نتنياهو قال إن يوم توقيع ترمب على الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان هو يوم تاريخي لإسرائيل (AP)
تابعنا

"إنه يوم تاريخي لدولة إسرائيل"، كانت هذه الجملة المختصرة هي أوّل تعليق من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على توقيع صديقه، كما يسميه دونالد ترمب على قرار يعترف بموجبه بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان السوري المحتل.

لم يكن نتنياهو وحده من اعتبر هذا اليوم بمثابة يوم تاريخي، إذ أعاد قرار ترمب الوحدة ولو ليوم واحد، بين أشتات المجتمع الإسرائيلي الذي بدا في الآونة الأخيرة وقد أنهكته الفُرقة قُبيل الانتخابات المقرَّر إجراؤها في 9 أبريل/نيسان المُقبل.

قوبل القرار الأمريكي بالرفض المطلق من المجتمع الدولي، بما في ذلك الدول العربية والإسلامية ودول الاتحاد الأوروبي وروسيا، لكنه ظل متفاعلاً يتردد صداه في إسرائيل.

وعلى الرغم من أن القرار وُصف بأنّه بمثابة هدية قدّمها ترمب لنتنياهو قُبيل الانتخابات، فإن المشهد في إسرائيل يبدو أكثر تعقيداً من ذلك. وقد تناوله عدد من المحللين بالتأويل والتفسير، ومضوا يبحثون عمّا يمكن من خلاله فهم الواقع المرتبك، واستشراف المستقبل.

هدية مجانية؟

يقول مُحرر الشؤون السياسية في صحيفة هآرتس الإسرائيلية ألوف بن، إن "نتنياهو لم يكن رئيس الوزراء الأوّل في تاريخ إسرائيل الذي يحصل على هدية من الإدارة الأمريكية قبيل الانتخابات، ولكن يصعب علينا أن نتذكر مشهداً مشابهاً لمشهد نتنياهو، لأنه كان الوحيد الذي يحصل على مثل هذه الهدية بلا مقابل".

وقال إن قرار ترمب يبدو غريباً عن العلاقات بين إسرائيل وأمريكا، فعلى سبيل المثال سبق لنتنياهو نفسه أن تلقى دعماً كبيراً في ملفات مختلفة من قبل إدارة الرئيس أوباما، لكن ذلك لم يكن مجانياً، فقد اضطر نتنياهو إلى إطلاق وعد لأوباما بأنه لن يقصف المفاعلات النووية الإيرانية، وكذلك كان الدأب مع رابين وباراك، كل ما حصلوا عليه قدموا شيئاً مقابله.

وذكرت صحيفة معاريف الإسرائيلية أنه "في ظل اقتراب موعد الانتخابات، يتلقى نتنياهو دعماً كبيراً من الإدارة الأمريكية، فالرئيس الأمريكي يعترف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان، ومن أقنعه بذلك هو السيناتور الذي زار الجولان مؤخراً برفقة نتنياهو، ليندسي غراهام".

وتشير الصحيفة إلى أن "الغاية هي تحقيق مكسب سياسي جديد لنتنياهو قبيل الانتخابات، وهذا المكسب سيستغله نتنياهو في دعاية انتخابية واسعة النطاق".

الرئيس الأمريكي، وفي جرّة قلم، حطّم المبدأ الأساسي للقوانين الدولية، الذي ينص على أن الحدود تُرسم بالتوافق بين الدول وأن الأرض لا تؤخذ بالقوة

ألوف بن - محرر الشؤون السياسية في صحيفة هآرتس

فرض الأمر الواقع وشرعنة الاحتلال

لدى نزوله من الطائرة نفسها التي أقلّت نتنياهو في رحلة العودة المُبكرة من واشنطن إلى تل أبيب، قال مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى لوسائل الإعلام، إن "الاعتراف الأمريكي بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان، يفرض أمراً واقعاً مفاده أنه يمكننا الاحتفاظ بأي منطقة نحتلّها في إطار حرب دفاعية".

ونقل الموقع الإلكتروني الإسرائيلي مكور ريشون عن المصدر قوله "الجميع يدّعي أنه لا يمكن الاحتفاظ بأرض مُحتلة، عليهم الآن أن ينظروا، ها قد بات الأمر ممكناً، الأرض التي نحتلها في حرب دفاعية تصبح ملكنا".

وأضاف المسؤول أن قرار الاعتراف بالسيادة على الجولان، من شأنه أن يمهّد الأرض نحو البدء في حملة إسرائيلية جديدة تهدف إلى دفع البيت الأبيض للاعتراف بالسيادة على مناطق C في الضفة الغربية".

نتنياهو نفسه اعترف بأن الجولان ليست أرضاً إسرائيلية، لكنه شدد على أنها صارت تابعة لإسرائيل، وحاول سوق مبررات تاريخية.

وقال لوسائل الإعلام "أنهيت زيارة تاريخية إلى الولايات المتحدة، سوف تذكرها الأجيال، إذ فرضنا من خلالها مبدأً مهماً في العلاقات الدولية، مفاده أنه في حال بدأت دولة ما حرباً وأضاعت خلالها أرضاً، فلا يمكنها أن تأتي وتطالب بها بسهولة بعد ذلك". وأضاف "لدينا تاريخ في الجولان، هناك كنس تابعة لنا".

في ذات السياق، أشار ألوف بن في مقاله إلى أن "الرئيس الأمريكي، وفي جرّة قلم، حطّم المبدأ الأساسي للقوانين الدولية، الذي ينص على أن الحدود تُرسم بالتوافق بين الدول وأن الأرض لا تؤخذ بالقوة".

وأشار إلى أن ترمب دعم بتوقيعه احتلال إسرائيل للجولان السورية، ووافق على أن تبقى الجولان تحت السيطرة الإسرائيلية إلى الأبد.

الاحتلال.. سيف واشنطن المشروع

بدوره قال الخبير في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية إبراهام إتنغير، إن اعتراف ترمب بالسيادة الإسرائيلية على الجولان "لا يمكن اعتباره هدية قُبيل الانتخابات، فالأمور لا تجري على هذا النسق".

وأضاف في مقال نشرته صحيفة يسرائيل هيوم "دون أدنى شك فإن القرار الأمريكي يعد دعماً كبيراً لإسرائيل وحضورها دولياً، لكن في مقابل ذلك يُعَدّ مصلحة أمريكية بالدرجة الأولى، إذ يخدم مصالح واشنطن في الشرق الأوسط".

الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان من شأنه أن يدعم الذراع الإستراتيجية لواشنطن في المنطقة دون أن تُضطرّ إلى الدفع بتعزيزات عسكرية إضافية

إبراهام إتنغير - الخبير في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية

وقال إن "إسرائيل تُعتبر الخط الأوّل على الجبهة بالنسبة إلى الولايات المتحدة، والاعتراف بسيادتها على الجولان من شأنه أن يعزّز قوّة ردعها من جهة، ويدعم الذراع الإستراتيجية لواشنطن في المنطقة دون أن تُضطرّ إلى الدفع بتعزيزات عسكرية إضافية".

وأشار إتنغير إلى أن الوجود الإسرائيلي في الجولان يساهم في إجهاض محاولات إيران الانتشار العسكري في سوريا ولبنان.

رئيس الوزراء الإسرائيلي قال إن زيارته إلى واشنطن سوف تذكرها الأجيال  (AP)
TRT عربي
الأكثر تداولاً