جانب من القصف الإسرائيلي على سوريا (Reuters)
تابعنا

ما المهم:لأول مرة يعلن الجيش الإسرائيلي على الفور، استهدافه مواقع لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني في سوريا، لتستمر تل أبيب عبر هذا الإعلان في اتخاذ سياسة عدم التكتم على عملياتها العسكرية في سوريا ضد النظام السوري وحلفائه.

وقال الإعلام الرسمي للنظام السوري إنه جرى صد صواريخ إسرائيلية وإسقاطها في سماء دمشق عبر قصف هو الثاني في أقل من 24 ساعة. فيما أكد مركز التحكم العسكري الروسي، أن الدفاعات الجوية السورية دمرت أكثر من 30 صاروخ كروز وقنبلة موجهة أطلقتها إسرائيل.

وأشار المركز إلى مقتل 4 جنود سوريين في الهجوم الإسرائيلي، فيما قال المرصد السوري إن القصف الإسرائيلي قرب دمشق وجنوبها، أسفر عن سقوط 11 قتيلاً.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عقب الهجوم إن "الضربة الجوية الإسرائيلية الأخيرة على سوريا استهدفت إيران والقوات السورية التي تساعدها"، وحذر إيران قائلاً "من يهددون بتدميرنا سيتحملون العواقب كاملة".

المشهد:كان نتنياهو قد صرح قبل يومين إن قواته هاجمت مئات الأهداف التابعة لإيران وحزب الله في سوريا، بينما تحدث رئيس أركانه السابق غادي إيزنكوت عن هجمات مماثلة بالآلاف لم تعلن عنها إسرائيل.

ولم يمر سوى يومين حتى أعلن الجيش الإسرائيلي عن شن غارات داخل الأراضي السورية ضد أهداف عسكرية تابعة لفيلق القدس الإيراني وبطاريات دفاع جوي سورية، حيث جاءت الضربات عقب هجمات عبر الحدود.

ذكر بيان للجيش الإسرائيلي أن الغارات استهدفت فيلق القدس "ردّاً على إطلاق صاروخ أرض-أرض من قِبل قوة إيرانية من داخل الأراضي السورية"، ضد منطقة شمال هضبة الجولان، حيث تم اعتراض الصاروخ من قبل منظومة القبة الحديدية.
وأكد البيان أنه "استهدف أهدافاً تابعة لفيلق القدس في سوريا، من بينها مواقع تخزين وسائل قتالية، وفِي مقدمتها موقع داخل مطار دمشق الدولي، بالإضافة إلى موقع استخبارات إيراني ومعسكر تدريب إيراني".

وقال النظام السوري إن دفاعاته تصدت لهجوم جوي إسرائيلي، في حين قالت إسرائيل إنها اعترضت صاروخاً أُطلق على مرتفعات الجولان.

وتأتي هذه الغارات بعد إعلان الجيش الأمريكي بدء سحب معدّات من سوريا، وفقاً لما أكّده مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكيّة، في وقت لا يزال الجدول الزمني لانسحاب 2000 جندي أمريكي تمّ نشرهم في هذا البلد غير واضح.

الخلفيات والدوافع: قصفت إسرائيل مراراً منذ 2011 أهدافاً عسكريّة للجيش السوري وأخرى لحزب الله وإيران في سوريا، كان آخرها في الـ12 من الشهر الحالي في مطار دمشق الدولي.

وتُكرر إسرائيل أنها ستُواصل تصدّيها لما تصفه بمحاولات إيران الرامية إلى ترسيخ وجودها العسكري في سوريا وإرسال أسلحة متطوّرة إلى حزب الله اللبناني.

وكانت إسرائيل وروسيا قررتا في 2015 وضع آلية "لتجنب الصدام" بين الجيشين في سوريا، لكن هذا التنسيق اهتز عندما تم إسقاط طائرة عسكرية روسية عن طريق الخطأ من قبل الدفاع الجوي السوري بعد غارة إسرائيلية في 17 سبتمبر/أيلول 2018، ومقتل 15 عسكرياً روسياً كانوا على متنها.

وأعلن الجيش الإسرائيلي أن ضباطاً إسرائيليين وروساً، عقدوا اجتماعات بهدف "تحسين" التنسيق بين الجيشين و"تجنب الاحتكاك" خلال العمليات الإسرائيلية ضد إيران في سوريا.

وأكد الجيش في بيان أن هذه اللقاءات هدفها "تطوير الآلية وتحسينها لتجنب الاحتكاك بين الجيشين في القطاع الشمالي، وأثناء تحرك الجيش الإسرائيلي ضد ترسيخ وجود إيران في سوريا وتسليح حزب الله".

بين السطور: تقول التقديرات الإسرائيلية وفقاً لمقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز إنه بحلول عام 2016، نشرت إيران 3000 من الحرس الثوري في سوريا، إضافة إلى 8000 من مقاتلي حزب الله و11000 مُقاتل آخر من القوات الشيعية الأجنبية. وبلغت قيمة الأموال الإيرانية التي وُجهت نحو تحقيق هذا الهدف 16 مليار دولار على مدى سبع سنوات.

وأسقطت القوات الجوية الإسرائيلية حوالي 2000 قنبلة مفاجئة خلال عام 2018 وحده، بحسب تصريحات غادي أيزنكوت، رئيس الأركان السابق.

وفي مايو/أيار الماضي، حاولت إيران شن هجوم مضاد بإطلاق أكثر من 30 صاروخاً باتجاه إسرائيل، الأمر الذي دفع إسرائيل إلى الرد بهجوم عنيف أصاب 80 هدفاً منفصلاً تابعاً للجيش الإيراني ونظام الأسد في سوريا.

ما التالي: يقول الخبير في الشؤون الإسرائيلية عدنان أبو عامر، إن القصف الأخير يمثل قفزة جديدة لإسرائيل في سوريا، إذ إن الإعلان الرسمي الإسرائيلي عن تبني مثل هذه الضربات يمثل انقلاباً على سياسة الغموض التي كانت تتبعها إسرائيل في مثل هذه الضربات، بحيث تتجنب الاعتراف أو النفي.

ويرى أبو عامر في تصريحات لـTRT عربي "أن الضربات الإسرائيلية لها بعد داخلي مرتبط باقتراب الانتخابات، حيث يستعرض من خلالها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عضلاته، بوصفه رجل الأمن الأول الذي يدافع عن إسرائيل أمام أعدائها الخارجيين، حتى لو كلفه ذلك انتهاك السياسة القديمة في تنفيذ هذه الضربات بصمت".

وأشار أبو عامر إلى أن إسرائيل تتصرف وفقاً لضوء أخضر أمريكي وضوء أصفر روسي، وتحاول التأكيد على عدم وجود أي خطوط حمراء لديها في سوريا.

وأوضح أيضاً أن الضربات تلت الانسحاب الأمريكي من سوريا الذي نزل كـ"الصاعقة" على تل أبيب، وهو ربما كان أحد أسباب الإعلان عن هذه الضربات، لتثبيت إستراتيجيتها في سوريا التي تقضي بمنع إنشاء ممر بري إيراني يصل إلى حدودها مع لبنان وسوريا، وتأكيداً على قدراتها على الدفاع عن نفسها بدون وجود الحليف الأمريكي على الأرض.

وعلى صعيد الموقف الروسي يرى أبو عامر وجود مصلحة لروسيا في مثل هذه الضربات التي تصب في صالحها خلال الصراع الناعم بينها وبين إيران على الأراضي السورية، إذ ترغب موسكو أن تنفرد بالكلمة الأولى في سوريا.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً