وقال حاكم المنطقة، سيرغي ليساك، عبر قناته على تليغرام: "المنطقة تتعرض لهجوم كبير. يُسمع دوي انفجارات". ومنذ بداية الحرب الأوكرانية-الروسية في فبراير/شباط 2022، بقيت دنيبروبيتروفسك بعيدة إلى حد كبير عن المعارك المباشرة، لكن كييف أقرت، الثلاثاء، بأنّ قوات روسية دخلت المنطقة، فيما أكدت موسكو أنها حققت تقدماً ميدانياً هناك.
وفي الجنوب أفاد حاكم زابوريجيا، إيفان فيدوروف، بوقوع انفجارات ونشر صورة لمنزل محترق في عاصمة المنطقة، معلناً انقطاع التيار الكهربائي، وقال: "ضرب الروس المدينة بثلاث مسيّرات على الأقل". وتُعَدّ دنيبروبيتروفسك خارج المناطق الخمس التي أعلنت موسكو ضمها، وهي دونيتسك، وخيرسون، ولوغانسك، وزابوريجيا، وشبه جزيرة القرم.
وفي موازاة التصعيد الميداني، قالت الولايات المتحدة، الجمعة أمام مجلس الأمن الدولي إنّ الضربات الصاروخية وهجمات الطائرات المسيّرة الروسية، التي تسفر عن سقوط قتلى في أوكرانيا، "تلقي بظلال من الشك على جدية رغبة روسيا في السلام".
وحذّر الدبلوماسي الأمريكي جون كيلي من أن واشنطن قد تفرض عقوبات إضافية على موسكو إذا واصلت الحرب، قائلاً: "الولايات المتحدة تدعو روسيا إلى تجنّب هذه العواقب من خلال وقف العنف والانخراط بشكل بنّاء لإنهاء الحرب". وأضاف: "يجب على روسيا أن تقرر الآن التحرك نحو السلام. يجب أن يتفق قادة روسيا وأوكرانيا على الاجتماع بشكل ثنائي".
وكانت روسيا شنّت، الخميس، هجوماً ضخماً بالصواريخ والطائرات المسيّرة أسفر عن سقوط قتلى في كييف ومدن أخرى. وقال كيلي إنّ هذه الضربات على المناطق المدنية "تلقي بظلال من الشك على جدية رغبة روسيا في السلام. يجب أن تتوقف هذه الضربات على الفور".
وفي الجلسة نفسها، شددت رئيسة الوزراء الأوكرانية، يوليا سفيريدينكو، على أن "روسيا لا تزال تختار القتل على إنهاء الحرب"، مؤكدة أنه يتعين أخذ ذلك بالاعتبار في الجهود الرامية إلى التوصل إلى حل سلمي يضمن سيادة أوكرانيا وحماية الشعب الأوكراني، "خصوصاً الأطفال". وأضافت: "يجب أن يشعر شعبنا بالأمان بالفعل اليوم. ولهذا السبب يظل وقف إطلاق النار شرطاً أساسياً لنجاح المفاوضات المستقبلية".
من جانبه، قال دميتري بوليانسكي، نائب السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، إنّ موسكو مستعدّة للنظر في عقد قمة مع أوكرانيا "شريطة أن يكون لمثل هذا الاجتماع والمضمون الموضوعي له إعداد مسبق شامل، وإلا فلن يكون له أي معنى ببساطة"، مضيفاً أن الولايات المتحدة "تتفهم أكثر فأكثر الحاجة إلى معالجة الأسباب الجذرية للنزاع، التي من دونها لن يكون من الممكن التوصل إلى حل".
وعلى خط موازٍ، دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الحلفاء إلى تسريع رفع مستوى المحادثات بشأن الضمانات الأمنية لبلاده إلى مستوى القادة، مؤكداً أن أوكرانيا تحتاج إلى التزامات "مشابهة لتلك التي يقدمها حلف شمال الأطلسي لحمايتها من أي غزو مستقبلي".
وقال زيلينسكي إنه سيواصل خلال الأسبوع المقبل مناقشة هذه المسألة مع القادة الأوروبيين، معتبراً أن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب يجب أن يكون جزءاً من هذه المحادثات.
وجاءت تصريحاته قبيل لقاء مدير مكتبه أندريه يرماك مع المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف في نيويورك، لبحث زيادة الضغط على موسكو. وقال مسؤول أمريكي كبير إن الأوكرانيين دعوا ويتكوف إلى زيارة أوكرانيا، فيما أكد يرماك لاحقاً أنه عرض أمامه تداعيات الهجوم الروسي الضخم على كييف الذي أسفر عن مقتل 25 شخصاً، قائلاً إن الهجوم "يظهر أن روسيا لا تبدي حتى أي رغبة في إنهاء الحرب"، وأضاف: "هذا يعني أننا يجب أن نواصل الضغط وأن نناقش الخطوات المقبلة".
كما أعلن زيلينسكي أن روسيا حشدت نحو 100 ألف جندي قرب مدينة بوكروفسك شرقي أوكرانيا، معتبراً أن الوضع هناك "الأكثر إثارة للقلق" حالياً، وأن موسكو تستعد لعمليات هجومية. وأوضح أن القوات الأوكرانية تتصدى أيضاً لهجمات روسية في منطقة سومي شمال شرقي البلاد. وتُعَدّ بوكروفسك مركزاً لوجيستياً مهماً للقوات الأوكرانية وتقع عند تقاطع طرق استراتيجية.
وفي موسكو، أعلن وزير الدفاع الروسي أندريه بيلوسوف أن الجيش ضاعف وتيرة تقدمه في أوكرانيا، موضحاً أنه بات يسيطر شهرياً على ما بين 600 و700 كيلومتر مربع، مقارنة بما بين 300 و400 كيلومتر مربع في مطلع العام.
وأكد بيلوسوف أن روسيا وجّهت هذا العام 35 ضربة جوية استهدفت 146 هدفاً "بالغ الأهمية"، ما ألحق أضراراً بنحو 62% من المؤسسات الرئيسية في المجمع الصناعي العسكري الأوكراني. وأضاف: "أود أن أسلط الضوء بشكل خاص على الضربات التي أسفرت عن تقليص القدرة الإنتاجية، وكذلك تلك التي استهدفت المراكز اللوجستية ومواقع إطلاق الطائرات المسيّرة طويلة المدى".
وأوضح أن روسيا تحتاج إلى تعزيز قدراتها في مجال الطائرات المسيّرة، بما في ذلك تسريع تدريب مشغليها. ولم يتسنّ لوسائل الإعلام التحقق من صحة ادعاءاته بشأن التطورات الميدانية.
ومنذ 24 فبراير/شباط 2022 تشنّ روسيا هجوماً عسكرياً على جارتها أوكرانيا، وتشترط لإنهائه تخلي كييف عن الانضمام إلى كيانات عسكرية غربية، وهو ما تعتبره كييف "تدخلاً" في شؤونها.