الرئيس المصري أنور السادات رفقة رئيس الأركان للقوات المسلحة المصرية سعد الدين الشاذلي أثناء التخطيط لحرب أكتوبر/تشرين الأول (Universal History Archive/Getty Images)
تابعنا

يوافق السادس من شهر أكتوبر/تشرين الأول الجاري الذكرى الـ48 لحرب "أكتوبر المجيدة"، والتي يُطلَق عليها في سوريا "حرب تشرين"، ويشير إليها البعض بـ"حرب العاشر من رمضان" نظراً لوقوعها في شهر رمضان المبارك، أمّا في إسرائيل فهي "حرب يوم الغفران/كيبور" وهو يوم مقدس عند اليهود، ووقع اختيار القيادة المصرية والسورية العسكرية على انطلاق الحرب في ذلك اليوم.

ومثّلت الحرب مساعي العرب لرد اعتبارهم على الهزيمة الثقيلة التي خلّفتها نكسة 1967، حين هُزِمت ثلاث دول عربية، هي مصر وسوريا والأردن، وأُعيد رسم خريطة المنطقة لتمتّد مساحة إسرائيل شاملةً مساحات واسعة من الأراضي المصرية والسورية بالأخص.

وتُصنَّف الحرب كرابع الحروب، وآخرها وفق عديد المصادر، فيما يُعرف بالصراع العربي-الإسرائيلي. وذلك بعد حرب 1948 (النكبة)، وحرب 1956 (العدوان الثلاثي على مصر)، وحرب 1967 (أو ما يُعرف بحرب الأيّام الستّة/النكسة عند العرب).

وكانت تل أبيب في الحرب الثالثة قد احتلّت شبه جزيرة سيناء المصرية، وهضبة الجولان السورية، بالإضافة إلى الضفة الغربية التي كانت تحت الحكم الأردني وقطاع غزة الخاضع حينئذ لحكم عسكري مصري.

عنصر المفاجأة

عقب نكسة 1967، انتظر الطرفان المصري والسوري مليّاً حتّى حلّ عام 1973، حين قرر الرئيسان المصري أنور السادات والسوري حافظ الأسد اللجوء إلى خيار الحرب لاسترداد الأراضي المحتلّة من قبل إسرائيل منذ النكسة.

وقرّر مجلس اتحاد الجمهوريات العربية في 10 يناير/كانون الثاني 1973 تعيين الفريق أول أحمد إسماعيل علي قائداً عاماً للقوات الاتحادية. وتبع ذلك اجتماع سري لقادة عسكريين مصريين وسوريين في مدينة الإسكندرية بشهر أغسطس/آب 1973، واتفق القادة على تاريخ بدء الحرب في أكتوبر/تشرين الأول من العام ذاته.

بدأت الحرب يوم السبت 6 أكتوبر/تشرين الأول 1973 ميلادياً الموافق 10 رمضان 1393 هجرياً، وذلك بتنسيق هجومين مفاجئين ومتزامنين على القوات الإسرائيلية.

وجاء أحد الهجومين عن طريق الجيش المصري على جبهة سيناء المحتلّة، إذ عبر المصريون قناة السويس بنجاح محطّمين حصون خط بارليف المنيع، وتوغلت القوات المصرية 20 كيلومتراً داخل شبه جزيرة سيناء شرقي القناة.

وخط بارليف هو سد ترابي منيع شُيّد على الضفة الشرقية للقناة بارتفاع يصل في بعض الأماكن إلى 20 متراً، وبميل يتراوح ما بين 45 و65 درجة بهدف منع عبور أيّة مركبة برمائية من القناة إلى الضفة الشرقية.

أمّا الهجوم الآخر فكان للجيش السوري على جبهة هضبة الجولان المحتلة، واستطاعت القوات السورية اجتياح هضبة الجولان، والاقتراب من بحيرة طبريا.

وجاءت بداية الحرب بمثابة مفاجأة شبه تامة لإسرائيل، التي تكبّدت خسائر فادحة في بداية الحرب، ووقفت عاجزة أمام تقدّم الجيوش العربية داخل الأراضي المحتلة.

وكان الرئيس السادات قد اجتمع قبيل الحرب مع رئيس المخابرات العامة ومدير المخابرات الحربية ومستشار الأمن القومي والقائد العام للقوات المسلحة لوضع "خطة خداع استراتيجي"، تسمح لمصر بالتفوق على التقدّم التكنولوجي والتسليحي الإسرائيلي عن طريق التظاهر بالمسالمة وإخفاء أيّة علامات استعداد للحرب.

واشتملت الخطة المصرية على 6 محاور رئيسية، تضمّنت إجراءات تتعلّق بالجبهة الداخلية، ونقل المعدات للجبهة، والخداع الميداني، والخداع السيادي، وتأمين تحرّكات واستعدادات القوات المسلحة، وتوفير المعلومات السرية عن القوات الإسرائيلية وتضليلها.

تدخّل دولي وتراجع عربي

بعد احتدام القتال بين الجيوش العربية وجيش الاحتلال الإسرائيلي، توجّست الولايات المتحدة من التقدّم العربي وسعت إلى التدخّل لحماية حليفتها الأهم في المنطقة، فمدّت واشنطن جسراً جوياً لتل أبيب بلغ إجمالي ما نُقِل عبره 27 ألفاً و895 طناً من الأسلحة والآلات العسكرية والمؤن.

وبدوره تحرّك الاتحاد السوفيتي ممداً جسراً جوياً لكل من مصر وسوريا بلغ إجمالي ما نُقِل عبره 15 ألف طن، إضافة إلى نحو 63 ألف طن من الأسلحة أُرسِلوا بحراً ووصل أغلبها إلى سوريا، فيما قدّمت عديد الدول العربية دعماً عسكرياً واقتصادياً للقاهرة ودمشق أثناء الحرب.

وسرعان ما تجاوز الجيش الإسرائيلي المفاجأة، وعاد وأمسك بزمام الأمور. وتمكّن من فتح "ثغرة الدفرسوار" على الجبهة المصرية، عابراً للضفة الغربية من قناة السويس.

وحاصرت القوات الإسرائيلية الجيش الثالث الميداني المصري، ولكنها فشلت في تحقيق أي من أهدافها، سواء بتدمير الجيش الثالث أو السيطرة على مدن القنال المصرية الأهم وهي السويس وبورسعيد والإسماعيلية. فيما نجح الجيش الإسرائيلي في إعادة احتلال الجولان إثر رده القوات السورية هناك.

واستمر القتال إلى أن انتهت الحرب رسمياً يوم 24 أكتوبر/تشرين الأول، ووُقِّع اتفاق لوقف إطلاق النار بين الجانبين العربي والإسرائيلي.

مكاسب نسبيّة وحرب استنزاف سورية-إسرائيلية

أسفرت الحرب عن نتائج مُرضية نسبياً للمصريين، حيث حقّقت الإدارة المصرية هدفها من الحرب بعبور قناة السويس وتدمير خط بارليف واتخاذ أوضاع دفاعية.

وجاءت المكاسب المصرية من الحرب تباعاً، فبعد سنوات جرى توقيع معاهدة السلام بينها وبين إسرائيل في 26 مارس/آذار 1979، واستردت مصر بموجبها سيادتها الكاملة على سيناء وقناة السويس، وذلك في 25 أبريل/نيسان 1982، والذي اختاره المصريون عيداً قومياً لتحرير سيناء، ما عدا طابا التي استردتها مصر بعد اللجوء للتحكيم الدولي في 19 مارس/آذار 1989.

أمّا على الجانب السوري، فقد توسّع الجيش الإسرائيلي في احتلاله الأراضي السورية، وتمدّد حوالي 500 كيلومتر وراء حدود عام 1967 فيما عُرِف باسم "جيب سعسع".

ولم يقف الأمر بالنسبة لدمشق عند "حرب تشرين"، إذ استمر النزاع بينها وبين تل أبيب في حرب استنزاف طاحنة استمرت 82 يوماً في العام التالي لـ"حرب أكتوبر"، وانتهت باتفاقية فك الاشتباك بين الطرفين، فيما نصّت على انسحاب إسرائيل من الأراضي التي سيطرت عليها في حرب 1973، ومن مدينة القنيطرة، بالإضافة إلى إقامة حزام أمني منزوع السلاح على طول خط الحدود الفاصل بين الجانب السوري والأراضي التي تحتلها إسرائيل.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً