إسرائيل تقصف أهدافاً قرب دمشق والدفاعات الجوية السورية ترد (AA)
تابعنا

ما المهم: يُعدُّ القصف الإسرائيلي لأهداف داخل الأراضي السورية مساء الثلاثاء، تطوراً جديداً في مرحلة ما بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب بدء انسحاب قوات بلاده من سوريا، الإعلان الذي تزامن مع ظهور بوادر إعادة بعض العواصم العربية لعلاقاتها الرسمية مع دمشق.

وبعد ساعات من العملية برزت انتقادات روسية واضحة ضد العملية الإسرائيلية، فيما صرّح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بنيته مواصلة الغارات.

المشهد: شنّت إسرائيل عدواناً جديداً بالقرب من العاصمة السورية دمشق، وفق ما ذكرته وسائل إعلام النظام السوري الرسمية، بينما قال الجيش الإسرائيلي إنه تصدى لصاروخ مضاد للطائرات أُطلقَ من سوريا.

وذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) نقلاً عن مصدر عسكري أن الدفاعات الجوية "تصدت لصواريخ معادية أطلقها الطيران الحربي الإسرائيلي من فوق الأراضي اللبنانية"، مشيرة إلى أنّ ذلك تمّ "في سماء ريف دمشق الغربي".

وأضافت الوكالة أنّ الدفاعات الجوية تمكنت "من إسقاط معظم الصواريخ قبل الوصول إلى أهدافها"، موضحة أن "أضرار العدوان اقتصرت على مخزن ذخيرة وإصابة ثلاثة جنود بجراح".

من جهته، قال الجيش الاسرائيلي إنّ "نظام الدفاع الجوي تصدى لصاروخ مضاد للطائرات أُطلق من سوريا"، دون أن يتبنى في المقابل الضربة الجوية.

في غضون ذلك، نقلت مجلة نيوزويك الأميركية عن مصادر إسرائيلية عسكرية رفيعة المستوى قولها إنّ الضربة الجوية استهدفت قادةً في حزب الله اللبناني، مضيفةً "أنّها نُفّذَت بعد دقائق من ركوبهم طائرة متوجهة إلى إيران".

الضربة الجوية استهدفت قادةً في حزب الله اللبناني، ونُفّذَت بعد دقائق من ركوبهم طائرة متوجهة إلى إيران

مجلة نيوزويك الأميركية

يُذكر أن الرئيس السابق للاستخبارات الإسرائيلية عاموس يلدين، في تصريح إذاعي، شكك في صحة ما ذكرته المجلة الأميركية، مضيفاً أنّ "إسرائيل لا تهاجم مسؤولين في حزب الله، وإنما أسلحة متطورة وذخائر نُقلت إلى حزب الله والمنشآت الإيرانية، وأفترض أنّ هذا ما استُهدف".

ردود الأفعال: أعلنت وزارة الدفاع الروسية أنّ الهجوم الإسرائيلي "نفذته 5 طائرات من طراز F16 من الأجواء اللبنانية"، مضيفة أنّ "منظومة الدفاع الجوي السورية اعترضت 14 صاروخاً من أصل 16".

وقالت إنّ الغارة الإسرائيلية "المستفزة" شُنّت في اللحظة التي كانت فيها طائرتان مدنيتان تستعدان للهبوط في دمشق وبيروت، ما خلق "تهديداً مباشراً" على الطيران المدني، وهو ما انتقدته أيضاً وزارة الخارجية الروسية.

وعقب البينات الروسية، نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن نتنياهو قوله إن "قرار الرئيس ترمب سحب القوات الأميركية من سوريا لن يغير من سياستنا هناك، لدينا خطوط حمراء في سوريا وفي كل مكان آخر". وأضاف "لسنا مستعدين للتوافق مع سعي إيران لتأسيس قوة عسكرية في سوريا موجهة إلينا، ونعمل لإحباط ذلك حتى في هذه الأيام".

وفي تصريح لـTRT عربي، أشار مصدر في وزارة الخارجية الإيرانية إلى أنّ "الهجمات مُدانة وتُعتبر عدواناً واضحاً وخرقاً سافراً وانتهاكاً لسيادة سوريا وسلامتها".

هذه الهجمات مدانة وتُعتبر عدواناً واضحاً وخرقاً سافراً وانتهاكاً لسيادة سوريا وسلامتها

مصدر في وزارة الخارجية الإيرانية لـTRT عربي

الخلفيات والدوافع: منذ عام 2011، شنّت إسرائيل ضربات عدة على سوريا استهدفت الجيش السوري وحلفاءه، خصوصاً القوات الإيرانية ومواقع لحزب الله اللبناني، ولكن دون أن تتبنى علناً عملياتها، وهذه هي المرة الأولى التي توجّه فيها إسرائيل ضربات في سوريا منذ إعلان الرئيس ترامب سحب قوات بلاده.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عقّب على إعلان ترمب بالقول "سنعمل على صون أمن إسرائيل وسندافع عن أنفسنا في هذه الساحة"، مضيفاً في تصريح لاحق أنّ "تل أبيب ستواصل العمل ضدّ محاولات إيران لترسيخ وجودها العسكري في سوريا، سنوسع أعمالنا هناك إلى الحد اللازم".

ويرى الصحفي المتابع للشأن الإسرائيلي محمد محسن وتد أنّ التطورات الأخيرة تندرج في سياق الغارات والضربات الإسرائيلية المعتادة.

وأضاف وتد في حديث لـTRT عربي أنه عقب إعلان ترمب "الذي يفرض مشهداً جديداً في سوريا"، فإنّ تل أبيب تسعى لإبقاء "يدها الطولى في الجنوب، بخاصة أنّ إعلان الانسحاب الأميركي يتزامن مع موقف دولي وعربي جديد يريد استكمال العملية السياسية في سوريا، وبالتالي فإن إسرائيل لا تدرك ماهية المشهد الذي سيكون في المرحلة اللاحقة نظراً إلى وجود عنصرين جديدين في سوريا هما حزب الله وإيران".

في السياق نفسه، يشير الكاتب المتخصص بالشأن السوري إبراهيم العلبي، لـTRT عربي، إلى أنّ العملية الإسرائيلية "ترجمة لتصريحات نتنياهو عقب إعلان ترمب بدء الانسحاب، وهي محاولة للقول إن روسيا لن يكون لها النفوذ الكامل في سوريا بدرجة تجعلها تمنع إسرائيل من شنّ غارات".

تسعى تل أبيب للإبقاء على يدها الطولى في الجنوب السوري، خاصةً أنّ الإعلان عن الانسحاب الأميركي يتزامن بدوره مع موقف دولي وعربي جديد

محمد محسن - الصحفي المتابع للشأن الإسرائيلي

من وجهة نظر إيران المعنية مباشرة بهذه الضربات الإسرائيلية، يقول المصدر الدبلوماسي الذي رفض الإفصاح عن اسمه، لـTRT عربي، إن "هذا العدوان يمكن النظر إليه من زاويتين، الأولى أنه بعد إعلان الولايات المتحدة الأخير يسعى الكيان الإسرائيلي ليثبت وجوده العسكري في سوريا، وليثبت استقلاليته تجاه التطورات سواء في ظل الوجود الأميركي وعدمه".

والزاوية الثانية، وفق الدبلوماسي الإيراني، هي أنّ "هذا الكيان يسعى لأن يعرض نفسه أمام الفاعلين بأنه يرصد كل تحرك أو تطور، ويبحث في هذا المسار عن التأثير النفسي على المراقبين والفاعلين وقلب المعادلات لصالحه ومنع أي نوع من التطورات التي يرى بأنها تعرضه للخطر".

ما التالي: الباحث الروسي في شؤون الشرق الأوسط ألكسي خلبنيكوف، يرى أنّ "الترابط شديد بين الانسحاب الأميركي والعملية الإسرائيلية"، مضيفاً في حديث لـTRT عربي أن "إسرائيل سبق لها أن أعلنت قبل تصريح ترمب أنها ستواصل الدفاع عن أمنها وستواصل عمليات الاستهداف في سوريا، وهذه الضربات يُراد منها التأكيد والتذكير بأن إسرائيل موجودة ولن تغادر".

من جهة أخرى، كتب المحلل العسكري لصحيفة هآرتس الإسرائيلية عاموس هرئيل، "في جميع الحالات، لا تزال المواجهة الإسرائيلية الإيرانية في سوريا في مستوى منخفض، ولتفادي أي تصعيد مجاني للوضع، قد تتجه إسرائيل نحو مهاجمة أهداف أكثر في غارات أقل".

وهذا ما نقلته وسائل إعلام إسرائيلية نقلاً عن قائد سلاح الجو عميكام نوركين، الذي قال "منعنا إيران من تأسيس قوة عسكرية على حدودنا الشمالية، ليست هذه نهاية الحكاية، ولو تطلب الأمر فسوف نعمل ضد ذلك جواً وبراً".

TRT عربي
الأكثر تداولاً