تَردَّد اسم الوزير السابق محمد الصفدي مرشَّحاً لتشكيل الحكومة منذ أيّام (Reuters)
تابعنا

استفاق الشعب اللبناني على خبر اتفاق الأحزاب السياسية الرئيسية على اختيار وزير المالية السابق محمد الصفدي رئيساً للحكومة المقبلة خلفاً لسعد الحريري، الذي استقال من منصبه في29أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إثر مظاهرات حاشدة طالبت بإسقاط الحكومة ومحاسبة المسؤولين عن الفساد.

التوافق على الصفدي جاء خلال اجتماع عُقد في وقت متأخر الخميس، بين الحريري الذي لم يُبدِ أي اعتراضات على اختيار الصفدي، وممثلين عن جماعة حزب الله وحركة أمل والتيَّار والوطني الحر، حسب ما أفادته مصادر مطلعة لرويترز.

وتتفق السياسة اللبنانية مع التدخلات الإقليمية في الحديث بـ"لغة تهويلية" تضع الشارع اللبناني أمام خيار التراجع عن مطالبهم، إذ تقول صحيفة نداء الوطن اللبنانية إن "حديث الرئيس الإيرانيّ حسن روحاني عن السعي إلى حرب أهلية في لبنان، وإضفاء حزب الله على مشهد الثورة اللبنانية الطابع المؤامراتي، وصولاً إلى عودة وزير الدفاع في الحكومة المستقيلة إلياس بو صعب بالذاكرة إلى الحرب الأهلية وما حصل عام 1975، كلها مؤشّرات تؤكّد أن السُّلْطة الحاكمة لجأت إلى سلاح التخويف من الحرب الأهلية".

خلاف على الصفدي

وسط هذا التخويف يرى محللون أن الشارع اللبناني أمام خيارين، إما الخضوع لهذا التخويف والترهيب من احتمال تخريب لبنان إذا ما بقوا مصممين على مطالبهم، وإما الاستسلام للمرشَّح الجديد.

وأصبح واضحاً أن اللبنانيين الذين خرجوا إلى الشارع، مستثنيين الطائفية التي كانت تحكمهم، سيرفضون أي قرار سياسي لا يتوافق مع مطالبهم. وفي أول ردّ فعل على تعيين محمد الصفدي رئيسا للحكومة، خرج متظاهرون غاضبون في طرابلس وبيروت رافضين تسميته ومتهمين إياه بالفساد، ومطالبين بتشكيل حكومة انتقالية مستقلة من خارج الطبقة السياسية الحالية. ودعا المحتجون إلى التظاهر أمام منزل الصفدي في طرابلس تحت عنوان "حكومة تكنوقراط.. لا تكنو-سياسية".

وقالت صحيفة البناء اللبنانية، إن "الاعتصامات عمت ساحات بيروت، خصوصاً أمام منشأة الزيتونة باي التي يملكها الصفدي بموجب عقد مع شركة سوليدير التي يعتبرها الحراك الشعبي من علامات نهب المال العامّ باستثمار أراضٍ تملكها الدولة من خلال حصتها من ردم البحر من قبل شركة سوليدير، مقابل إيجار رمزي هو 2500 ليرة لبنانية للمتر الواحد الذي يعادل ثمنه عشرات آلاف الدولارات".

وأفادت مصادر لصحيفة البناء بـ"وجود فرضية أن يكون طرح الحريري بالون اختبار يؤكّد من خلاله لشركائه في الحكومة السابقة أن لا خيار أمامهم سوى العودة للبحث بشروط جديدة للتفاهم معه على تسميته لرئاسة الحكومة، لكن من موقع أفضل بعد أن يكون الشارع قد تَكفَّل بإسقاط اسم الصفدي. وقالت المصادر: "لو كان الحريري مخلصاً لفكرة البحث عن اسم بديل لكان اسم الرئيس تمام سلام خياره الأول".

مناورة أم استفزاز؟

اعتبرت صحيفة الأخبار اللبنانية،أن "قرار تسمية الصفدي لا يعدو كونه مناورة لتحقيق هدف لا يزال مجهولاً، وهو استفزاز للشارع المنتفض، ولكثيرين من الذين لم ينزلوا إلى الشوارع، لكنهم كانوا يأملون أن تشكّل الهبَّة التشرينية أداة للضغط على قوى السُّلْطة لتغيير سلوكها وسط الانهيار النقدي والمالي والاقتصادي العام".

وأضافت الصحيفة تحت عنوان ترشيح الصفدي مناورة أم استفزاز؟، أن "الصفدي، في نظر الجمهور، هو بطل فضيحة الزيتونة باي، وهو أحد المشتبه في تورّطهم بصفقة اليمامة الذائعة الصيت في الفساد بين بريطانيا والسعوديَّة، وهو من نادي وزراء الأشغال العامَّة القليلي الإنتاجية والسيئي السمعة".

وتابعت الصحيفة متسائلة: "أمام هذه الصورة، لماذا اختير الصفدي؟ هل هي مناورة من الحريري الذي يريد إحراق جميع المرشحين ليعود بشروطه هو لا بشروط الآخرين؟ أم إن ثمة من يتعمّد استفزاز الشارع لأهداف لا تزال مجهولة؟ الأسئلة تبدو غير منطقية، لكنها مشروعة في ظل اللجوء إلى خيار غير منطقي كترشيح الصفدي".

من جانب آخر اعتبرت صحيفة النهار اللبنانية أن "تسمية الصفدي ساهمت في زيادة الغموض، إذ برز اندفاع حمل دلالات لافتة من جانب فريق الحكم والتيَّار الوطني الحر إلى إشاعة أجواء توحي بأن البحث بات يدور فعلاً ونهائيّاً حول اسم شخصيَّة غير رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري لتكليفها تأليف الحكومة الجديدة، وفي المقابل، لم تبرز معطيات مماثلة لدى أوساط (بيت الوسط) حيال بتّ هذه المسألة المفصلية والحاسمة في تقرير وجهة الاستحقاق الحكومي تكليفاً وتأليفا".

أما صحيفة "الجمهورية" فكتبت قائلة: "بدلاً من أن تكون هناك اجتماعات مكثفة لأجل الخروج سريعاً بتكليف وتأليف يستوفي شروط المرحلة الاقتصادية والمالية ويجسّد طلبات وتمنيات وتطلعات الناس المنتفضة في الشارع، نرى وللأسف أنّ هناك تعاملاً مع الواقع المالي الكارثي ومع مطالب الناس بشكل بعيد كل البعد عن خطورة المرحلة واللحظة التي تمر بها البلاد".

مَن الصفدي؟

تَردَّد اسم الوزير السابق محمد الصفدي مرشَّحاً لتشكيل الحكومة منذ أيّام، بعد زيارته القصر الجمهوري ولقائه رئيس الجمهوريَّة ووزير الخارجيَّة، وسبق أن وقع الخيار على الصفدي حين قدّم سعد الحريري استقالته من السعوديَّة، قبل أن تتّضح حينها ظروف الاستقالة.

ويُعتبر محمد الصفدي (75 عاماً)سياسياً ورجل أعمال لبنانياً من أصول فلسطينية، تَلقَّى تعليمه الجامعي في الجامعة الأمريكيَّة ببيروت وحصل على إجازة في العلوم الإدارية منها عام 1968.بدأ مسيرته في التجارة بمدينة طرابلس، قبل أن ينتقل إلى بيروت، ثم إلى السعوديَّة، وتوسعت أعماله في دول عربية عديدة وأوروبا عبر سلسلة من المشروعات الاستثمارية في التكنولوجيا والمصارف والسياحة والبناء والإسكان والطيران.

وشغل الصفدي منصب وزير المالية في الفترة من 2011 إلى 2014 في حكومة نجيب ميقاتي.وفي عام 2008 أصبح وزيراً للاقتصاد والتجارة في حكومة فؤاد السنيورة الذي كان مدعوماً من الغرب، وشغل المنصب مجدداً في حكومة الحريري عام 2009، حسب وكالة رويترز.

وكان الصفدي عضواً في تحالف 14 آذار بقيادة الحريري، الذي تشكل بعد اغتيال رفيق الحريري والد سعد عام 2005،واختير عضواً في البرلمان للمرة الأولى في طرابلس عام 2000، لكنه لم يشارك في الانتخابات الأخيرة. وشغلت زوجته فيوليت الصفدي منصب وزيرة الدولة لشؤون التمكين الاقتصادي للنساء والشباب في حكومة الحريري.

ويمتلك الوزير السابق عضوية في عدد من المجالس الجامعية، منها مجلس أمناء جامعة الجنان، ومجلس أمناء مؤسَّسة تدريب الرواد اللبنانية، ومجلس الأمناء في الجامعة اللبنانية الأمريكيَّة، ومجلس المستشارين في معهد جامعة كينيدي بجامعة هارفرد.

محمد الصفدي (Reuters Archive)
TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً