خلاف مستمر بين مكونات الحراك والمجلس العسكري حول طبيعة المرحلة الانتقالية (Reuters)
تابعنا

شهر بالكمال والتمام، من الجلسات والتفاوض، والبيانات والمؤتمرات الصحفية، والشد والجذب مر على السودان منذ عزل الرئيس السابق عمر البشير من قبل المؤسسة العسكرية استجابة لنداءات المحتجين.

منذ ذلك الحين، يعيش السودان خلافاً كبيراً بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير، حول طبيعة الفترة الانتقالية والمؤسسات التي ستديرها، ونسبة التمثيل في تلك المؤسسات.

وبينما يحاول أعضاء النقابات والنشطاء في قوى الحراك الضغط بكامل أوراقهم لتسليم الحكم لسلطة مدنية، فإنهم أمام منافس قوي هو المجلس العسكري الانتقالي، الذي لم يُظهر إلى الآن بادرة واضحة لاستعداده لإفساح الطريق بشكل كامل أمام عملية انتقالية بقيادة مدنية.

تعقّد بذلك المشهد وتعطل المسار، الأمر الذي دعا تجمع المهنيين السودانيين، المكون الرئيسي للحراك، إلى إعلان العصيان المدني، فيما طالب المجلس العسكري بالعودة إلى الحوار والتفاوض المباشر من أجل التوافق على طبيعة المرحلة والخروج من عنق الزجاجة.

تصعيد الحراك

بعد خيبة الأمل الناجمة عن عدم إحراز أي تقدم في الحوار مع الجيش، دعت قوى إعلان الحرية والتغيير، وهي ائتلاف واسع من جماعات المعارضة يقوده تجمع المهنيين السودانيين، الأربعاء الماضي إلى حملة عصيان مدني لزيادة الضغط على الجيش.

وقال أحمد ربيع، وهو عضو قيادي في تجمع المهنيين السودانيين، لرويترز إن "جميع الخيارات مفتوحة من الآن فصاعداً، وإذا صمم المجلس العسكري الانتقالي على التمسك بالسلطة سنعتبر هذا انقلاباً عسكرياً وسيتم التصعيد سلمياً“.

وحسب مراقبين، من الممكن أن تدعو قوى إعلان الحرية والتغيير أيضاً إلى مقاطعة السلع غير الأساسية والخدمات العامة في محاولة لحرمان الحكومة من إيرادات الضرائب، وأن تدعو كذلك لتكثيف المظاهرات والاعتصامات في أنحاء البلاد.

وأعلنت قوى إعلان الحرية والتغيير بالسودان، السبت، رفضها استئناف التفاوض مع المجلس العسكري الانتقالي "بنفس المنهج القديم".

وقالت قوى إعلان الحرية والتغيير "تلقينا اتصالاً من المجلس العسكري لاستئناف التفاوض، وقد أبلغناهم بأن المنهج القديم لا يتسق مع مطالب الشعب السوداني في الخلاص والوصول بالثورة لمراميها بالسرعة المطلوبة".

وأرجعت القوى هذا الرد، إلى ضرورة البدء بعهد جديد يقتضي عدم التأخير في تهيئة مناخ الاستقرار، لأن طول الأزمة السياسية ينعكس على الشعب في صورة أزمات اقتصادية طاحنة وتذبذب في الخدمات الضرورية.

بناء على ذلك دعا المجلس العسكري للعودة إلى التفاوض في غضون 72 ساعة مع التزام التوصل إلى اتفاق دون مماطلة، وشدّد على أنه لن يستخدم القوة لإنهاء الاعتصام.

قوى إعلان الحرية والتغيير #بيان لله تلك الجباه الغرّ نافضةً ما كان بالأمس من ضعفٍ ومن خَوَرِ في جبهةٍ من صميم الشعب...

Posted by ‎تجمع المهنيين السودانيين‎ on Saturday, 11 May 2019

نقاط الخلاف

رغم محاولاته العديدة لاستمالة المحتجين وتهدئتهم، والتي غيّر بموجبها أول رئيس له بعد يوم واحد من تشكيله، الفريق عوض بن عوف، وأطاح كذلك بحلفاء رئيسيين للبشير، وأعلن إجراءات لمكافحة الفساد، وأعاد هيكلة أجهزة الأمن والمخابرات، فإن قوى إعلان الحرية والتغيير ظلت متمسكة بمطالب الحراك.

المطلب الرئيسي لقوى الحراك هو مجلس انتقالي يقوده مدنيون لإدارة فترة انتقالية مدتها أربع سنوات، فيما يرى المجلس العسكري أن المجلس الانتقالي أو السيادي إما أن يكون تحت قيادة عسكرية أو أن يكون بأغلبية عسكرية.

وفي الوقت الذي طال فيه أمد المحادثات بين الجانبين، اتهم تجمع المهنيين قادة الجيش بتوسيع سلطاتهم، رغم إبداء المجلس العسكري استعداده لمزيد من الحوار.

هذه الدعوة للحوار تأتي عقب الدعوة للعصيان المدني من قبل تجمع المهنيين السودانيين والذي يمكن أن يشكل ضغوطاً على المجلس العسكري بالنظر إلى ضعف الاقتصاد.

لكن ترى وكالة رويترز أن الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس ونائبه الفريق أول محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي تربطهما علاقات بالسعودية ودولة الإمارات اللتين تعهدتا بثلاثة مليارات دولار للسودان لدعم البنك المركزي وتمويل مشتريات الوقود والقمح والأدوية.

بدورها قالت الكاتبة والمعلقة السودانية ريم عباس لرويترز إن "مؤسسة الجيش وقادتها لا يريدون أن يفقدوا السلطة"، لافتة إلى أن "الكثير من الأشياء قد يخسرونها؛ الموارد والأراضي والحصانة من جرائم الحرب".

الأمم المتحدة على الخط

من ناحية أخرى، بحث مبعوث الأمم المتحدة للسودان، نيكولاس هايسوم، مع المجلس العسكري الانتقالي بالسودان، السبل الكفيلة للانتقال إلى نظام ديمقراطي بالبلاد.

ونقل البيان عن هايسوم قوله إن اللقاء تناول الوضع السياسي الراهن بالبلاد، والسبل الكفيلة للانتقال إلى نظام حكم ديمقراطي بالسودان.

وأكد دعم الأمم المتحدة لجهود الاتحاد الإفريقي للوصول إلى اتفاق سياسي، وإيجاد حلول على المدى الطويل للمشكلات الاقتصادية التي يعاني منها السودان بمشاركة المجتمع الدولي.

ويبحث المجلس العسكري عن الشرعية الدولية والإقليمية التي لم ينلها سوى من حلفائه الإقليميين، مصر والسعودية والإمارات، فيما ترفض الدول الكبرى والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة إضافة إلى الاتحاد الإفريقي، الاعتراف به حتى تسليمه السلطة للمدنيين.

TRT عربي
الأكثر تداولاً