ظهرت مجموعة "عرين الأسود" علناً في عرضٍ عسكريّ مطلع سبتمبر/أيلول الماضي في البلدة القديمة بنابلس (مواقع تواصل)
تابعنا

منذ ظهور مجموعة "عرين الأسود" الفلسطينية، ينفذ الجيش الإسرائيلي عمليات عسكرية محدودة شمالي الضفة الغربية المحتلة، في محاولات مكثفة للقضاء عليها قبل أن تتوسع أنشطتها.

ويرى خبراء ومراقبون فلسطينيون أن إسرائيل تستخدم تكتيكات عديدة للتعامل مع المجموعة المسلحة، والتي تعد ظاهرة جديدة في الضفة الغربية، من حيث العمل المنظم، والسرية، وعدم الانتماء إلى فصيل سياسي بعينه.

ومن بين أبرز هذه التكتيكات، حسب الخبراء، محاولة اختراق الجماعة المسلحة لكشف مخططاتها وإحباطها قبل تنفيذها، وكذلك معرفة عناصرها وقادتها وتنفيذ عمليات اغتيال ضدهم كما كانت تفعل خلال سنوات الانتفاضتين الأولى (1987- 1993) والثانية (2000-2005).

وفجر الأحد، أعلنت مجموعة "عرين الأسود" الفلسطينية المسلحة اغتيال تامر الكيلاني، أحد عناصرها في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، عبر تفجر عبوة.

وعلى الرغم من عدم إعلان إسرائيل مسؤوليتها عن العملية، فإن وسائل اعلام عبرية ألمحت إلى أن أجهزة الأمن الإسرائيلية تقف خلفية العملية، ووصفت الكيلاني" بأحد أبرز قادة المجموعة والمسؤول عن تنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية.

وظهرت مجموعة "عرين الأسود" علناً في عرضٍ عسكريّ مطلع سبتمبر/أيلول الماضي في البلدة القديمة بنابلس، وينتمي أفرادها إلى مختلف الفصائل الفلسطينية.

وقال مصدر فلسطيني مقرب من المجموعة المسلحة لوكالة الأناضول، إن "عددهم يصل إلى نحو 30 مسلحاً، وينتمون إلى الفصائل الفلسطينية كافة، ووحّدهم السلاح الموجه نحو الاحتلال الإسرائيلي، ويتخذون من البلدة القديمة في نابلس مقراً لهم".

وأضاف المصدر، مفضلاً عدم الكشف عن هويته، أن "المجموعة ترفض أي مساومة لحلها من الأجهزة الأمنية الفلسطينية، وترى أنها وُجدت لكي تقاتل".

ونفّذ مسلحو المجموعة عدة عمليات إطلاق نار ضد أهداف إسرائيلية، أبرزها في 12 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، حين نفذت 5 عمليات إطلاق نار ضد أهداف إسرائيلية أسفرت عن مقتل جندي وإصابة آخرين.

ويعتمد عناصر المجموعة على المباغتة بتنفيذ عمليات إطلاق نار ضد أهداف إسرائيلية وخاصة على الحواجز العسكرية.

ولا يعرف مصادر تمويل الجماعة المسلحة، غير أن مصادر صحفية فلسطينية محلية تقول إن "كتائب القسام" الجناح العسكري المسلح لحركة "حماس" تدعم المجموعة بالمال والسلاح، وهو ما لم تؤكده أو تنفيه الجماعة.

ورسمياً قتلت إسرائيل 4 عناصر من الجماعة المسلحة، آخرهم تامر الكيلاني، وسبقهم مقتل عدد من المطلوبين أبرزهم إبراهيم النابلسي، والذي يعد الصديق المقرب للمجموعة قبل الإعلان رسمياً عنها.

كيف تتعامل إسرائيل معها؟

أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العربية الأمريكية، أيمن يوسف، قال: "على ما يبدو فإن إسرائيل تعود إلى سياسة الاغتيالات وبقوة، وهذه العملية (اغتيال الكيلاني) لها خصوصية محورية إذ جرى تفجير عبوة وهي حادثة شبيهة بعمليات اغتيال لقادة المقاومة في انتفاضة 2000".

وأضاف يوسف في حديثه إلى مراسل الأناضول: "إسرائيل بدأت العمل على محاولة إحداث اختراقات أمنية واستخبارية وجمع المعلومات عن المجموعة لتنفيذ اغتيالات".

وتابع: "إسرائيل ترى في عرين الأسود جماعة مسلحة معادية لا يستهان بها، كما أي تنظيم فلسطيني معاد لها، ولذلك يوجد تعاون واضح لأكثر من جهة أمنية وعسكرية إسرائيلية للوصول إلى أفراد المجموعة واغتيالهم".

وحذر الخبير الفلسطيني من خطورة المرحلة القادمة، وقال "ربما أن السلاح الجديد الذي ستتخذه إسرائيل هو الاغتيال عن بعد إذ إنها غير قادرة على تنفيذ عملية عسكرية واسعة عبر الدبابات لأسباب جيوسياسية في نابلس تحديداً، لذلك ستنتهج نهج الاغتيالات وبأشكال مختلفة وقد توجد مفاجآت".

عملية الاغتيال مفاجئة

من جانبه، رأى أحمد رفيق عوض، مدير مركز القدس للدراسات، التابع لجامعة القدس الفلسطينية، أن "عملية الاغتيال بهذا الشكل شكلت مفاجأة للمقاومة الفلسطينية في نابلس".

وأضاف عوض: "كان من المتوقع أن تعود إسرائيل إلى عملية الاغتيالات عبر الطائرات المسيرة مثلاً، لكن أسلوب العملية في نابلس كان مفاجئاً، فزُرعت عبوة متفجرة في أزقة المدينة، وهي ذات الطريقة التي يستخدمها الموساد لقتل مطلوبين له خارج فلسطين".

وتابع: "عملية الاغتيال معقدة وجرى التخطيط لها بدقة".

وأشار عوض، في حديثه إلى مراسل الأناضول، إلى أن إسرائيل تنتهج سياسة تشديد الحصار على نابلس، لكنها لن تكتفي بذلك بل ستعمل على تنفيذ عمليات اقتحام محدودة، واغتيالات ومحاولة لتنفير الحاضنة الاجتماعية للجماعة.

واستبعد أن تذهب إسرائيل إلى عملية واسعة، غير أنه قال إن" التصعيد سيد الموقف بعد عملية الاغتيال، إذ تخلق مثل هذه العمليات شعوراً معاكساً، يدفع نحو الرد والانتقام"

إسرائيل لن تترك العرين

المختص بالشأن الإسرائيلي، محمد أبو علان، قال إنه "على الرغم من أن إسرائيل لم تعلن رسمياً مسؤوليتها عن العملية، فإن ما يقرأ بين السطور في الإعلام الإسرائيلي يشير بوضوح إلى ذلك".

وأضاف أبو علان في حديثه إلى الأناضول، أن "كل التصريحات الإسرائيلية السابقة للعملية تشير إلى أنها تعمل بكل الطرق للتخلص من جماعة عرين الأسود".

وتابع: "إسرائيل فرضت حصاراً على نابلس ولم تترك الجماعة المسلحة تعمل وتخطط وتجمع السلاح دون فعل ضدها".

وذكر أن "إسرائيل سعت لاستدراج الجماعة، ومحاولة استنزاف مدينة نابلس عبر الحصار الذي بدأ وقد يستمر إلى أجل غير مسمى".

ورأى أنه "إذا نفذت الجماعة عمليات أخرى تخلّف خسائر في صفوف الجيش الإسرائيلي أو المستوطنين من المؤكد فإن قوات الاحتلال ستنفذ عملية عسكرية قد تكون مركزة وخاطفة".

واعتبر أن "كل المؤشرات تقود إلى أن إسرائيل لن تترك الجماعة المسلحة".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً