هل تقضي سياسات البيئة الأوروبية على السيارات الألمانية؟ / صورة: Reuters (Jason Cairnduff/Reuters)
تابعنا

كان من المفترض أن يجتمع وزراء نقل الاتحاد الأوروبي من أجل مناقشة تطبيق بند "الاتفاق الأخضر" القاضي بمنع بيع السيارات الجديدة التي تعمل بالمحروقات بحلول عام 2035. هذا قبل أن تؤجل الجلسة إلى يوم الجمعة، نتيجة تلويح ألمانيا برفضها للقرار.

وتسود المخاوف قطاع السيارات الألماني، من الخسائر التي يمكن أن تترتب عن تمرير هذه الخطة الأوروبية. وهو ما دفع حكومة شولتز، بالرغم من ميلها إلى دعم السياسات البيئية الأوروبية، إلى الضغط من أجل تأخير تطبيق القرار.

ألمانيا تعارض القرار

هدد وزير النقل الألماني فولكر فيسينغ، يوم الخميس، بأن بلاده لن تدعم قرار حظر بيع السيارات الجديدة التي تستخدم المحروقات، والذي يخطط الاتحاد الأوروبي لتطبيقه بحلول 2035. ذلك بعد أن فشل في الحصول على تأكيدات بشأن إعفاء الوقود الصناعي من هذا الحظر.

وتوصل المشرعون في الاتحاد الأوروبي، العام الماضي، إلى اتفاق حول تقليل انبعاثات الكربون في قطاع النقل الطرقي بـ50% بحلول 2030، وبنسبة 100% بحلول 2035، ما يعني حظر بيع السيارات الجديدة التي تعمل بالمحروقات بعد ذلك التاريخ.

وتجادل الحكومة الألمانية بعدم شمول الحظر فئة الوقود التركيبي المصنع، الذي ينتج باستخدام ثاني أكسيد الكربون المحتجز أو أول أكسيد الكربون، جنباً إلى جنب مع الهيدروجين الأخضر الذي يجري الحصول عليه من مصادر الكهرباء المستدامة. ويعتبر عدد من الخبراء هذا النوع من الوقود صديقاً للبيئة.

وصرَّح فيسينغ للصحفيين في برلين: بأن "المفوضية الأوروبية ينبغي لها أن تقترح لائحة تسمح بتسجيل محركات الاحتراق بعد عام 2035، إذا كان يمكن أن تعمل بالوقود الاصطناعي".

من جانبه علَّق وزير الاقتصاد الألماني كريستيان ليندنر، على تحرك حكومته، بالقول: "هدفنا هو السماح للسيارات الجديدة المزودة بمحركات احتراق داخلي بالتسجيل بعد عام 2035". هذا في وقت أجرت فيه رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين ، نهاية الأسبوع، زيارة مكوكية لبرلين من أجل فك هذه العراقيل.

فيما ليست برلين وحدها التي تتبنى معارضة هذا القرار، في إيطاليا أيضاً، حيث كشفت حكومة البلاد نيتها بعرقلة تمريره. ووصف وزير النقل الإيطالي ماتيو سالفيني، القرار بأنه "انتحار اقتصادي"، كما أنه "يخدم مصالح الصين على حساب الصناعة الأوروبية". وقال وزير الطاقة الإيطالي جيلبرتو بيتشيتو فراتين: "ستعرب إيطاليا عن موقفها ضد اللائحة الأوروبية المقترحة التي تحظر إنتاج وبيع السيارات ذات محركات الاحتراق بحلول عام 2035".

هل تقضي سياسات البيئة الأوروبية على السيارات الألمانية؟

سيسمح القرار الأوروبي، بصيغته الحالية، فقط ببيع السيارات الجديدة الكهربائية بحلول 2035، وهو ما يخلق متاعب كبيرة لصناعة السيارات الأوروبية، وعلى رأسها الألمانية. ذلك لمشاكل التنافسية التجارية التي ستخلقها، حيث سيتعذر على الشركات الألمانية إنتاج سيارات كهربائية بأسعار مناسبة للسوق التي تشهد منافسة صينية وأمريكية كبيرة.

وهو ما يؤكده مقال لمجل "فوربس" الأمريكية، بالقول إن "المصنعين الأوروبيين في السوق المشتركة، مثل فولكس فاجن الألمانية وعلاماتها التجارية الرئيسية، سيكونون الضحايا الرئيسيين لهذا القرار الأوروبي".

ونقل المقال، على لسان نيك مولدن، من مؤسسة الأبحاث "Emissions Analytics"، بأنه: "نرى سيارات صينية بسعر 29 ألف دولار، تتنافس مع سيارات أوروبية مماثلة يتراوح سعرها بين 48 ألفاً و60 ألف دولار، سيكون هذا مذبحة لصناعة السيارات في أوروبا".

هذا وتشهد السيارات الكهربائية الصينية نمواً كبيراً في أوروبا، إذ بلغ رقم معاملاتها عام 2022 حوالي 3.2 مليار دولار، أي بارتفاع قدر بنسبة 165% عن عام 2021. وبالتزامن مع ذلك، تواصل الولايات المتحدة في تنفيذ إجراءات خفض التضخم، والتي تحفز المستهلك المحلي على شراء السيارات الأمريكية الصديقة للبيئة بتوفير دعم حكومي لمُصنّعي هذا النوع من السيارات.

وبالإضافة إلى التنافسية، توجد عراقيل أخرى تترصد صناعة السيارات الألمانية، وهي قصر المدة الزمنية الممنوحة من أجل التحول إلى صناعة السيارات الكهربائية، كذلك تكلفة هذا التحول. وفي هذا الإطار، احتجت "الجمعية الأوروبية لمصنعي السيارات"، معتبرة قرار الاتحاد "متسرعاً"، إذ "بالنسبة إلى تحول صناعي بهذا الحجم، يعد هذا أمراً غير مسبوق ويشكل مصدر قلق بالغ".

يأتي هذا في وقت، عانت فيه صناعة السيارات الألمانية من خسائر كبيرة بفعل اضطراب سلاسل التوريد إثر الأزمة الصحية. ودفع هذا الاضطراب عام 2021 شركة "أوبل" و"فولكس فاغن" و"بي إم دابليو" إلى إغلاق مواقع تصنيع لها بألمانيا.

وتشكل صناعة السيارات حوالي 20% من العائدات الصناعية للاقتصاد الألماني. وانتقدت رئيسة الاتحاد الألماني لمصنعي السيارات هيلدغارد مولر، السياسات البيئية للاتحاد الأوروبي بأنها "تجعل إنتاج السيارات بتكلفة أعلى"، معتبرة ذلك سياسة "معادية للصناعة". وعبرت مولر عن مخاوفها من هجرة صناعة السيارات التي قد تكلف الكثير لاقتصاد البلاد والاقتصاد الأوروبي.

TRT عربي
الأكثر تداولاً