اغتيالات لصحفيين ونشطاء بعد تظاهرات حاشدة انطلقت في مختلف المدن العراقية  (Reuters)
تابعنا

في نهاية يوم تدفق فيه آلاف العراقيين على الشوارع والساحات العامة، أقدم مسلحون مجهولون، مساء الجمعة، على اغتيال صحفيين اثنين في مدينة البصرة جنوبي العراق، وفق مصدرين أمنيين من الشرطة.

وأطلق المجهولون النار على مراسل قناة (دجلة) أحمد عبدالصمد، ومصورها صفاء غالي، عقب انتهائهما من تغطية الاحتجاجات وسط المدينة، وقد عُرف كلاهما بتأييده لمطالب الاحتجاجات الشعبية المناهضة للحكومة والنخبة السياسية الحاكمة، وانتقادهما لتدخل إيران في شؤون البلاد.

جاء ذلك عقب احتجاجات واسعة في العاصمة بغداد ومحافظات وسط وجنوبي البلاد، استجابة لدعوات نشطاء للخروج في تظاهرات "مليونية" بمناسبة مرور 100 يوم على بدء الحراك الشعبي.

تأتي المشاركة الواسعة في الاحتجاجات الشعبية المناهضة للحكومة والنخبة السياسية الحاكمة في العراق، الجمعة، بعد أسبوع حافل من نزاع أمريكي إيراني اتخذ من الأراضي العراقية مسرحاً له.

ويشهد العراق احتجاجات شعبية غير مسبوقة منذ أوائل أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تخللتها أعمال عنف خلّفت 500 قتيل وأكثر من 17 ألف جريح، وفق إحصاء لوكالة الأناضول استناداً إلى أرقام مفوضية حقوق الإنسان (رسمية) ومصادر طبية وأمنية.

ويتعرض الناشطون في الاحتجاجات إلى هجمات منسقة من قبيل عمليات اغتيال واختطاف وتعذيب منذ اندلاع الاحتجاجات قبل أكثر من شهرين، فيما تصاعدت وتيرة الاستهداف بصورة كبيرة في الأسابيع الأخيرة.

مليونية الجمعة

تركزت الاحتجاجات، الجمعة، في ساحة التحرير وسط بغداد ومدن وبلدات في محافظات بابل، ذي قار، واسط، المثنى، كربلاء، النجف، ميسان، البصرة.

ولوّح المتظاهرون بالأعلام العراقية ورفعوا لافتات وهتفوا ضد الأحزاب الحاكمة في العراق وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية وإيران.

اغتيال قاسم سليماني وتصاعد التوتر

وتصاعد التوتر بين واشنطن وطهران بصورة غير مسبوقة على الأراضي العراقية، إثر اغتيال أمريكا، قاسم سليماني، قائد فليق القدس التابع للحرس الثوري، وأبو مهدي المهندس القيادي في "الحشد الشعبي" العراقي بغارة جوية في قرب مطار بغداد الجمعة.

وردت إيران، الأربعاء، بشن هجوم بصواريخ باليستية على قاعدتين عسكريتين تستضيفان جنوداً أمريكيين في الأنبار (غرب) وأربيل (شمال).

وأطلق مجهولون، يشتبه بأنهم مسلحو فصائل عراقية موالية لإيران، صواريخ على السفارة الأمريكية وسط بغداد ثلاث مرات خلال أسبوع، لكنها وقعت في محيطها.

ردود الفعل العراقية على النزاع الأمريكي الإيراني

وأثار النزاع الأمريكي الإيراني غضباً شعبياً وحكومياً واسعاً في العراق، وسط مخاوف من تحول البلد إلى ساحة نزاع مفتوحة أمام واشنطن وطهران.

"الأحزاب الحاكمة هي من أوصلت العراق إلى ما هو عليه الآن" وفقاً لما قاله الناشط في احتجاجات ساحة التحرير سليم الجاموس لوكالة الأناضول.

وأضاف أن "العراق تحول لساحة صراع مفتوحة بين إيران وأمريكا، والدولتان تنتهكان سيادة البلد دون أن يحسبا أي حساب للدولة العراقية".

وأردف أن "العراق سيبقى ساحة مفتوحة للدول الأجنبية ما لم ترحل الأحزاب الحاكمة التي رهنت البلد للخارج، وتعمل وفق أجندات الدول الأجنبية دون مراعاة لأيّة مصلحة داخلية".

وخرجت الاحتجاجات في أرجاء البلاد وسط انتشار قوات الأمن في محيط أماكن التجمع.

وشهدت مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار، الجمعة، انتشاراً كثيفاً لأفراد الأمن، على خلفية وقوع صدامات مؤخراً بين المحتجين ومسلحين من فصائل "الحشد الشعبي".

وقالت شرطة ذي قار في بيان، إنها نشرت 3 أطواق أمنية في محيط ساحة الحبوبي، معقل المتظاهرين، وسط مدينة الناصرية لتأمين الاحتجاجات.

وأطلق مسلحون في فصائل "الحشد الشعبي" النار على المتظاهرين وأحرقوا خيامهم وسط الناصرية، الثلاثاء، ما أدى لمقتل اثنين على خلفية رفض المحتجين عبور موكب جثمان أبو مهدي المهندس من المدينة، قادماً من البصرة صوب النجف.

وقال خليل عبد الرضا، وهو متظاهر في ساحة الحبوبي بالناصرية، للأناضول، "نريد من الأحزاب الحاكمة وفصائلها المسلحة أن تعلم بأننا لا نؤيدها ولا نؤيد حليفتها إيران".

وأضاف: "نريدهم أن يرحلوا ويتركونا بسلام، ويتركوا لنا بلدنا نحكمها بعيداً عن الهيمنة الإيرانية والأمريكية".

وأشار عبد الرضا إلى أن "قوات الحشد تتهم المتظاهرين بأنهم يعملون لصالح الأجندات الأمريكية. لكننا نقول لهم إننا عراقيون نعمل لصالح بلدنا وليس لصالح أي دول خارجية، ولن نعود أدراجنا لحين استعادة قرار بلدنا وسيادته من أيدي الآخرين".

تنديد بالبرلمان العراقي

وندد الكثير من المتظاهرين في بغداد وبقية المحافظات بالبرلمان العراقي، ورفعوا يافطات كُتب عليها "البرلمان لا يمثلني".

وقال علاء الخالدي، وهو ناشط في تظاهرات البصرة، إن البرلمان العراقي يعكس تماماً توجهات الأحزاب الحاكمة، مضيفاً، "البرلمان اتخذ قراراً مصيرياً بإخراج القوات الأجنبية من البلاد بصورة انفعالية استجابة لرغبة إيران دون النظر إلى مصلحة البلد".

وتابع الخالدي، "نحن لا نريد أن تبقى القوات الأجنبية في البلد، لكن هل الوقت مناسب؟ هل انتفت حاجة العراق لتلك القوات؟ هل زال خطر داعش؟ يجب الإجابة على كل هذه الاسئلة قبل اتخاذ القرار".

وشدد على أن القرارات المصيرية يجب أن تراعي المصالح العليا للعراق، وليست رغبات الدول الخارجية.

وعلي خلفية مقتل سليماني والمهندس، صوّت البرلمان العراقي، الأحد، على قرار يطالب بموجبه الحكومة بإنهاء الوجود العسكري الأجنبي في البلاد. وقالت الحكومة لاحقاً إنها تعمل على إعداد الخطوات القانونية والإجرائية لتنفيذ القرار.

ووفق الخالدي، فإنه على رئيس الجمهورية برهم صالح الإسراع في اختيار شخصية مستقلة نزيهة لتشكيل حكومة مؤقتة تتولى التحضير لانتخابات مبكرة لاختيار برلمان يعمل لصالح البلد ويعكس مطالب الحراك الشعبي.

وأجبر المحتجون حكومة عادل عبد المهدي على الاستقالة، مطلع ديسمبر/كانون الأول الماضي، ويصرون على رحيل ومحاسبة كل النخبة السياسية المتهمة بالفساد وهدر أموال الدولة، والتي تحكم منذ إسقاط نظام صدام حسين عام 2003.

ويطالب المتظاهرون، أيضاً، باختيار مرشح مستقل نزيه لا يخضع للخارج وخاصة إيران، يتولى إدارة البلد لمرحلة انتقالية تمهيداً لإجراء انتخابات مبكرة.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً