ما المهم: في الوقت الذي تسعى فيه إسرائيل إلى تهيئة الأجواء كافة لتسهيل تنفيذ خطة السلام الأمريكية للشرق الأوسط المعروفة إعلامياً باسم "صفقة القرن"، وفي ظل التقارب الإسرائيلي المُتسارع مع الدول العربية، والضغط المتزايد على السلطة الفلسطينية لقبول المخطط الأمريكي-الإسرائيلي، نشر محققو الأمم المتحدة، الخميس، تقريراً أشاروا فيه إلى أن "إسرائيل ربما ارتكبت جرائم حرب خلال الاحتجاجات السلمية التي عُرفت بمسيرات العودة الأسبوعية".
المشهد: قال محققون من الأمم المتحدة، الخميس، إن قوات الأمن الإسرائيلية "ربما ارتكبت جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية فيما يتصل بقتل 189 فلسطينياً وإصابة أكثر من 6100 خلال احتجاجات أسبوعية في قطاع غزة العام الماضي".
وذكرت لجنة التحقيق المستقلة المفوضة من قبل مجلس حقوق الإنسان أن أكثر من 6000 شخص تعرضوا لنيران حية من قناصة عسكريين إسرائيليين لصد المتظاهرين بالقرب من الجدار الفاصل.
وأشارت إلى أن لديها معلومات سرية بشأن من تعتقد أنهم المسؤولون عن أعمال القتل وبينهم قناصة وقادة عسكريون. وستقدمها إلى المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشيل باشليه، كي تحيلها إلى المحكمة الجنائية الدولية.
قوات الأمن الإسرائيلية قتلت وأحدثت عاهات مستديمة بمتظاهرين فلسطينيين لم يشكلوا خطراً وشيكاً يهدد آخرين بالقتل أو الإصابة الخطيرة
وأكدت اللجنة أن قوات الأمن الإسرائيلية "قتلت وأحدثت عاهات مستديمة بمتظاهرين فلسطينيين لم يشكلوا خطراً وشيكاً يهدد آخرين بالقتل أو الإصابة الخطيرة عند إطلاق النيران عليهم، كما لم يكونوا يشاركون بشكل مباشر في أعمال عدائية".
ومنذ مارس/آذار 2018 تتواصل مسيرات العودة السلمية على الحدود بين إسرائيل وقطاع غزة، للمطالبة بتخفيف الحصار الإسرائيلي على القطاع والاعتراف بحق اللاجئين الفلسطينيين هناك في العودة إلى ديارهم. وتزعم إسرائيل أن قواتها فتحت النار لحماية الحدود من التسلل والهجمات التي يشنها نشطاء مسلحون.
ويغطي التقرير الصادر عن الأمم المتحدة الفترة من 30 مارس/آذار إلى 31 ديسمبر/كانون الأول 2018، ويستند إلى مئات المقابلات مع ضحايا وشهود إضافة إلى السجلات الطبية وتسجيلات الفيديو وصور التقطتها طائرات مُسيّرة وصور فوتوغرافية.
ردود الأفعال: رحبت الرئاسة الفلسطينية بالتقرير الصادر عن لجنة تحقيق تتبع الأمم المتحدة، حول الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل ضد المتظاهرين السلميين في قطاع غزة.
وقالت الرئاسة في بيان إن التقرير يؤكد قيام "إسرائيل بجرائم حرب ضد أبناء شعبنا في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس".
وأضافت "المطلوب الآن من المحكمة الجنائية الدولية، التحرك الفوري لفتح تحقيق في هذه الجرائم المرتكبة، وقد آن الأوان لمحاسبة إسرائيل على هذه الجرائم، وألا تبقى دولة فوق القانون".
من جانبه، هاجم رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، على خلفية التقرير المذكور.
وأضاف "إسرائيل لن تسمح لحماس بالمس بالسيادة الإسرائيلية وبمواطنيها وستحافظ على حقها في الدفاع عن النفس".
وطالبت الهيئة بضرورة "ترجمة ما جاء في التقرير بمحاسبة قادة الاحتلال الذين شاركوا أو حرضوا على القتل والعدوان".
بين السطور: قال مركز "عدالة" الحقوقي، الذي ساهم بدعم المحققين الأمميين إن تقرير لجنة التحقيق الدولية حول جرائم إسرائيل ضد المتظاهرين العزل في قطاع غزة هو "إدانة واضحة لإسرائيل على كافة الأصعدة".
وأشار إلى أن لجنة التحقيق المستقلة المفوضة من قبل مجلس حقوق الإنسان تبنّت تحليلات مركز عدالة حول عدم تحقيق الحكومة الإسرائيلية مع الجنود والضباط المشتبه بارتكابهم جرائم ضد المتظاهرين وعدم تقديمهم للمحاكمة، وشككت بوجود نية جدية لدى إسرائيل لفعل ذلك.
من جانبه، قال ميخال سفراد محامي منظمة "يش دين" الحقوقية الإسرائيلية لصحيفة هآرتس إنه شهد أمام اللجنة الأممية ضمن جهود منظمته "لوقف الاستخدام غير القانوني وغير الأخلاقي للقوة وإطلاق النيران الحية على الآلاف من سكان قطاع غزة".
وأضاف "أمام اللجنة كشفتُ ما قدمناه سابقاً للمحكمة العليا في القدس حول استخدام الجيش للقوة المفرطة ضد مواطنين لم يشكلوا أي خطر".
وقال مدير عام منظمة "بتسيلم" اليسارية الإسرائيلية حجاي إلعاد إن منظمته ساعدت لجنة التحقيق الدولية في تحقيقها "وأمدتها بنتائج التحقيقات التي أجريناها حول إطلاق النار غير الأخلاقي على المتظاهرين في غزة".
وأضاف "أكثر من 50 عاماً على الاحتلال، وما زال القتل والعنف مستشريين، وهذا يثبت أنه لم تتوفر أيّة إرادة في إسرائيل لإعادة التقييم والحسابات".