زلزال هاطاي الأخير يثير تساؤلات.. هزة ارتدادية قوية أم زلزال جديد؟
تعرضت مقاطعة هاطاي التركية لزلزال شديد بلغت قوته 6.4 درجة بعد أسبوعين فقط من الزلزال المزدوج المدمّر الذي وقع في السادس من الشهر الجاري، مما أثار القلق بشأن ما إذا كان عبارة عن هزة ارتدادية أو زلزالاً كبيراً آخر.
تتيح الحملة لفاعلي الخير الذين يمتلكون منازل إضافية تخصيصها للمتضررين من كارثة الزلزال مجانا أو تأجيرها بأسعار مناسبة لهم / صورة: AP (AP)

ضرب زلزال بقوة 6.4 درجة أعقبته هزة ارتدادية بقوة 5.8 درجة مقاطعة هاطاي في 20 فبراير/شباط الجاري، أي بعد أسبوعين من الزلزال المزدوج الذي خلّف عشرات الآلاف من القتلى وأثّر في ملايين السكان في جنوبيّ تركيا وشماليّ سوريا.

وأكّدَت وكالة إدارة الكوارث التركية المعروفة اختصاراً بـ"أفاد"، في 21 فبراير/شباط، أن الزلزال الأخير تَسبَّب في مقتل ستة أشخاص جدد على الأقل وإصابة 294 شخصاً آخرين. وقد حُدّد مركز الزلزال في منطقة دفنه في ولاية هاطاي، وتبع ذلك 90 هزة ارتدادية.

أثار الحدث الأخير تساؤلات عما إذا كان زلزالاً جديداً أو هزة ارتدادية كبيرة مرتبطة بالزلزال المزدوج الذي وقع في 6 فبراير.

"أعتقد أنها هزة ارتدادية"، هذا ما صرح به العالم المتخصص بالزلازل آسين سابنجو لـTRT World، معلّلاً ذلك بأن "الصدع الذي بدأ من قهرمان مرعش، الذي نسميه قطاع أمانوس، خُلخِل حتى أنطاكية".

يُذكر أن المناطق المنكوبة شهدت بالفعل آلاف الهزات الأرضية في الأسبوعين الماضيين.

وفقاً لسابونجو، كان لزلزال يوم الاثنين معدَّل تسارع قوي مثل الذي سبقه بسبب سنوات من تراكم الطاقة العالية في منطقة الزلزال.

وأضاف أن زلزال يوم الاثنين وقع في منطقة شديدة الضحالة، تقع عند الناقل الحدودي بين الصفائح، الأمر الذي أدّى إلى تَمزُّق ما يُعرف بالفالق المائل.

وأضاف سابونجو أنه بسبب هذا الفالق المائل، ربما اعتقد بعض علماء الجيولوجيا أنه صدع جديد، لكن هذا النوع من التغيير الهندسي يمكن ملاحظته عند حدود الصدع طوال الوقت.

وقال إن مثل هذه الحالة يمكن رؤيتها أيضاً في أجزاء الصدع الواقعة في فالق شمال الأناضول في بحر مرمرة، لأن ناقل أو حدود التحويل Transform Boundary تتطلب هذا النوع من الهندسة.

عادة ما يُشرَح السلوك العامّ للهزات الارتدادية بمبدأين: الأول، المعروف باسم قانون أوموري Omori's Law، الذي يُتنبأ فيه بأن غالبية الهزات ستحدث مباشرة بعد الزلزال وتنخفض تدريجياً في التردد بمرور الوقت. والآخر يُعرف باسم قانون باث Bath's Law، الذي يشير إلى أن أكبر هزة ارتدادية في المتوسط تكون أضعف بنحو 1.2 درجة من الزلزال الأساسي.

الزلازل المزدوجة وتوابعهما

بناء على ذلك، عندما يقع حدث زلزالي قوي بعد وقوع زلزال، فإن الحدث السابق يُصنَّف تلقائياً على أنه الهزة المنذرة، إذ تُوصف كُبراها دائماً بالصدمة الرئيسية، والباقي إما هزات منذرة وإما هزات ارتدادية.

3 زلازل كبرى هزت تركيا خلال أسبوعين (TRT Arabi)

وفقاً لتقرير نشره مركز معلومات الزلازل الوطني التابع لهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، فإن زلزال 6 فبراير الذي بلغت قوته 7.7 درجة كان ناتجاً عن صدعين يتحركان جانبياً متضادَّين. يُذكر أن تركيا تقع بين صفيحتين تكتونيتين رئيسيتين تضغطان على البلاد بقوة، وقد نتج هذا الزلزال تحديداً عن خطّ صدع شرق الأناضول، وهو الموقع الذي تسبب في عدد من الزلازل الشديدة عبر التاريخ. يمتدّ صدع شرق الأناضول 434 ميلاً عبر جنوب شرقي تركيا.

بعد ما يقرب من تسع ساعات من وقوع الزلزال الأول الذي بلغت قوته 7.7 درجة في منطقة بازارجيك في قهرمان مرعش في الساعة 04:17 يوم الاثنين في تركيا، وقع زلزال ثانٍ بقوة 7.6 درجة. عادة يمكن اعتبار هذا بسهولةٍ هزةً ارتدادية (على الرغم من شدتها غير المعتادة). ومع ذلك قال الخبراء إن الوضع هذه المرة في تركيا أكثر تعقيداً.

قالت خبيرة الزلازل جوديث هوبارد في بيان حول هذا الموضوع: "إذا نظرنا إلى خريطة الزلازل في المنطقة ولاحظنا الزلزال الذي بلغت قوته 7.7 درجة والزلزال التالي بقوة 7.6 درجة، فإننا نرى مجموعتين مختلفتين من النشاط. فالصدمة التي كانت بقوة 7.6 درجة وقعت على صدع مغاير، وهذا يعني أنه هزة ارتدادية هنا، بل صدمة ثانية على صدع آخر نتج عن الزلزال الأول الذي بلغت قوته 7.7 درجة ناحية الجنوب".

لذلك أثار الزلزال الأخير الذي ضرب مقاطعة هاطاي بقوة 6.4 درجة ارتباكاً بين الناس حول ما إذا كان يُعتبر زلزالاً رئيسياً ثالثاً جاء نتيجة الزلزال السابق. على أي حال، يعتقد عديد من العلماء الذين شاركوا تعليقاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي أنها كانت هزة ارتدادية قوية.

ذكر جاشا بوليت، وهو عالم متخصص في الزلازل، أنه "وفقاً لقانون أوموري فإن من المتوقع أن ينخفض عدد الهزات الارتدادية بمرور الوقت منذ حدوث الصدمة الرئيسية، ولكن تبقى احتمالية أن الهزات الارتدادية المتأخرة نسبياً في التسلسل الزمني قد تكون كبيرة ومدمرة".

كما سلّط عالم جيولوجي آخر، هو روبن لاكاسين، الضوء على إمكانية حدوث هزات ارتدادية قوية يمكن أن تقع بعد أسابيع وربما شهور من الزلزال الرئيسي.

وفقاً لسابنجو، يمكن أن تؤدّي القوة المنخفضة للأرض في المنطقة المشار إليها وهيمنة الطمي (المترسب من العصر الرباعي) على أساس الهياكل الصخرية، إلى تغيير قيم التسارع وقيم استشعار الزلزال. لذلك فإن زلزالاً لا يتمتع بمدة طويلة، قد يسبّب تذبذبات عالية في بعض المناطق.

ويؤكّد سابنجو أن زلزالاً بقوة 6.4 قد يولّد قوة ترتفع إلى السطح تؤدِّي إلى تفتيت القشرة الأرضية، وهذا يمكن أن يقود إلى توقُّع حدوث زلزال آخر بهذا الحجم في المنطقة. ويختم حديثه بقوله: "طول الصدع هناك ممتدّ تماماً حتى البحر. هذا يعني أنه يمكننا أن نرى زلازل مماثلة لمرات متعددة".

TRT عربي