة النظر في هذه السيطرة والممارسات المتعلقة بالمعبر.

معبر رفح هو قضية حساسة ومتشعبة تمثل جزءاً من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الأوسع، سياسياً تُجرى المفاوضات والحوارات بين الأطراف المعنية لإيجاد حل للوضع، إذ إن اتفاقيات وبروتوكولات متعددة تتعلق بمعبر رفح وحركة البضائع والأفراد، لكن قد يكون لتنفيذها والتزام الأطراف إياها تحديات كبيرة.

التوترات والاختلافات بشأن معبر رفح تعكس طبيعة الصراع الدائم في المنطقة وتأثيره في الحياة اليومية للفلسطينيين في قطاع غزة.

القصف الإسرائيلي على معبر رفح في أحداث طوفان الأقصى

دخان يتصاعد من معبر رفح الحدودي في غزة مع مصر خلال غارة جوية إسرائيلية (AFP)

معبر رفح بين قطاع غزة ومصر تعرض لقصف إسرائيلي مرتين خلال أحداث طوفان الأقصى، واستهدف القصف المنطقة العازلة بين البوابتين المصرية والفلسطينية للمعبر، مما أدى إلى إلحاق أضرار بالقاعة الداخلية في الجانب الفلسطيني للمعبر.

وذكرت منظمة سيناء لحقوق الإنسان أن مقاتلات إسرائيلية نفذت القصف، مما أدى إلى إغلاق المعبر مرة أخرى، في وقت سابق عادت شاحنات تحمل وقوداً ومواد إغاثية من معبر رفح إلى العريش في شمال سيناء بعد تهديد إسرائيل بشن هجمات.

وأفادت وزارة الداخلية في قطاع غزة بأن إدارة معبر رفح في الجانب المصري أبلغت الفرق الفلسطينية بضرورة إخلاء المعبر نظراً لتلقيها تحذيرات إسرائيلية بشأن تنفيذ هجوم على المعبر، هذه الأحداث تعكس التوترات الدائمة في المنطقة وتأثيرها في حياة السكان وحركة البضائع والإغاثة في قطاع غزة.

ماذا يشكل معبر رفح لقطاع غزة؟

معبر رفح هو الممر الوحيد لقطاع غزة إلى العالم الخارجي، منذ مايو/أيار 2018، تركت مصر معبر رفح مفتوحاً لمعظم الفترات بعد سنوات من إغلاق شبه دائم، ويُعد هذا المعبر الممر الوحيد الذي يربط سكان قطاع غزة بالعالم الخارجي، والمهم أنه يتمتع بحالة استثنائية إذ لا تسيطر عليه إسرائيل.

ومع ذلك، تقول القناة الـ12 الإسرائيلية إن إسرائيل أرسلت تحذيراً إلى مصر بشأن تقديم المساعدة إلى غزة، إذ تفيد الرسالة بأنه حال جلب إمدادات إلى غزة، ستقصف إسرائيل الشاحنات.

وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت فرض حصار كامل على قطاع غزة وقطع جميع الإمدادات من مياه وغذاء وكهرباء ووقود بعد إطلاق المقاومة الفلسطينية معركة "طوفان الأقصى" ضد إسرائيل.

وفي الحروب السابقة على غزة، كانت الدول والمنظمات ترسل المساعدات الإغاثية إلى غزة من خلال معبر رفح الحدودي بين القطاع ومصر.

معبر رفح الآن

صرح اللواء محمد عبد الفضيل شوشة، محافظ شمال سيناء، بأن معبر رفح على الحدود المصرية-الفلسطينية متاح ومفتوح لاستقبال الجرحى والمصابين من الفلسطينيين في ظل الهجمات والقصف الذي يستهدف قطاع غزة.

وأكد اللواء شوشة أن مصر تقدم المساعدات الإنسانية والطبية لفلسطين جزءاً من واجب إنساني تجاه الشعب الفلسطيني، كما أشار إلى أن معبر رفح سيظل مفتوحاً لاستقبال الجرحى والمصابين، والسماح بدخول المساعدات الطبية والأدوية إلى قطاع غزة من خلال مصر.

وأضاف المحافظ أن جميع المديريات في شمال سيناء جرى توجيهها لاتخاذ الجاهزية لمواجهة أي أزمات قد تحدث نتيجة للأحداث الجارية في قطاع غزة.

أهمية معبر رفح لفلسطين

بموجب اتفاقية المعابر الموقعة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية في نوفمبر/تشرين الثاني 2005، يُسمح لكل فلسطيني يحمل هوية فلسطينية بالعبور عبر معبر رفح، ويُستخدم المعبر لتصدير البضائع الفلسطينية، وبشكل خاص المنتجات الزراعية، على الرغم من معارضة إسرائيل لذلك.

TRT عربي