مرور 65 عاماً على العدوان الثلاثي على مصر الذي استمرّ لسبعة أيام متتالية (Others)
تابعنا

مرت 65 عاماً على العدوان الثلاثي على مصر الذي استمر لسبعة أيام متتالية بدءاً من يوم 29 أكتوبر/تشرين الأول حتى يوم 6 نوفمبر/تشرين الثاني من عام 1956، عندما تحالفت بريطانيا وفرنسا وإسرائيل للهجوم على مصر من البرّ والجوّ والبحر، ردّاً على المواقف القومية التي كان ينتهجها الرئيس المصري جمال عبد الناصر تجاه القضايا العربية، وبالأخصّ فلسطين والجزائر.

وكما هو حال الحروب الأخرى، كان على البلدان الثلاثة المشاركة في العدوان أن تبحث عن ذرائع لتبرير دخولها الحرب مع مصر، فبريطانيا من جانبها اعتبرت تأميم عبد الناصر قناة السويس بمثابة إعلان حرب من مصر، فيما رأت إسرائيل في النظام المصري الجديد تهديداً حقيقياً لاستمرار وجودها، تزامناً مع تصريحات عبد الناصر الحادَّة التي تعتبر الوجود الإسرائيلي في فلسطين مجرد حالة استثنائية مؤقتة.

أما فرنسا فالأمر مختلف نوعاً ما، لأنها دخلت الحرب انتقاماً من المواقف المصرية القومية الداعمة للثورة الجزائرية، ومحاولة منها لإبطال الدور المحوري الذي لعبه نظام عبد الناصر من خلال تقديم أشكال الدعم السياسي والدبلوماسي والعسكري كافة للثورة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي.

الدعم المصري للثورة الجزائرية

في أعقاب ثورة 23 يوليو/تموز 1952 ووصول الضباط الأحرار برئاسة جمال عبد الناصر إلى سُدّة الحكم في مصر، أصبحت مصر في تلك الحقبة من أبرز الداعمين لنضال الشعوب التي تبحث عن الحرية والاستقلال على مستوى العالم، فإلى جانب دعمها لثورة أشقائها في الجزائر، دعمت القاهرة ثورات الشعوب من الهند إلى كوبا، وساهمت في تأسيس دول عدم الانحياز.

وعندما اندلعت الثورة الجزائرية مطلع نوفمبر/تشرين الثاني 1954، تبنّت مصر الثورة ودعمتها عسكرياً ودبلوماسياً، إذ قال وزير الخارجية فرنسي آنذاك كريستيان بينو، إن "التمرد في الجزائر لا يحرّكه سوى المساعدات المصرية، فإذا توقفت هذه المساعدات فإن الأمور كلها سوف تهدأ".

وبينما كانت القاهرة مقراً لقادة الثورة الجزائرية، كانت إذاعة "صوت العرب" التي تُبَثّ من مصر بمثابة غرفة عمليات الثورة الجزائرية، إذ أذاعت لأول مرة بيان ثورة الجزائر في فبراير/شباط 1954 وساهمت باستمرار في تهييج الجزائريين ضد محتلّهم الفرنسي، الأمور التي وضعتها على رأس قائمة الأهداف التي سيستهدفها الطيران الفرنسي خلال أيام العدوان الأولى.

ولم يقتصر دور مصر على احتواء قيادات الثورة وتأجيج الرأي العامّ، بل شكلت المساعدات المالية والعسكرية القادمة من مصر عصب الحياة للثوار الجزائريين، إذ دفعت هذه المساعدات بن غوريون، أول رئيس وزراء لإسرائيل، إلى قول: "على أصدقائنا المخلصين في باريس أن يقدّروا أن عبد الناصر الذي يهدّدنا في النقب، وفي عمق إسرائيل، هو نفسه العدوّ الذي يواجههم في الجزائر".

العدوان الثلاثي

في 24 أكتوبر/تشرين الأول، اتفق الحلفاء الثلاثة، إسرائيل وبريطانيا وفرنسا، على أن تختلق القوات الإسرائيلية صراعاً عسكرياً مع القوات المسلحة المصرية على مشارف قناة السويس الشرقية، وذلك ليستغلها كل من بريطانيا وفرنسا ذريعة للتدخل العسكري إلى جانب إسرائيل بحجة حماية الملاحة البحرية في القناة.

وفي اليوم التالي هاجمت القوات الإسرائيلية القوات المصرية تنفيذاً لبنود خطة الحرب السرية التي اتفق عليها الحلفاء، وأعقبها في 30 أكتوبر/تشرين الأول 1956 الإنذار البريطاني الفرنسي، الذي طالب بوقف القتال وإبعاد القوات المصرية عن القناة وترك إدارتها لبريطانيا وفرنسا.

وبعد أن رفض المصريون شروط وقف إطلاق النار، بدأت فرنسا وبريطانيا هجومهما على مصر يوم 31 أكتوبر/ تشرين الأول 1956، وبدأت غاراتها الجوية على القاهرة ومنطقة القناة والإسكندرية، ونجحوا في احتلال بورسعيد والسيطرة على 35 كيلومتراً بطول القناة، الأمر الذي مكّنهم من السيطرة على القناة.

نهاية العدوان

دفع نجاح مصر في الحفاظ على الجبهة الداخلية متماسكة بجانب التضامن العربي الواسع، وحصدها تعاطف الرأي العامّ العالمي الذي أدان العدوان، إلى رضوخ الدول المعتدية للقبول بقرار وقف إطلاق النار اعتباراً من ليلة 6 نوفمبر/تشرين الثاني 1956.

كذلك لعب الإنذار السوفييتي شديد اللهجة الذي أطلقه الزعيم السوفييتي نيكيتا خروتشوف، من داخل قاعة مقر مجلس الأمن في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 1956، دوراً مفصلياً في وقف العدوان والانسحاب لاحقاً، بعد خطابة شديد اللهجة الذي جاء فيه: "لقد عزمنا عزماً أكيداً على سحق العدوان وإعادة السلام إلى الشرق الأوسط عن طريق استعمال القوة، وعلى دول العدوان الثلاثي أن تنهي عدوانها على مصر فوراً، وتسحب قواتها، وإلا فإننا سنضرب لندن وباريس بالصواريخ النووية".

وفي أعقاب خطاب خروتشوف، وبدء اشتعال الأزمات الاقتصادية والسياسية داخل كل من بريطانيا وفرنسا، بالإضافة إلى الضغوط الأمريكية المطالبة بوقف الاعتداء، توقف العدوان على مصر وانسحبت القوات الغازية، وحقّق عبد الناصر انتصاراً سياسيّاً كبيراً بعد أن تسلمت السلطات المصرية مدينة بورسعيد واستردّت قناة السويس في 23 ديسمبر/كانون الأول 1956، وأتمّت إسرائيل انسحابها من سيناء في 16 مارس/آذار 1957.

TRT عربي
الأكثر تداولاً