يتصاعد التوتر في منطقة "دونباس" شرقي أوكرانيا، منذ أن أعلنت كييف في 26 مارس/آذار المنصرم مقتل 4 من جنودها جرّاء إطلاق نار من قبل انفصاليين موالين لروسيا.
تبع تلك الخطوة بدء روسيا بحشد قواتها العسكرية إلى الحدود مع أوكرانيا خشية انزلاق الأوضاع بدفع أمريكي أوروبي، وفق ما تقول موسكو.
وقالت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون"، إن الحشود العسكرية التي أرسلتها روسيا مؤخراً إلى الحدود مع أوكرانيا تعد الكبرى منذ عام 2014.
وأوضح المتحدث باسم الوزارة جون كيربي، الجمعة، في مؤتمر صحفي، أن روسيا لم تظهر نيتها بشفافية، مضيفاً أن "الحشد هناك (على الحدود مع أوكرانيا) يثير القلق"، وأن "هذه الخطوة لا تسهم في استقرار المنطقة".
وتهرب كيربي من الرد على أسئلة تتعلق بإرسال مدمرتين إلى البحر الأسود، مضيفاً أن عناصر عسكرية انتقلت إلى هناك بالتنسيق مع تركيا في إطار اتفاقية مونترو التي تنظم حركة المضايق.
وفي 30 مارس/آذار الماضي، أعلن رئيس هيئة الأركان الأوكرانية رسلان هومتشاك، أن القوات الروسية أرسلت وحدات إلى منطقة قريبة من الحدود بذريعة إجراء تدريبات عسكرية.
وبين الفينة والأخرى تندلع اشتباكات في دونباس شرقي أوكرانيا، بين القوات الحكومية والانفصاليين الموالين لروسيا الذين أعلنوا استقلالهم المزعوم عام 2014، ما أدى إلى مقتل أكثر من 13 ألف شخص منذ ذلك الحين حتى الآن.
وتشهد العلاقات بين كييف وموسكو توتراً متصاعداً منذ نحو 7 سنوات، بسبب ضم روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية إلى أراضيها بطريقة غير قانونية، ودعمها الانفصاليين الموالين في دونباس.
ولم تقف واشنطن عند التصريحات بل بدأت ببحث القضية مع حلفائها وكان أبرزهم ألمانيا وفرنسا.
وبحث وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، الجمعة، مع نظيريه الألماني هايكو ماس، والفرنسي جان إيف لودريان، "الاستفزازات الروسية" ضد أوكرانيا.
جاء ذلك خلال اتصالين هاتفيين منفصلين أجراهما بلينكن مع نظيريه في فرنسا وألمانيا، حسب ما نقلت قناة "الحرة" الأمريكية.
وجاء في بيان للخارجية الأمريكية، أن الوزراء شددوا على أهمية "دعم أوكرانيا ضد الاستفزازات الروسية الأحادية". وأضاف البيان أن الوزراء الثلاثة اتفقوا على ضرورة "أن تتوقف روسيا عن حشدها العسكري وخطابها الاستفزازي" تجاه أوكرانيا.
في الأثناء بحث وزيرا الخارجية الأوكراني ديمترو كوليبا، والفرنسي جان إيف لودريان، الحشود العسكرية الروسية قرب الحدود الأوكرانية وآخر تطورات المشهد في منطقة "دونباس".
جاء ذلك خلال اتصال هاتفي جرى بين الوزيرين، الجمعة، وفق ما ذكره الوزير الأوكراني، عبر حسابه الشخصي على "تويتر".
وقال كوليبا إن بلاده تشعر بالقلق إزاء حشد روسيا لقواتها على مقربة من الحدود مع أوكرانيا، فيما أكد "دعم فرنسا لسيادة ووحدة أراضي أوكرانيا".
وعلى الرغم من هذا التوتر استبعد الجيش الأوكراني الجمعة شنّ هجوم على الانفصاليين الموالين لروسيا الذين يسيطرون على منطقتين شرق البلاد، في ظل تنامي المخاوف من تصعيد كبير للنزاع المستمر منذ أعوام.
وقال قائد القوات المسلحة الأوكرانية الجنرال روسلان خومتشاك: إن "تحرير الأراضي المحتلة بالقوة سيؤدي لا محالة إلى عدد كبير من الخسائر في صفوف المدنيين والعسكريين، وهو أمر غير مقبول بالنسبة لأوكرانيا".
واتهم موسكو بـ"الترهيب والابتزاز بالقوة العسكرية" بهدف مفاقمة الوضع. وقال خومتشاك: "أوكرانيا مدعومة من قبل العالم المتحضر بأسره. لسنا وحدنا في مواجهة العدو".
لكن روسيا لها رأي آخر، فقد أعلن الكرملين الجمعة أنه يخشى استئناف القتال على نطاق واسع في شرق أوكرانيا، وأنه قد يتخذ خطوات لحماية المدنيين هناك، في تحذير صارخ يأتي وسط حشد للقوات الروسية على طول الحدود.
ويعكس بيان ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تصميم الكرملين على منع أوكرانيا من استخدام القوة لمحاولة استعادة السيطرة على الأراضي التي تقبع في أيدي الانفصاليين شرقي البلاد.
وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي زار جنود بلاده في منطقة دونباس يوم الخميس.
وفي الأسابيع الأخيرة، أعرب مسؤولون غربيون وأوكرانيون عن مخاوفهم بشأن انتهاكات وقف إطلاق النار المتكررة بشكل متزايد في قلب المنطقة الصناعية بالبلاد، والمعروفة باسم دونباس.
وخلال اتصال مع بوتين الخميس، دعت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل "إلى سحب هذه التعزيزات من أجل تحقيق تهدئة للوضع".
بينما قال الكرملين الجمعة إن بوتين اتهم أوكرانيا بالقيام "بأنشطة استفزازية خطيرة" في منطقة دونباس بشرق البلاد، وذلك خلال مكالمة هاتفية مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وحذرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا الجمعة من أن محاولة كييف الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي "لن تؤدي فقط إلى تصعيد هائل للوضع في جنوب شرق البلاد، بل قد تترتب عليها أيضاً عواقب لا رجعة فيها على وضع أوكرانيا كدولة".