ماذا تعرف عن مجموعة "إيكواس"؟ (Others)
تابعنا

ترقب وهدوء يسود العاصمة نيامي، عقب انتهاء المهلة التي منحتها المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا "إيكواس" لقادة الانقلاب كي يتخلوا عن السلطة، مهددين بالتدخل عسكرياً في البلاد في حال ما رفض الجيش النيجري ذلك. ومنذ اندلاع الأزمة، مارست المجموعة ضغوطات كبيرة على النيجر، تراوحت بين السياسية والاقتصادية.

وتأتي هذه التطورات بعد أسابيع قليلة من إعلان "إيكواس" تشكيل قوة مشتركة لمكافحة موجة الانقلابات التي أصبحت تهز القارة خلال السنوات الأخيرة، ويعد انقلاب النيجر أول محك لذلك القرار. بينما يطرح هذا تساؤلات كثيرة، حول إذا ما كانت هذه القوة المشتركة جزءاً من استراتيجية فرنسا الجديدة في المنطقة، كما بشأن قدرة المجموعة حشد هذه القوة العسكرية.

ماذا بعد تهديدات "إيكواس" للنيجر؟

بدأ مسار ضغط مجموعة "إيكواس" على السلطات الانقلابية في النيجر مع إعلان هذه الأخيرة استيلاءها على الحكم في البلاد. وقتها أمهل قادة المجموعة الاقتصادية، في بيان، الجيش النيجري سبعة أيام من أجل إعادة السلطة للمدنيين، مهددين بالتدخل عسكرياً في البلاد في حال رفض الجيش مطالبهم.

بالتزامن مع ذلك، مارست "إيكواس" عقوبات اقتصادية وسياسية على النيجر، على رأسها تعليق عضويتها في المجموعة واستبعاد البلاد من البنك المركزي الإقليمي والسوق المالية وإغلاق الحدود. وقال تقرير لقناة "فرانس 24" إن آثار الأزمة الاقتصادية ظهرت في أسواق العاصمة نيامي، إذ شهدت أسعار كثير من المواد الأساسية ارتفاعاً كبيراً.

كما أعلنت نيجيريا، يوم الأربعاء، قطع صادراتها من الكهرباء إلى النيجر. وتستورد نيامي نحو 70% من كهربائها من نيجيريا، وهو ما أغرق البلاد في ظلام دامس مع قرار قطع تلك الإمدادات.

على حين يبقى الترقب قائماً حول إذا ما ستنفذ "إيكواس" تهديداتها بالتدخل العسكري، مع انقضاء المهلة التي منحتها لقادة الانقلاب. وفي السياق ذاته، أعلن قادة الانقلاب بالنيجر، يوم الأحد إغلاق المجال الجوي للبلاد حتى إشعار آخر، مؤكدين رفضهم تهديدات "إيكواس".

وذكر ممثل للمجلس العسكري الحاكم في النيجر، في بيان بثّه التلفزيون الرسمي مساء الأحد، أنه "في مواجهة تهديد التدخل الذي أصبح أكثر وضوحاً... المجال الجوي للنيجر مُغلَق من اليوم".

ويذكر أن التدخل الميداني في النيجر لم يحسم بعد، على الأقل في العلن. وعلى الرغم من أن قادة جيوش "إيكواس" وضعوا الجمعة "تصوّراً عملياً" لخطة "تدخل عسكري محتمل" بعد اجتماع ليومين في العاصمة النيجيرية أبوجا، إلا أن الانتقادات لهذه الخطوة المحتملة آخذة في التزايد.

ويواجه هذا التدخل معارضة من عدد من الدول الأعضاء في المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا. ورفضت كل من مالي وبوركينا فاسو وغينيا أي تدخل عسكري في النيجر. وأعربت سلطات تلك البلدان، في بيانات متفرقة، دعمها للسلطات النيجرية الجديدة في وجه تهديدات المجموعة.

من ناحية أخرى، رفض مجلس الشيوخ النيجيري، يوم السبت، الطلب الذي تقدم به الرئيس بولا أحمد تينوبو للموافقة على نشر قوات نيجيرية في جمهورية النيجر، لإعادة الرئيس المنتخب ديمقراطياً محمد بازوم للسلطة. وشدد البرلمان النيجيري على البحث عن حل سياسي للأزمة في النيجر بدلاً من استخدام القوة العسكرية.

قوات مشتركة لمكافحة الانقلابات

تعد الأزمة الجارية في النيجر أول محك لـ"إيكواس" بعد قرارها، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، تشكيل قوات مشتركة من أجل مكافحة الانقلابات التي باتت تجتاح غرب إفريقيا خلال السنوات الأخيرة. وصرّح رئيس المجموعة عمر توراي، وقتها لوكالة الأنباء الفرنسية، بأن هذا القرار يتعلق بتولي "أمننا الخاصّ وليس فقط الاستعانة بأطراف خارجية" و"إعادة ضبط البنية الأمنية" للدول الأعضاء.

وأضاف توراي بأن الدول الأعضاء "مصممون على إنشاء قوة إقليمية تتدخل عند الضرورة سواء مسألة أمن أم إرهاب أو إعادة النظام الدستوري في الدول الأعضاء". بينما لم يفصح عن مصدر التمويلات المحتملة لإنشاء هذه القوة، وفي المقابل أشار إلى أنها لن تعتمد على التمويلات التطوعية، التي أبانت في نظره عجزها الاستجابة للأهداف المرجوة منها.

وبحسب الأكاديمي والباحث في الشأن التشادي إسماعيل محمد طاهر، في تصريحات سابقة لـTRT عربي، فإن قرار "إيكواس" تشكيل تلك القوة "رد فعل طبيعي للتطورات الحاصلة، وعلى رأسها انسحاب القوات الفرنسية من مالي وإعلانها إنهاء عملية بارخان". واتبع المحلل التشادي: "بعد أن وُضعت فرنسا في موضع حرج، نظراً إلى تكلفة العملية المرتفعة وفشلها في تحقيق أهدافها (...)، وبالتالي فانسحاب فرنسا من هناك يترتب عليه أن يشكل "إيكواس" تلقائياً تلك القوة العسكرية".

وتزامن ذلك القرار مع إعلان باريس عن استراتيجيتها الجديدة بالساحل، التي تعتمد على دعم القوى الإقليمية الحليفة معها عوض التدخل عسكرياً في المنطقة. وكان الرئيس إيمانويل ماكرون قد قال وقتها في خطاب: "سيتواصل دعمنا العسكري للدول الإفريقية في المنطقة، لكن وفق الأسس الجديدة التي حدّدناها مع هذه الدول (...) وسيتكيّف دعمنا مع مستوى كل دولة حسب الحاجات التي سيعبّر عنها شركاؤنا".

كما أشار وزير الجيوش الفرنسي سيباستيان لوكورنو، في حديث سابق إلى أسبوعية "لو جورنال دو ديمانش" الفرنسية، بأن بلاده تعمل على "تنظيم شكل القواعد العسكرية الحالية التي ينبغي أن تحتفظ بقدرات معينة لحماية مواطنينا على سبيل المثال، ولكن أيضاً للتوجه بقدر أكبر نحو تدريب الجيوش المحلية"، في حين أن ذلك الوجود "لم يعُد يتعلق بمكافحة الإرهاب عوضاً عن شركائنا، بل بتنفيذ ذلك معهم، إلى جانبهم".

ما مجموعة "إيكواس"؟

تعدّ مجموعة "إيكواس" تكتلاً إقليمياً سياسياً واقتصادياً لدول غرب إفريقيا، وتأسست بليبيريا عام 1975، ومنذ ذلك الحين إلى اليوم، نجحت في أن تضم 15 دولة من غرب القارة السمراء، تشكل مساحتها مجتمعة نحو 5 ملايين و 114 ألف كيلومتر مربع، ويسكنها ما لا يقل عن 350 مليون نسمة.

وتضم مجموعة "إيكواس" مُؤسسات مفوضية تحتها، وكذا محكمة العدل الخاصة بالمجموعة، وبرلمان المجموعة، وبنك إيكواس للاستثمار والتنمية (EBID)، ومنظمة الصحة لغرب إفريقيا (WAHO)، ومجموعة العمل الحكومية الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في غرب إفريقيا (GIABA). إضافة إلى تكتلين نقديين هما الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب إفريقيا (UEMOA)، والمنطقة النقدية لغرب إفريقيا (WAMZ).

إضافة إلى عملها السياسي والاقتصادي، تمثل المجموعة قوة حفظ سلام في منطقة غرب إفريقيا. ذلك إذ تحسب لها عدة تدخلات عسكرية مشتركة من أجل إعادة الأمن في الدول الأعضاء، ومكافحة التمردات المسلحة والجماعات الإرهابية.

وكان أول تدخل عسكري لـ"إيكواس" في ليبيريا عام 1990، إذ أرسلت قوة عسكرية مشتركة من أجل إنهاء الحرب الأهلية التي كانت تشهدها البلاد وقت ذاك. بينما آخر تدخل لها يعود إلى عام 2017، إذ وجهت نحو 7000 جندي إلى غامبيا من أجل إجبار الرئيس السابق يحيى جامع على قبول نتائج الانتخابات التي انهزم فيها، وتسليم السلطة للرئيس المنتخب.

فيما بين هذين التدخلين، حارب قوات "إيكواس" في كل من مالي عام 2013، في إطار جهود محاربة الجماعات الإرهابية. وغينيا بيساو عام 2012، من أجل حل الأزمة السياسية وتمرير السلطة للرئيس المنتخب. وفي الحربين الأهليتين في ساحل العاج عام 2002 وفي سيراليون عام 1997.

TRT عربي