قوات حفتر تقصف الأحياء السكنية في العاصمة طرابلس عشوائيّاً (AFP)
تابعنا

في تكرار لمشهد استهداف المدنيين من طرف طائرات معمر القذافي عام2011، عاشت العاصمة الليبية طرابلس وأحياؤها السكنية ليلة من القصف العشوائي المتواصل، الذي تسبب في مقتل مدنيين اثنين وجرح ما لا يقل عن عشرة أشخاص.

التصعيد القوي من قوات حفتر، رغم نفيها لذلك، جاء استجابة لرسالة صوتية تنسب للواء المتقاعد يطالب فيها قواته "بدخول طرابلس فجر الأربعاء بأي ثمن"، إلا أن القوات التابعة لحكومة الوفاق الوطني، المعترف بها دولياً، حالت دون ذلك.

رغبة حفتر في الدخول إلى العاصمة بسرعة، سبقها بسويعات ظهور مجموعة أمنية فرنسية على الحدود مع تونس كانت في طرابلس، وقبلها بيوم كان اللواء في زيارة لحليفه الأول عبد الفتاح السيسي في القاهرة، الأمر الذي طرح أسئلة عدة عمّن اتخذ قرار القصف بهذه العشوائية والسرعة.

حفتر "مجرم حرب"

في سياق التعاطي الدولي والإقليمي مع ليلة طرابلس الدامية، توعد رئيس المجلس الرئاسي الليبي فائز السرّاج، بمقاضاة حفتر على أنه "مجرم حرب".

السراج الذي زار أماكن القصف فجر الأربعاء، قال إن حكومته ستقدم ملفات قانونية لمحكمة الجنايات الدولية لرصد الانتهاكات، مؤكدًا أن "المجرم الذي قام بهذا العمل سينال جزاءه".

وللمرة الأولى، وصف رئيس المجلس الرئاسي، اللواء المتقاعد حفتر، بأنه "مجرم حرب" حسب بيان لمكتب السراج الإعلامي، مضيفاً "فعل كهذا لا يقوم به شخص عنده ذرة من الإنسانية".

وأضاف السراج أن "القصف هجمة بربرية وحشية، قام بها المجرم حفتر على حي بوسليم وعلى حي الانتصار، تؤكد وحشيته".

وفي السياق ذاته اتهم الناطق باسم حكومة الوفاق الوطني، مهند يونس، قوات اللواء خليفة حفتر الذي يقود الجيش في الشرق الليبي، بقصف طرابلس، مشيراً إلى إن "لجوء حفتر لقصف المدنيين دليل على هزيمته في جبهات القتال".

ورغم مزاعم قوات حفتر، أن "القصف تقف وراءه قوات الوفاق في محاولة يائسة منها لاستعطاف العالم لكي يهب لنجدتها وإنقاذها من مصيرها المحتوم"، فإن المشهد بات واضحاً أمام العالم الذي طالب حفتر مرات عديدة بوقف العمليات فوراً.

القائد الأعلى للجيش الليبي رئيس المجلس الرئاسي يتفقد الاحياء السكنية التي تعرضت للقصف تفقد القائد الأعلى للجيش الليبي...

Posted by ‎حكومة الوفاق الوطني Government of National Accord‎ on Tuesday, 16 April 2019

من اتخذ القرار؟

لم تكن صورة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع خليفة حفتر في طرابلس، مجرد إعلان عن دعم مصري لقوات الشرق، الذي أصبح واضحاً منذ سنوات عندما شاركت طائرات مصرية في عمليات مشتركة معه.

بل بعث اللقاء بين الطرفين قبل يوم من التصعيد، رسالة مفادها أن الدول الإقليمية الحليفة لحفتر تدفع نحو إنهاء الحسم في العاصمة طرابلس سريعاً، من أجل ضمان حليف قوي في المنطقة بعد عدم وضوح الرؤية في الجزائر.

وربما هذا ما يفسر، ظهور وحدة أمنية فرنسية كانت تحمي السفيرة الفرنسية في طرابلس، على الحدود التونسية أثناء القصف.

وجاء ذلك بعد شكوك من السلطات التونسية حول هوية الفرنسيين، بعد قرار وزير الدفاع التونسي عبد الكريم الزبيدي مصادرة أسلحة وذخائر ينقلها أوروبيون بينهم فرنسيون على الحدود بين ليبيا وتونس.

ورغم توضيح وزارة الخارجية الفرنسية أن الأسلحة التي كان ينقلها الفرنسيون تعود إلى وحدة أمنية مكلفة حماية السفيرة الفرنسية في ليبيا، فإن الزبيدي أفاد في تصريحات صحفية بأن مجموعة أولى من 11 شخصا أتوا من ليبيا بجوازات سفر دبلوماسية، حاولت دخول تونس من طريق البحر على متن زورقين، رصدها الجيش التونسي ولاحقها وصولاً إلى سواحل جربة جنوب شرق البلاد.

كما لفت الوزير التونسي إلى ضبط أسلحة وذخائر أخرى بين أيدي مجموعة ثانية من 13 فرنسياً كانوا يتنقلون "تحت غطاء دبلوماسي" على متن ست سيارات رباعية الدفع عبر الحدود البرية التونسية الليبية.

نفي الخارجية الفرنسية وجود أي علاقة بين المجموعة الأولى وموكب الفرنسيين، لم يقنع السلطات التونسية التي تحقق في القضية إلى الآن، رغم تأكيد باريس أنه "لم تحصل أي مصادرة لأسلحة والتحقق من الأسلحة والتدقيق بها جرى بصفة طبيعية".

وسائل إعلام ليبية محلية ربطت بين بداية خروج المجموعات الأمنية الفرنسية وبداية قصف قوات حفتر، ففسرت ذلك على أنه تنسيق بين الطرفين، على أساس أن يكون القصف أكثر قوة وفاعلية، إلا أن تصدي قوات حكومة الوفاق له أبطل ذلك.

وهو ما يؤكد حالة الاستنفار التي تعيشها فرنسا في ليبيا، والتي فسرتها مجلة فورين بوليسي على أنها رد فعل طبيعي لخسارة الجزائر وعدم السيطرة على جنوب الصحراء الإفريقية.

لقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي واللواء المتقاعد خليفة حفتر في القاهرة
TRT عربي
الأكثر تداولاً