صورة تُظهِر توقيع اتفاق بين وفد من الحكومة الموالية لحفتر شرق ليبيا وسوريا في دمشق في 1 مارس/آذار 2020 (صحيفة لوموند الفرنسية)
تابعنا

منذ بدء الجنرال المتقاعد خليفة حفتر هجومه على العاصمة الليبية طرابلس في إبريل/نيسان2019، تضاعف الدعم العربي والأجنبي له، وكان في مقدمته دعم دولة الإمارات التي كان لها دور كبير في تزويد مليشيات حفتر بالسلاح وقيادة الطلعات الجوية وقصف العاصمة، بالإضافة إلى تجنيد مليشيات من عدة دول وإرسالها للقتال في ليبيا، كما كشفت تقارير دولية.

وتشير تقارير إلى أن الإمارات تعاونت مع قائد "قوات الدعم السريع" في السودان محمد حمدان دقلو "حميدتي" في دعم حفتر بالمقاتلين، إذ كشف تقرير أممي لفريق الخبراء التابع للجنة العقوبات الدولية المفروضة على ليبيا أن ألف جندي سوداني من "قوات الدعم السريع" أُرسلوا إلى الشرق الليبي في يوليو/تموز 2019، وأن حميدتي أرسل تلك القوة لحماية بنغازي، وتمكين قوات حفتر من الهجوم على طرابلس.

بالإضافة إلى ذلك، برز استغلال الإمارات عمالاً سودانيين استقدمتهم للعمل في شركات حراسة في أبو ظبي، ليُفاجَؤوا بإرسالهم إلى معسكرات وإجبارهم على التدريب العسكري واستخدام السلام من أجل إرسالهم للقتال في ليبيا واليمن، وهو أمر مدبر بالتعاون مع شركة "بلاك شيلد" الإماراتية، حسب ما كشفه تقرير لصحيفة بلجيكية.

علاقات ومرتزقة بين الأسد وحفتر

ولم يتوقف الأمر عند المرتزقة الذين ترسلهم الإمارات من عدة دول إفريقية، فقد ذكرت وسائل إعلام فرنسية أنّ مرتزقة تابعين للنظام السوري وصلوا إلى ليبيا، من أجل الالتحاق بمليشيات حفتر.

ويحظى حفتر بدعم دولة الإمارات التي باتت مؤخراً تدعم نظام الأسد بعد أن كانت تدعم معارضيه في بدايات الثورة السورية، وهو ما يثير شكوكاً حول تعاونها في نقل المرتزقة السوريين إلى ليبيا.

وشهدت العلاقات بين النظام السوري وحفتر تقارباً منذ 2018، قبل أن يُتوج هذا التقارب بمشاركة فعلية لمرتزقة النظام السوري في صفوف مليشيات حفتر، وهو ما لم يكن موجوداً على الأرض قبل تجدد العلاقات بين أبو ظبي ونظام الأسد.

وتحدثت صحيفة "لوموند" الفرنسية في تقرير، عن "مؤشر على تدويل الحرب في ليبيا وتداخل متزايد بين المسرحين السوري والليبي"، مشيرة إلى أنه "يجري تشكيل محور جديد دمشق-بنغازي".

واستحضرت الصحيفة الفرنسية افتتاح النظام السوري السفارة الليبية لدى دمشق، وتسليمها لحكومة طبرق غير المعترف بها دولياً، والتابعة لحفتر، بعد توقفها 8 سنوات.

وسُلّمت السفارة الليبية لـ"الحكومة المؤقتة" التابعة لحفتر بعدما وقّع الطرفان في دمشق مذكرة تفاهم لإعادة افتتاح السفارات في كلا البلدين، حسب وكالة الأنباء السورية التابعة للنظام السوري.

ومع توقيع المذكرة أصبح النظام السوري أول من يعترف رسمياً وعلناً بحكومة حفتر غير الشرعية في ليبيا، كما أنه "خطوة جديدة نحو إعادة إدماج نظام بشار الأسد في المشهد الدبلوماسي العربي"، حسب الصحيفة الفرنسية.

وترى الصحيفة أنه "من خلال التآلف مع حفتر، يقترب النظام السوري من المعسكر المؤيد للسعودية والإمارات في الشرق الأوسط، الذي يدعم حفتر".

وتشير إعادة أبو ظبي فتح سفارتها في دمشق إلى التقارب الإماراتي-السوري، إذ إنه "لعدة سنوات، لم تنتقد أبو ظبي الأسد قط، بل أظهرته بشكل دوري كشخصية يجري تكريمها لمعركته ضد الإخوان المسلمين، وخلال العامين أو الثلاثة الماضية، يمكن إبداء التعليقات نفسها حول الدعاية المؤيدة لحفتر"، وهو ما أكّده جليل الحرشاوي، المتخصص في ليبيا في معهد العلاقات الدولية في هولندا لصحيفة لوموند الفرنسية.

التفاهمات بين حفتر والأسد والإمارات، كانت سرية وبرعاية الأخيرة، حسب ما كشفه موقع "إمارات ليكس" المعارض، الذي قال إن التفاهمات نصّت على "إرسال آلاف المرتزقة السوريين للقتال في ليبيا ضمن مليشيات حفتر، على أن تتولى الإمارات توفير التمويل المالي اللازم لذلك".

كما تتضمن التفاهمات تنسيقاً أمنياً وعسكرياً بين النظام السوري ومليشيات حفتر انطلاقاً من علاقة الجانبين الوثيقة مع روسيا وعدائهما المشترك لتركيا، حسب الموقع.

من جانبه ذكر موقع "revue-internationale" أنه في الأسابيع الأخيرة جرى حديث عن وصول 1500 مرتزق سوري إلى بنغازي، مشيراً إلى ​​أنّ رئيس استخبارات النظام السوري علي مملوك "قام بتنسيق وصولهم".

وأكّد الموقع أن وصول المقاتلين "يعكس انسحاباً روسياً من المنطقة"، وأنه منذ فشل موسكو في شهر يناير/كانون الثاني، في تحقيق وقف لإطلاق النار، عندما قادت وساطة بين حفتر ورئيس حكومة الوفاق فائز السراج، "يصل المقاتلون السوريون والشبّيحة ليحلوا محل الروس في جنوب العاصمة".

دول محور الشر التي تدعم حفتر في ليبيا هي نفسها الداعمة لنظام الأسد في سوريا، لذلك فمن الطبيعي وجود تنسيق بين الأسد وحفتر

المتحدث باسم رئاسة الأركان الليبية التابعة لحكومة الوفاق - عميد محمد قنونو

الدور الروسي في تجنيد المرتزقة

وانتشرت أخبار عن تجنيد عسكريين روس شباباً من الغوطة بدمشق ومن محافظة السويداء في فبراير/شباط الماضي، لإرسالهم للقتال في صفوف حفتر في ليبيا، بعد إغرائهم برواتب تصل إلى 1500 دولار، وتعهدات بعدم طلبهم للتجنيد في الجيش بعد ذلك.

وكان موقع "السويداء 24" المحلي كشف في فبراير الماضي، عن تجنيد "حزب الشباب السوري الوطني" المقرب من نظام الأسد، مرتزقة من المواطنين في السويداء ومحافظات مختلفة، بدعم شركة "فاغنر" الروسية، بغية إرسالهم للقتال في ليبيا.

حزب سياسي مرخص، يعمل على تجنيد مرتزقة في #السويداء للقتال في #ليبيا بدعم جهة #روسية...

Posted by ‎السويداء 24‎ on Saturday, 15 February 2020

ونقلت وكالة الأناضول عن مصادر محلية أن روسيا اتفقت مع عدد من قادة المسلحين في درعا على جمع مقاتلين وإرسالهم للقتال في ليبيا ضمن صفوف الجنرال الانقلابي خليفة حفتر.

وأوضحت الوكالة أن ضابطاً روسياً رفيع المستوى زار محافظة درعا (جنوبي سوريا) في 24 أبريل/نيسان الماضي.

وعقد الضابط الروسي الرفيع عدة لقاءات مع قادة المسلحين الذين انضموا إلى قوات النظام بعد سيطرة الأخير على كامل محافظة درعا، وعرض عليهم الذهاب للقتال في ليبيا بصفوف حفتر. وأوضحت المصادر أن اللقاءات استمرت لأيام، ونجم عنها موافقة بعض قادة المسلحين للعرض الروسي، فيما رفضه آخرون.

تقارير أممية تؤكد

وكشف تقرير للأمم المتحدة سُلّم لمجلس الأمن الدولي في 24 أبريل/نيسان، أن مرتزقة من مجموعة "فاغنر" الروسية ومقاتلين سوريين جاؤوا من دمشق لدعم حفتر في ليبيا، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وأوضح الخبراء في تقريرهم أنهم غير قادرين على تحديد المسؤولين عن تجنيد وتمويل المرتزقة الذين أرسلوا للقتال مع حفتر. وهذه هي المرة الأولى التي تؤكّد فيها الأمم المتحدة وجود مرتزقة في ليبيا تابعين للمجموعة الروسية المعروفة بقربها من الرئيس فلاديمير بوتين.

وأكد غسان سلامة ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا أن الأمم المتحدة رصدت وصول مئات المسلحين من سوريا إلى ليبيا.

في هذا السياق قال جيمس جيفري مبعوث الولايات المتحدة الخاص إلى سوريا، إن واشنطن تعرف أن روسيا تنقل مقاتلين من سوريا للقتال في ليبيا، معرباً عن قلقه حيال ذلك.

وسلط جيفري في تصريحاته الضوء على زيادة عمليات نقل المقاتلين الأجانب لليبيا، لافتاً إلى أن ساحة القتال في ذلك البلد قد تصبح أكثر تعقيداً. وأشار إلى أن الأمم المتحدة سبق أن أعربت عن قلقها حيال إرسال روسيا مقاتلين مرتزقة إلى ليبيا، ودعم الإمارات وتركيا طرفَي الصراع بطائرات مسيرة.

وتعد الإمارات من أبرز الدول الداعمة لحفتر بالأسلحة والمعدات، حسب تقرير لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام "سيبري"، يشمل الفترة بين 2015 و2019.

وقال تقرير سابق لصحيفة لوموند الفرنسية إن الإمارات تعيش اليوم حالة واضحة من الفشل العسكري الذريع بعد أكثر من 5 سنوات من الحروب المباشرة في اليمن وأخرى غير مباشرة في ليبيا.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً