فوز أردوغان.. كيف سيؤثر في العلاقات بين تركيا ودول الشرق الأوسط؟
من المرجّح أن يسهم فوز الرئيس رجب طيب أردوغان بانتخابات الرئاسة التركية وتقدم حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البرلمانية، في تعزيز العلاقات بين أنقرة ودول الشرق الأوسط.
الرئيس أردوغان يحدد توجهات ولايته الجديدة / صورة: AA (AA)

من المرجّح أن يسهم فوز الرئيس رجب طيب أردوغان بانتخابات الرئاسة التركية وتقدم حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البرلمانية، في تعزيز العلاقات بين أنقرة ودول الشرق الأوسط، إذ تتبنى تركيا توجهاً استراتيجياً يركز على تعزيز الروابط الاقتصادية والتجارية والتعاون الأمني والعسكري مع دول المنطقة.

ومع ذلك، قد تبرز بعض التحديات التي يجب التعامل معها، مثل الأزمة السورية والصراعات الإقليمية الأخرى، والتي قد تؤثر على العلاقات التركية في الشرق الأوسط وتتطلب مضاعفة الجهود الدبلوماسية لمنع التصعيد.

ترحيب إقليمي

وفور إعلان تقدم أردوغان بنتائج الانتخابات سارعت دول المنطقة والعالم في تقديم التهاني لفوزه في انتخابات الرئاسة، بعد تقدمه على منافسه زعيم المعارضة كمال كليجدار أوغلو.

وتصدّر أردوغان الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي جرت في 28 مايو/أيار 2023 بفارق مريح بحصوله على 52.18% من الأصوات، مقابل 47.82% لمنافسه، حسب بيانات الهيئة العليا للانتخابات.

وكان أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أول الزعماء المهنئين بفوز أردوغان في الجولة الثانية معرباً عن أمله في أن تحقق تركيا المزيد من التقدم والرخاء، وأن تشهد علاقات البلدين القوية مزيداً من التطور والنماء.

كما تلقى الرئيس التركي التهاني من الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، بمناسبة إعادة انتخابه لفترة رئاسية جديدة.

وبعث الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان برقية تهنئة أعرب من خلالها عن أمله في مواصلة العمل معاً "لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين"، كما بعث الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي والشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس الدولة، برقيات تهنئة مماثلة.

وبعث زعماء وقادة دول الكويت والبحرين وسلطنة عُمان برقيات تهنئة إلى أردوغان لحصوله على ثقة الشعب التركي لولاية رئاسية جديدة، مؤكدين تعزيز علاقات الصداقة والتعاون مع تركيا بما يحقق المزيد من التطور والنماء لشعوب المنطقة.

ولا يختلف الأمر كثيراً في بقية دول الشرق الأوسط، حيث بعثت إيران والعراق والأردن ولبنان وفلسطين واليمن برقيات تهنئة إلى الرئيس التركي لفوزه في الانتخابات الرئاسية.

وتعكس هذه التهاني رغبة دول الشرق الأوسط في المحافظة على التواصل والتعاون القائم مع تركيا، واستمرار عمل القيادة التركية كشريك إستراتيجي في مواجهة التحديات الإقليمية المشتركة.

وشهدت مراسم تنصيب الرئيس أردوغان لولاية رئاسية جديدة بالعاصمة أنقرة في 3 يونيو/حزيران حضوراً عربياً كبيراً، حيث شارك قادة ومسؤولون من دول عربية عديدة.

علاقات دبلوماسية

ومن المثير للانتباه أنه بعد ساعات على إعلان فوز أردوغان، أعلنت الرئاسة المصرية عن اتفاق البلدين على البدء الفوري برفع مستوى العلاقات الدبلوماسية وتبادل السفراء.

وأشار المتحدث باسم الرئاسة المصرية المستشار أحمد فهمي إلى تأكيد الرئيسين على عمق الروابط التاريخية التي تربط البلدين والشعبين المصري والتركي، حيث اتفقا على تدعيم أواصر العلاقات والتعاون بين الجانبين.

بدورها أوضحت الرئاسة التركية، في بيانها أن الاتصال بين أردوغان والسيسي "تناول عدداً من المسائل لا سيما الخطوات التي يجب اتخاذها من أجل توطيد العلاقات التركية المصرية والقضايا الإقليمية، واتفق الزعيمان على تبادل السفراء في البلدين".

ونقل القسم العربي إلى موقع BBC عن السفير رخا أحمد، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية وعضو الجمعية المصرية للأمم المتحدة قوله، إن "عودة العلاقات بين قطبين كبيرين في المنطقة تسهم بلا شك في تعظيم المصالح المشتركة بينهما، وربما تسهم في احتواء الأزمات التي طال أمدها أكثر من 12 عاماً".

ونوّه أحمد إلى أن "الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدول يؤديان إلى احتواء الخلافات، ولا يمكن أن نقول إنها ستنتهي مئة في المئة، لكن يمكن احتواؤها لأن المصالح المشتركة أكبر بكثير من الخلافات، بدليل استمرار العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين".

شراكات اقتصادية

وبعد يومين من فوز الرئيس التركي أعلنت الإمارات العربية المتحدة عن مصادقتها على اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة مع تركيا تمهيداً لتفعيلها.

وقال وزير الدولة للتجارة الخارجية في الإمارات ثاني الزويدي، في 31 مايو/أيار 2023، إن الاتفاقية ستسهم في نمو التجارة غير النفطية وازدهارها بين البلدين إلى ما يتجاوز 40 مليار دولار سنوياً خلال 5 سنوات.

يشار إلى أن البلدين وقعا في مارس الماضي على اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة، هدفها تعزيز التبادل التجاري وزيادة التدفقات الاستثمارية وخلق الفرص المشتركة في القطاعات ذات الأولوية، وتوفير نحو 25 ألف وظيفة جديدة في البلدين بحلول عام 2031.

وتشمل الاتفاقية فتح أسواق جديدة في قطاعات حيوية مثل الأمن الغذائي وتقنيات الزراعة والتكنولوجيا المالية والاتصالات واللوجستيات والطاقة المتجددة والعقارات، والطاقة النظيفة والخدمات اللوجستية والبناء، وغير ذلك.

ويتوقع مراقبون أن تؤدي نتائج الانتخابات التركية إلى مزيد من الانفتاح بين تركيا ودول الشرق الأوسط، بخاصة مع مصر والسعودية وسيجري التركيز على التعاون الاقتصادي والأمني بما يسهم في استقرار المنطقة.

ويرى محللون أن الفترة المقبلة تشهد مزيداً من التواصل مع مصر والسعودية، لرفع الاستثمارات البينية بين الدول الثلاث، إذ تنظر تركيا إلى مصر باعتبارها بوابة إفريقيا وذات أهمية كبيرة في المنطقة، فضلاً عن ما تمثله السعودية في منطقة الخليج.

فيما يرجّح أن يسهم مشروع "طريق التنمية" في تعزيز الشراكة والترابط بين تركيا ودول الخليج عبر العراق، تسعى بغداد إلى التفاهم مع أنقرة في ملفات عديدة أبرزها معضلة المياه بين الطرفين، وأنشطة تنظيم PKK الإرهابي وتصدير النفط عبر ميناء جيهان التركي.

العلاقات مع تل أبيب

وشدد الباحث الإسرائيلي في مركز بيغن السادات للدراسات الاستراتيجية، شاي هار تسفي، على ضرورة تعزيز تل أبيب العلاقات "الهشة" مع تركيا بعد فوز أردوغان بولاية جديدة.

وأضاف الباحث في مقال نشرته صحيفة "معاريف" في 30 مايو/أيار 2023، أن "التغييرات بعيدة المدى في سلوك الرئيس أردوغان على الساحة الداخلية وفي السياسة الخارجية التركية غير متوقعة، على الأقل في المستقبل القريب".

وأشار إلى أن علاقات تركيا مع إسرائيل ازدهرت خلال العام الماضي نتيجة التغيرات في السياسة الخارجية التركية، لكنه توقع أن تبقى المقدسات في القدس، وتعامل إسرائيل مع الفصائل الفلسطينية، بؤرة توتر وخلافات بين أنقرة وتل أبيب.

TRT عربي