الدمار جراء الحرب الحرب الإسرائيلية على غزة يفوق كل حروب وصراعات القرن الـ21 / صورة: AFP (AFP)
تابعنا

كشف تحقيق نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن الدمار الذي لحق بقطاع غزة جراء الحرب الإسرائيلية فاق كل الصراعات والحروب التي اندلعت في القرن الـ21.

وبيّن التحقيق أن الدمار الذي لحق بقطاع غزة وبشكل سريع يتجاوز أي حرب وقعت في المنطقة، إذ يتجاوز ما جرى تدميره خلال معارك النظام السوري في حلب بين عامي 2013 و 2016، أو حتى الحملة التي قادتها الولايات المتحدة لهزيمة تنظيم داعش الإرهابي في العراق وسوريا في 2017.

وأدى القصف الإسرائيلي الانتقامي بآلاف القنابل براً وبحراً وجواً، إلى استشهاد نحو 20258 شخصاً في غزة، معظمهم من النساء والأطفال، وإصابة أكثر من 53 ألفاً آخرين، وفق وزارة الصحة التابعة بالقطاع.

واعتمدت "واشنطن بوست" في تحقيقها على مقارنات بتحليل صور الأقمار الصناعية، وبيانات الغارات الجوية وتقييمات الأمم المتحدة، وكذلك إجراء مقابلات مع أكثر من 20 شخصاً يعملون في الإغاثة والرعاية الصحية وخبراء في الذخائر والحرب.

تحليل بيانات وصور أقمار الصناعية لحجم الغارات الإسرائيلية والدمار الذي لحق بقطاع غزة/ صحيفة "واشنطن بوست" (Others)

وكشف التحقيق أن الجيش الإسرائيلي شن غارات جوية متكررة واسعة النطاق قرب مستشفيات يفترض أنها محمية بموجب قوانين الحرب.

وتظهر صور الدمار ومكان الضربات الجوية أنها كانت قريبة من 17 مستشفى على الأقل من بين 28 مستشفى في شمال غزة، وفي بعض الحالات استخدمت إسرائيل قنابل وزنها يزيد على ألفي رطل، أي نحو طن.

"لا توجد منطقة آمنة"، هكذا وصفت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ميرينا سبولجياريك إيغر، الوضع في غزة بعد زيارتها مطلع ديسمبر/كانون الأولى.

وقالت: "لا تمر بشارع واحد إلا وترى فيه تدميراً للبنية التحتية بما في ذلك المستشفيات".

ومنذ بداية الحرب وحتى الآن أجبر ما يقارب من 1.9 مليون شخص، أي أكثر من 85 في المئة من سكان غزة، على ترك منازلهم، وهو أكبر نزوح منذ عام 1948.

وردّ الجيش الإسرائيلي على تساؤلات للصحيفة الأمريكية، زاعماً أن عملياته تأتي رداً على هجمات حركة حماس، الذي يعمل على تفكيك قدراته العسكرية والإدارية، مدعياً أن الجيش الإسرائيلي "يتبع القانون الدولي ويتخذ الاحتياطات الممكنة لتخفيف الأضرار التي تلحق بالمدنيين".

الأكثر تدميراً وقتلاً للمدنيين.. الحرب على غزة فاقت كل حروب القرن الـ21 (صور أقمار صناعية حصلت عليها واشنطن بوست)

أكبر معدل ضحايا مدنيين في القرن الحالي

من جهته، قال المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية الأسبق، مايكل لينك، إن "حجم القتلى المدنيين الفلسطينيين في مثل هذه الفترة القصيرة من الزمن، هو أعلى معدل للضحايا المدنيين في القرن الحادي والعشرين".

وعلى صعيد المباني خلال الفترة الممتدة ما بين 7 أكتوبر/تشرين الأول وحتى 26 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي تضرر أكثر من قرابة 38 ألف مبنى في غزة، نحو 30 ألفاً منها في شمال القطاع لوحده.

وفي مقارنة الأضرار التي لحقت بغزة حتى أواخر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي مع الأضرار التي لحقت بحلب التي شن النظام السوري هجمات ضارية عليها خلال 2013 حتى 2016، كان حجم الدمار متقارباً رغم عدم مرور سوى 7 أسابيع على الحرب في غزة.

كما يبلغ عدد المباني المدمرة في غزة ضعف ما جرى في مدينة الموصل العراقية، خلال 9 أشهر من الهجوم عام 2016 بسبب تنظيم داعش.

وفي الرقة بسوريا، حيث جرت ملاحقة تنظيم داعش، في عام 2017، خلال فترة 8 أشهر، كان عدد المباني الذي تدمر في غزة أكثر بضعفين ونصف في أسابيع مما شهدته الرقة.

وفيما يزيد على شهرين، أطلقت القوات الجوية الإسرائيلية أكثر من 29 ألف ذخيرة جو-أرض، نحو 45 في المئة منها لم تكن موجهة، حسب تقييم صادر من مكتب مدير الاستخبارات الأمريكي، ما يكشف عن معدل قصف أعلى بنحو ضعفين ونصف عن ذروة الضربات التي شنها التحالف الدولي الذي قادته واشنطن لهزيمة تنظيم داعش، حسب بيانات "أير وارز".

إحدى السمات المميزة للحملات الإسرائيلية "الجوية الأكثر عشوائية، كانت قصف المستشفيات التي لا يمكن مهاجمتها بموجب قوانين الحرب"، ولم يخف الجيش الإسرائيلي وجهة نظره بأن مستشفيات غزة كانت أهدافاً عسكرية بذريعة وجود مراكز تحكم تابعة لحماس أو أنفاق.

ويظهر تحليل البيانات أن القصف الإسرائيلي ألحق الأضرار بالمباني على مسافة 180 مترا من جميع مستشفيات شمال غزة البالغ عددها 28 مستشفى، إذ أظهرت دلائل مرئية أن القوات الإسرائيلية أطلقت النار على مستشفيات وقصفتها وحاصرتها وداهمتها، حسب الصحيفة.

قصف هو الأكثر عشوائية

وكانت دراسة إسرائيلية نشرتها صحيفة هآرتس العبرية كشفت أن "حملة القصف الجوي التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة هي الأكثر عشوائية من حيث سقوط ضحايا مدنيين في السنوات الأخيرة".

وأشارت الدراسة إلى أن "نسبة الوفيات بين المدنيين في غزة أعلى مما كانت عليه في جميع الصراعات التي حدثت في القرن العشرين"، حسب تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية.

وأجرى الدراسة أستاذ علم الاجتماع، ياجيل ليفي، الذي وجد أن نسبة الوفيات بين المدنيين في الغارات السابقة التي كانت تشنها إسرائيل خلال الفترة 2012 وحتى 2022 لم تتجاوز 40 في المئة، وانخفضت إلى ما نسبته 33 في المئة حملات القصف التي جرت سابقاً خلال العام الحالي.

في ظل الوضع الإنساني الكارثي في غزة، أكد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس أن "الطلب الأكثر إلحاحاً هو وقف فوري لإطلاق النار".

وأشار إلى أن القطاع الذي تبلغ مساحته 362 كيلومتراً مربعاً وحيث يعيش مئات الآلاف من الفلسطينيين في مخيمات مؤقتة، تهدده إلى حد كبير "الجوع والمجاعة وانتشار الأمراض".

بدوره، قال مدير وكالة الأونروا في غزة، توماس وايت، عبر منصة إكس: "لا يوجد مكان آمن، لا يوجد مكان نذهب إليه"، مضيفاً: "الناس في غزة بشر وليسوا أحجاراً على رقعة شطرنج".

وتتواصل جهود الوسطاء المصريين والقطريين لمحاولة التوصل إلى هدنة جديدة بين إسرائيل وحماس. وكانت هدنة أولى استمرت أسبوعاً في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني أتاحت الإفراج عن 105 رهائن و240 أسيراً فلسطينياً وإدخال مزيد من المساعدات إلى القطاع.

لكن وجهات نظر طرفي النزاع ما زالت متباعدة. وتطالب حماس بوقف الحرب قبل بدء أي مفاوضات بشأن الرهائن. وإسرائيل منفتحة على فكرة الهدنة لكنها تستبعد أي وقف لإطلاق النار قبل "القضاء" على الحركة.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً