سد نوفا كاخوفكا / صورة: AFP (AFP)
تابعنا

تستمر روسيا وأوكرانيا في تبادل الاتهامات حول مسؤولية تفجير "سد نوفا كاخوفكا" في منطقة خيرسون جنوب أوكرانيا، ويحظى السد بأهمية استراتيجية واضحة للطرفين ما زاد إشكالية تحديد الجهة المتورطة في التفجير، فللروس والأوكرانيين مصالحهم في بقاء السد وتفجيره في الوقت ذاته.

يسيطر الجيش الروسي على المدخل الجنوبي للسد (الضفة اليسرى للنهر)، فيما يسيطر الجيش الأوكراني على المدخل الشمالي (الضفة اليمنى للنهر)، ما يجعل إمكانية وصول كلاهما إلى السد وتفجيره ممكناً بالقصف أو التفخيخ.

وسبق لموسكو أن اتهمت الجيش الأوكراني بقصف السد بالصواريخ، كما تتهم أوكرانيا روسيا بتفجير الجزء السطحي من السد في أثناء انسحابها من خيرسون للحؤول دون تقدم الجيش الأوكراني للعبور للضفة الأخرى.

وتسببت الفجوة التي وقعت في السد يوم 6 يونيو/حزيران في فيضانات أغرقت المناطق المحيطة بالسد وتسببت في إجلاء أكثر من 17 ألف شخص من سكان تلك المناطق. ويلاحَظ أن الجانب الأيسر للسد الواقع تحت سيطرة الجيش الروسي هو أكثر انخفاضاً من الجانب الأيمن الذي تسيطر عليه أوكرانيا ما جعله أكثر تضرراً.

الأمن المائي والغذائي

شُيّد سد نوفا كاخوفكا على نهر دنيبرو عام 1956 في عهد الاتحاد السوفييتي، وهو أكبر وآخر السدود الستة المشيّدة على النهر.

ويصل ارتفاع السد إلى ما يقرب من 30 متراً، بطول 3.2 كلم، ويحجز خلفه بحيرة ضخمة تحتوي على 18 مليون متر مكعب من المياه.

هذا الأمر جعل للسد أهمية بالغة في توفير امدادات مياه الرأي والشرب لمنطقة جنوب خيرسون وشبه جزيرة القرم، وتعاني شبه جزيرة القرم من إشكالية في المياه الجوفية ما يجعل الإمدادات القادمة من منطقة السد استراتيجية وضرورية لشبه الجزيرة، هذا الأمر جعل من خيرسون هدفاً للقوات الروسية لتامين الأمن المائي لمنطقة القرم.

ومن المتوقع أن يترك استهداف السد أثراً سلبياً على شبكات الرأي في المنطقة والتي تعتمد على بحيرة السد في الحصول على إمدادات المياه، ما يعني أن مساحات واسعة من الأراضي الزراعية الخصبة سوف تُحرم من إمدادات المياه.

ومن المتوقع أن يترك نقص إمدادات المياه أثراً سلبياً على الإنتاج الزراعي لأوكرانيا وبالتالي على الأمن الغذائي العالمي، وهذا ما أشار إليه الرئيس الأوكراني زيلينسكي، عندما كتب على شبكات التواصل الاجتماعي "تدمير السد سيؤثر في الأمن الغذائي العالمي".

وتمتد آثار تدمير السد إلى أمن الطاقة للمنطقة، إذ تعتمد محطة كاخوفكا الكهرومائية على السد في توليد الكهرباء، كما أن محطة زابوروجيا النووية الأكبر في أوروبا تستخدم مياه البحيرة في تبريد المفاعل النووي للمحطة.

لماذا روسيا؟

خلال الأشهر الأولى لتقدم الجيش الروسي وسيطرته على محافظة خيرسون، جرى الحديث عن إمكانية تفجير السد لوقف الزحف الروسي نحو العاصمة كييف من الجنوب، وعزل مقدمة الجيش الروسي في خيرسون وقطع خطوط الإمداد عنه.

وتفادياً لذلك، انسحب الجيش الروسي وتحصن في الجبهة الأخرى من نهر دنيبرو، لينتقل من الوضع الهجومي الذي كان عليه إلى وضع دفاعي في مقابل الجيش الأوكراني الذي تحول إلى الطرف المهاجم.

وتستعد أوكرانيا لشن هجوماً مضاداً، ما يجعل من مصلحة الروس تفجير السد وإغراق المنطقة بالفيضانات لتشكل حاجزاً طبيعياً يعرقل أي توجه أوكراني للهجوم من خلال منطقة خيرسون، ما يساهم بالمجمل العام في منع أوكرانيا من مهاجمة الجبهة ودفع الهجوم نحو جبهات أخرى.

فالفوائد التي سوف تجنيها روسيا من تدمير السد تفوق الأضرار الناتجة عن تدميره.

لماذا أوكرانيا؟

عدد من الاعتبارات يدفع أوكرانيا إلى تفجير السد، فالطبيعة المنخفضة للضفة اليسرى من نهر دنيبرو التي يسيطر عليها الجيش الروسي مقارنة باليمني تجعل الروس الأكثر تضرراً من فيضان النهر.

كما أن انهيار السد سوف يحرم شبه جزيرة القرم من إمدادات المياه العذبة، ما يجعل الروس مطالبين بالتعامل مع الآثار المتربة على ذلك، كما أن تعطل السد وبحيرته سوف يقلص إمدادات الكهرباء من محطتي الكهرباء والطاقة النووية ما يعني أن شبه جزيرة القرم ستعاني من نقص إمدادات الطاقة والمياه في ذات الوقت.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً