الرئيس الأمريكي دونالد ترمب يستعد للإعلان عن خطته للسلام في الشرق الأوسط المعرفة باسم "صفقة القرن"  (AFP)
تابعنا

دولة مستقلة بكثير من المحددات، بدون جيش، وبدون سيطرة على المجال الجوي والمعابر والحدود، وبدون صلاحية عقد التحالفات مع دول أجنبية، وبـ71% فقط من مساحة الضفة الغربية مربوطة بنفق يوصلها بالجزء الآخر منها المتمثل بقطاع غزة، إسرائيل بداخلها وتسيطر على كافة مناحي الحياة فيها، المستوطنات تقطع أوصالها، حق العودة مرفوض والقليل من الأموال العربية لدعم اقتصادها، هذه هي دولة فلسطين الجديدة حسب صفقة القرن التي سيعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب تفاصيلها الثلاثاء.

شروط خيالية وتفاصيل مروعة، كشفت عنها صحيفة يديعوت أحرنوت الإسرائيلية، لخطة السلام الأمريكية، دمرت حق الفلسطينيين بدولة مستقلة، وتبرعت لهم باختيار أي مكان يريدونه كعاصمة لهم شريطة أن يكون خارج جدار الفصل العنصري، مقترحة أن تكون في مخيم شعفاط.

مؤامرة إسرائيلية أمريكية

وظهرت المزيد من تفاصيل صفقة القرن، في الوقت الذي يستعد فيه كل من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومنافسه زعيم المعارضة بيني غانتس للسفر إلى واشنطن لمناقشة اقتراح الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بشأن السلام، وبما أن الإدارة الأمريكية تدرك صعوبة تنفيذ اقتراح كهذا من قبل السلطة الفلسطينية، وضعت "مدة تحضير" في الصفقة لـ4 سنوات، تستطيع السلطة خلالها التراجع عن رفضها الرسمي.

وتحت عنوان "نتنياهو يعرف تفاصيل الصفقة مسبقاً"، كشفت صحيفة يديعوت أحرنوت في تقرير لها، نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين كبار، أنه "جرى تقديم تفاصيل خطة سلام إلى نتنياهو في الأسابيع الأخيرة، وترتيب الدعوة إلى واشنطن لتقديم الخطة بالتنسيق معه"، مشيرة إلى أن نتنياهو طلب من غانتس الحضور "من أجل إحباط أي معارضة منه للخطة المقترحة".

ورجح محللون إسرائيليون وفلسطينيون، أن السبب وراء توقيت تقديم الخطة قبل الانتخابات الإسرائيلية المقرر عقدها في مارس/آذار، هو إكساب نتنياهو المزيد من الأصوات للفوز بتشكيل الحكومة.

عقوبة رفض الفلسطينيين

ويفترض الكاتب الإسرائيلي بن درور يمينيفي مقال له أن الفلسطينيين يدفعون ثمن قولهم "لا" سابقا، فمنذ عشرينيات القرن الماضي عُرض عليهم دولة بمساحة أكبر لكنهم رفضوا، وقد حان الوقت لدفع الثمن"، حسب الكاتب.

ويقول الكاتب "صفقة القرن تقدم لإسرائيل أكثر من أي اقتراح سلام آخر تم تقديمه خلال العقدين الأخيرين، وأقل بكثير للفلسطينيين"، ويتساءل "هل هذا عادل؟" ثم يستدرك قائلاً "اعتاد الفلسطينيون في العقود الأخيرة على تلقي عرض جيد وفي كل مرة يرفضون فيها اقتراحاً آخر".

ويستذكر الكاتب عندما صرح صائب عريقات لصحيفة الدستور الأردنية عن سبب قرار الفلسطينيين رفض اقتراح رئيس الوزراء آنذاك إيهود أولمرت السخي للغاية عام2009، "عرض علينا رئيس الوزراء إيهود باراك 90% من المناطق المتنازع عليها، وعرض علينا أولمرت 100%. لماذا يجب أن نسرع؟" قال عريقات.

ويضيف "خطة ترمب للسلام تكسر هذا النمط وجدار الغطرسة الفلسطيني، لقد رفضوا 100% والآن سيعودون إلى60%".

ويرى الكاتب أنه "لتكون هناك دولة فلسطينية في المستقبل المنظور، لكن لدى إسرائيل فرصة تاريخية لتبقى المستوطنات تحت الحكم الإسرائيلي، وكذلك غور الأردن"، زاعما "أن الدولة الفلسطينية سوف تكون موجودة على الورق فقط".

لن يقول الفلسطينيون وحدهم "لا" لصفقة القرن، ستنضم إليهم أجزاء من اليسار الإسرائيلي والدولي في محاولة لتشكيل تحالف يعارض الاقتراح

الكاتب الإسرائيلي - بن درور يميني

ويختم الكاتب مقاله قائلاً "من المهم تنفيذ هذا الاقتراح بغض النظر عما إذا كان الأمريكيون سيشاركون أم لا، سيضمن أغلبية يهودية ويمنع قيام دولة ثنائية القومية، دعنا نترك لا للفلسطينيين. يجب أن تقول إسرائيل نعم".

خيارات الفلسطينيين

وتركت صفقة القرن الفلسطينيين بخيارات محدودة، فهم لن يتمكنوا من قبول "اللاشيء" المطروح بالصفقة، وإلغاء وجودهم وسيادتهم نهائياً، وضرب عرض الحائط بكل الثوابت من ضمنها حق العودة والقدس عاصمة لفلسطين.

وأصبح شعار الرئيس الفلسطيني "البديل عن المفاوضات هو المفاوضات" مستحيلاً، فلا مفاوضات في ظل بنود مجحفة، وتبقى الخيارات المرافقة لرفض الصفقة، هو تفعيل القرارات التي أصدرها كل من المجلس الوطني والمجلس المركزي، تحديداً فيما يتعلق بالتعاون الأمني وسحب الاعتراف بإسرائيل.

سلوك هذا المسار يعني أولا الاستعداد لمواجهة مباشرة وغير مسبوقة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وهي المواجهة التي حرص عباس حتى الآن على تجنبها، مع العلم أن خوض هذا المسار يستدعي حتماً توحيد الصف الفلسطيني الداخلي.

وتحاول السلطة الفلسطينية التركيز على المحافل الدولية بإثبات حقها بالأرض، خاصة أن قرار ضم غور الأردن قد يعتبر جريمة حرب حسب القانون الدولي، بالإضافة إلى أنها قد تتخلى عن ضبط الشارع الفلسطيني، وتسريع انفجاره، وهو الأمر الذي تتجنبه إسرائيل منذ سنوات.

إلى ذلك، قالت حركة حماس إنها مستعدة للقاء عاجل مع جميع الفصائل الفلسطينية لبحث سبل مواجهة صفقة القرن، فيما هددت منظمة التحرير بالانسحاب من اتفاقية أوسلو.

نعلن بوضوح رفض مؤامرة صفقة القرن واعتبار معركة التراجع فيها حرام علينا. فلسطين غير قابلة للمساومة أو البيع والشراء

رئيس المكتب السياسي لحركة حماس - إسماعيل هنية

من جانبه، قال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات "خطواتنا للرد على إعلان صفقة القرن تتمثل بإعلان تنفيذ قرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير وأبرزها إعلان انتهاء المرحلة الانتقالية".

وأضاف: "إعلان الخطة سيخلق واقعاً جديداً ويحول الاحتلال من احتلال مؤقت إلى دائم".

كماوصفت وزارة الخارجية الفلسطينية خطة ترمب المرتقبة في بيان بأنها "مؤامرة القرن لتصفية القضية الفلسطينية وانقلاب فاضح على المنظومة الدولية ومرتكزاتها".

إعلان واشنطن عن تطبيق هذه الخطة ما هو إلا محاولة لإخراج كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترمب من أزمته الداخلية على حساب القضية الفلسطينية

نبيل أبو ردينة - الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية

وحذّر الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، من الصفقة، وطالب المجتمع الدولي بالوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني ودحض محاولات تصفية القضية الفلسطينية.

تفاصيل الخطة

وتسمح الخطة لإسرائيل بضم ما بين 30 و40% من أراضي المنطقة ج في الضفة الغربية، وخلال فترة التحضير لتنفيذ صفقة القرن سيُجمد البناء في كل المنطقة ج التي تسيطر عليها إسرائيل، ما يعني أن بإمكان إسرائيل مواصلة النشاط الاستيطاني داخل المستوطنات القائمة من دون توسيعها، حسب المصدر ذاته، حسب صحيفة يديعوت أحرنوت.

وتقترح الخطة الأمريكية إقامة "نفق" بين غزة والضفة الغربية يكون بمثابة "ممر آمن"، إلا أن هذا المقترح لم يُبحث بعد من قبل منظومة الأمن الإسرائيلية، نظراً إلى إمكانية استخدام النفق المذكور في "نقل أسلحة أو مطلوبين"، حسب الصحيفة.

وتطالب صفقة القرن السلطة الفلسطينية بإعادة السيطرة على قطاع غزة ونزع سلاح حركتَي حماس والجهاد، وفق التقرير الإسرائيلي.

وتبقي الخطة الأمريكية على 15 مستوطنة معزولة تحت السيادة الإسرائيلية على الرغم من عدم وجود تواصل جغرافي لهذه المستوطنات مع إسرائيل، كما تطالب الخطة إسرائيل بإخلاء 60 موقعاً غير قانوني يعيش فيها نحو 3 آلاف مستوطن.

ووفق الصحيفة، تنص الصفقة على الإبقاء على مدينة القدس المحتلة تحت "سيادة إسرائيل"، بما في ذلك الحرم القدسي الشريف والأماكن المقدسة التي تدار بشكل مشترك بين إسرائيل والفلسطينيين.

TRT عربي
الأكثر تداولاً