دافيد برنياع رئيس وكالة الاستخبارات الإسرائيلية الموساد. (Others)
تابعنا

بميزانية سنوية تقدر بـ3 مليارات دولار، وحوالي 7000 موظف موزعين بين المكتب الرئيسي في تل أبيب وبقية المقار الخارجية، فضلاً عن قرابة نصف مليون آخرون من عملاء وضباط ومندوبين ينتشرون في كافة أنحاء العالم من جميع الجنسيات، يعتبر الموساد من أكبر وكالات التجسس العالمية التي تتكفل بالمهام الاستخباراتية والعمليات الخاصة خارج حدود بلادها.

فعلى مدى أكثر من سبعة عقود، اكتسبت وكالة الاستخبارات الإسرائيلية، الأقوى في منطقة الشرق الأوسط، سرية وغموضاً لم تخولها تنفيذ عمليات اغتيال وتصفية بحق القيادات الفلسطينية والعربية إلى جانب السياسين والعلماء وحسب، بل ساهمت أيضاً بإنهاء البرنامج النووي السوري والمساعدة في تهريب اليهود من الدول العربية وأثيوبيا إلى إسرائيل وغيرها من العمليات النوعية الأخرى.

لكن هذا الغموض المتعمّد ساهم بلا شك في انتشار القصص والأكاذيب المغلوطة التي تعظم من قوة هذه الوكالة في إطار الحرب النفسية المستمرة مع أعدائها في المنطقة والعالم. وكما تورط الموساد بعمليات ضد الدول العربية والأجنبية المعادية لإسرائيل سواءً من خلال إحباط محاولاتها النووية أو اغتيال قيادات فلسطينية على أراضيها، فإنه يمارس أعماله التجسسية ضد دول صديقة وحليفة لإسرائيل أيضاً.

البذور الأولى

عند إنشائه عام 1937، عمل الموساد كمنظمة هجرة غير شرعية هدفها ترحيل اليهود إلى فلسطين، حيث إن أصل كلمة موساد يعود لعبارة "موساد لعالياه بت" العبرية التي تعني منظمة الهجرة غير الشرعية التي كانت تعتبر وقتها إحدى مؤسسات جهاز الاستخبارات الإسرائيلي والجهاز التقليدي للمكتب المركزي للاستخبارات والأمن.

باشر الموساد أعماله الأولى من خلال مجموعة لا يتجاوز عددها 40 شخصاً من الضباط والإداريين ووكلاء الميدان في قسم الاستعلام في أحد أجهزة المخابرات التابعة لعصابات الهاجاناه، أما الموساد بمعناه الحالي فهو اختصار "هاموساد لموديعين أولتافكديم ميوحادي" أو الاستخبارات والمهمات الخاصة، والذي أُنشئ أواخر عام 1949.

ومنذ تأسيسه بشكله الحالي على يد إيسر هاريل بتوصية من رئيس الوزراء آنذاك دافيد بن غوريون منتصف ديسمبر/كانون الأول 1949، يعتبر الموساد إحدى المؤسسات المدنية في إسرائيل، حيث لا يحظى منتسبوه برتب عسكرية، ومع ذلك فإن جميع الموظفين في جهاز الموساد خدموا في الجيش الإسرائيلي، وأغلبهم من الضباط.

وكان الهدف الأساسي لتشكيله هو إنشاء هيئة مركزية لتنسيق وتحسين التعاون بين الأجهزة الأمنية القائمة بدءاً من إدارة استخبارات الجيش "أمان" وجهاز الأمن الداخلي "شين بيت"، بالإضافة للدائرة السياسية في وزارة الخارجية. وبعد 3 سنوات من إعلان قيام دولة إسرائيل، وتحديداً في مارس/آذار 1951، أعيد تنظيم الموساد ليصبح ذراع إسرائيل الخارجية وبات يتبع رسمياً لمكتب رئاسة الوزراء.

أبرز عملياته الخارجية

لدى الموساد سجل حافل وقائمة طويلة للاغتيالات التي نفذها بحق القيادات الفلسطينية والعربية إلى جانب المفكرين والعلماء، لعل أبرزها: اغتيال الروائي والقيادي الفلسطيني غسان كنفاني في بيروت عام 1972، واغتيال 12 فلسطينياً من أعضاء تنظيم أيلول الأسود الذين نفذوا عملية ميونخ عام 1972، واغتيال الرجل الثاني بحركة فتح خليل الوزير عام 1988 في تونس، بالإضافة لاغتيال الأمين العام السابق لحزب الله اللبناني عباس الموسوي عام 1992، والقيادي البارز في كتائب القسام المهندس يحيى عياش بتفجير هاتفه المحمول سنة 1996، وعدد كبير من عناصر المقاومة الفلسطينية واللبنانية.

وإلى جانب عملية اغتيال قاسم سليماني العام الماضي، ساهم الموساد بخطف طائرة طائرة ميغ21 الروسيَّة من العراق عام 1966 لمعرفة قدراتها وأسرارها من أجل تحقيق التفوق الجوي التفوُّق الجوي الإسرائيلي في حرب 1967. كما وأحبط محاولات العراق المتكررة لامتلاك سلاح نووي بدءاً من تفجير مخزن يحتوي على صواريخ نووية في أحد موانئ فرنسا عام 1979 في عملية سميّت"أبو الهول"، وانتهاءً بتدمير المفاعل النووي العراقي "أوزيراك" عام 1981.

كما استطاع الموساد خطف القائد الألماني النازي أدولف إيخمان من الأرجنتين ونقله إلى إسرائيل حيث حوكم بتهمة إرتكاب جرائم ضد اليهود وأُعدم في نهاية مايو/أيار 1962، نجح الموساد عام 1965 بعملية سرية مفاجئة في سرقة 90 كيلوغرام من اليورانيوم من أمريكا ونُقلت إلى مفاعل ديمونة الإسرائيلي، بالإضافة لسرقة تصميم طائرة "ميراج" الفرنسية عام 1968 من أجل صناعة طائرة "كفير".

عمليات فاشلة

لعل من أبرز الشواهد على فشل جهاز الموساد في إتمام عملياته هي محاول الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها القيادي البارز في حركة حماس خالد مشعل في العاصمة الأردنية عمان عام 1997، حيث اعتقلت قوى الأمن الأردنية عميلي الموساد، وأجبرت الأردن الحكومة الإسرائيلية على القبول بصفقة تبادلية أفرج إثرها عن الشيخ أحمد ياسين من السجون الإسرائيلية، فضلاً عن إرسال طاقم طبي إسرائيلي ومعه الترياق المضاد للسم الذي استنشقه مشعل وأدخله في غيبوبة طويلة كادت تودي بحياته.

عملية مشعل ليست الوحيدة في سجل فشل الموساد، ففي منتصف عام 1965 وبعد أن ضُبِط متلبساً بمساعدة الاستخبارات المصرية، أعدم النظام السوري إيلي كوهين، الجاسوس الإسرائيلي الذي زرعه الموساد في دمشق بعد أن دربه على حفظ القرآن والتعاليم الإسلامية بجانب اللهجة السورية، حيث نسج الموساد قصة مزيفة لحياته على أنه مسلم سوري اسمه كامل أمين ثابت جاء من الأرجنتين بهدف الاستقرار والاستثمار في سوريا. في البداية نجح كوهين في نسج شبكة علاقات واسعة مع قيادات سياسية وعسكرية سورية، ساعدته دون أن تدري على الحصول على كنز من المعلومات الاستخباراتية، فيما تداول البعض خبر ترشحه لرئاسة الحزب أو حتى الجمهورية بفضل علاقاته الواسعة مع الحزب الحاكم.

TRT عربي