فاز حزب الحرية الذي يتزعمه فيلدرز بـ 37 مقعداً في البرلمان، أي أكثر من ضعف حصته في الانتخابات الأخيرة وتفوق على المعارضين، وفقاً للنتائج شبه الكاملة.
وبعد الفوز الساحق، وغير المتوقع، تلقى فيلدرز تهنئة فورية من زملائه من زعماء اليمين المتطرف في فرنسا والمجر. لكنه من المرجح أيضاً أن يثير مخاوف في بروكسل، ففيلدرز مناهض للاتحاد الأوروبي ويريد التصويت على "الخروج" لمغادرة الكتلة، وفقاً لما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.
ويبدو أنّ خطاب فيلدرز المناهض للهجرة لقي تأييداً لدى الناخبين الهولنديين، لكنّ السياسي الذي منعته بريطانيا ذات مرة من دخول البلاد، من غير الواضح إن كان قادراً على حشد الدعم اللازم لتشكيل ائتلاف واسع بالقدر الكافي لتشكيل حكومة عملية، وذلك رغم فوزه الكبير هذا.
من خيرت فيلدرز؟
ولد خيرت فيلدرز في 6 سبتمبر/أيلول 1963 في فينلو بهولندا. بدأ حياته السياسية في حزب الشعب من أجل الحرية والديمقراطية لكنه افترق بسبب الاختلافات في الأيديولوجية. في عام 2006، أسس فيلدرز حزب الحرية، مؤكداً ضرورة الدفاع عن الثقافة والحرية والهوية الهولندية.
وكان فيلدرز البالغ من العمر 60 عاماً عنصراً أساسياً في السياسة الهولندية لعقود من الزمن. وأثارت سياساته الشعبوية وشعره الأشقر مقارنات مع ترمب، لدرجة أنه بات يُطلق عليه اسم دونالد ترمب الهولندي، حسبما نقلته الأسوشيتد برس.
فمن وصف المغاربة بـ"الحثالة" إلى تنظيم مسابقات لرسوم كاريكاتورية مسيئة للنبي الكريم عليه السلام، بنى فيلدرز مسيرته المهنية من مهمته التي نصبها لنفسه لوقف "الغزو الإسلامي" للغرب حسب زعمه. وعلى الرغم من أنه خفف لهجته المعادية للإسلام خلال الحملة الانتخابية، فإن برنامج حزب الحرية تعهد بحظر القرآن والمساجد والحجاب الإسلامي وسارع زعماء الجالية الإسلامية في هولندا إلى التعبير عن قلقهم.
وحسب يورو نيوز، يعد خيرت فيلدرز أيضاً مؤيداً قوياً لإسرائيل ويدافع عن نقل سفارة هولندا من تل أبيب إلى القدس وإغلاق المركز الدبلوماسي الهولندي في رام الله.
أيديولوجية متطرفة
يُعرف خيرت فيلدرز بآرائه الصريحة والمتطرفة بشأن الهجرة والإسلام والاتحاد الأوروبي. بصفته زعيم حزب الحرية لعب دوراً مهماً في تشكيل المشهد السياسي في داخل هولندا وخارجها. فيما يلي أبرز الآيديولوجيات المتطرف التي يروجها فيلدرز وحزبه.
الموقف المناهض للإسلام: إحدى السمات المميزة لخيرت فيلدرز وحزب الحرية هو موقفهم الواضح المعادي للإسلام. ويرى فيلدرز أن الإسلام لا يتوافق مع القيم الغربية ويشكل تهديداً للثقافة الهولندية والوئام المجتمعي حسب زعمه. وقد دعا حزب الحرية إلى اتخاذ إجراءات مثل حظر القرآن، وإغلاق المدارس الإسلامية، وتقييد بناء المساجد.
سياسات مكافحة الهجرة: في كلمته أمام أنصاره المبتهجين في لاهاي بعد استطلاعات الرأي، شدد فيلدرز على خطابه المناهض للمهاجرين، قائلاً إن الهولنديين صوتوا لوقف "تسونامي" طالبي اللجوء.
ويدعو حزب الحرية إلى فرض ضوابط صارمة على الهجرة لحماية "الهوية والقيم الهولندية". تحدث فيلدرز بصوت عالٍ عن ما يسميه "مخاطر للهجرة الجماعية"، وبخاصة من الدول غير الغربية. ويدعم الحزب الذي يتزعمه سياسات تهدف إلى تقليل عدد المهاجرين واللاجئين الذين يدخلون هولندا.
التشكيك في أوروبا: يُعرف غيرت فيلدرز وحزب الحرية بآرائهم المتشككة في الاتحاد الأوروبي، إذ ينتقدون الاتحاد الأوروبي بسبب ما يعتبرونه بيروقراطية مفرطة وتهديداً للسيادة الوطنية. وقد دعا الحزب إلى أن يكون لهولندا سيطرة أكبر على قوانينها وحدودها وسياساتها الاقتصادية.
القومية والهوية الهولندية: بينما يؤكد حزب الحرية على القومية الهولندية والحفاظ على الهوية الهولندية، يرى فيلدرز أن هولندا يجب أن تعطي الأولوية لمواطنيها وثقافتها، وأن تقاوم ما يعتبره تمييعاً للقيم الهولندية من خلال العولمة والتعددية الثقافية.
كابوس بروكسل
إذا تأكد فوز فيلدرز في النتائج النهائية، فإنه يمثل انعطافاً حاداً نحو اليمين، وهو ما سوف يُنظر إليه بخوف في بروكسل، إذ وعد حزب الحرية بإجراء استفتاء على عضوية هولندا في الاتحاد الأوروبي.
من جهتها، تراقب أوروبا برمتها من كثب النتيجة النهائية لهذه الانتخابات المبكرة، بعدما أدّى رئيس الوزراء السابق مارك روته دوراً أساسياً في قضايا عدّة بينها تعزيز منطقة اليورو ودعم أوكرانيا في حربها مع روسيا.
بالمقابل، سارع رئيس الوزراء المجري القومي فيكتور أوربان إلى الترحيب بفوز اليمين المتطرف في هولندا، معتبراً أن "رياح التغيير" هبّت على هذا البلد. فيما هنأت زعيمة حزب التجمّع الوطني الفرنسي مارين لوبن فيلدرز وحزبه على "أدائهما المذهل" في الانتخابات التشريعية، والذي يؤكد الارتباط المتزايد بالدفاع عن الهويات الوطنية.
ولكن من أجل تشكيل حكومة، يحتاج فيلدرز إلى 76 مقعداً ًلضمان الأغلبية المطلقة. بعد استطلاعات الرأي، اقترح فيلدرز تشكيل ائتلاف من يمين الوسط يضم حزب رئيس الوزراء المنتهية ولايته، ومجموعة يمين الوسط الجديدة "العقد الاجتماعي الجديد" وحركة "المواطنون المزارعون". وسيكون لهذه الأحزاب مجتمعة 86 مقعداً.
ومع ذلك، لا ضمان أن فيلدرز سيفوز بالمنصب الأعلى. ففي عام 1982، فاز حزب العمال الهولندي بأكبر عدد من المقاعد، ولكن انتهى الأمر بمنافسيه من يمين الوسط إلى قيادة الائتلاف الحاكم، وفقاً لمجلة تايمز.