صورة أرشيفية - أسرى فلسطينيين في سجن إسرائيلي (Getty Images)
تابعنا

في الوقت الذي يواجه فيه العالم وباء كورونا بكل ما أوتي من إمكانيات، وفي ظل الإجراءات الاحترازية التي تتخذها الدول لمحاربة الفيروس، يعيش قرابة 5000 أسير فلسطيني في سجون الاحتلال الإسرائيلي منهم 43 أسيرة و180 طفلاً و430 معتقلاً إدارياً، في ظل ظروف صعبة أدنى ما يمكن أن توصف به بأنها غير إنسانية وغير صحية، الأمر الذي يزيد من مخاوف انتشار الوباء بينهم.

ولم تعد تلك المخاوف مجرد احتمالات، بل أصبحت واقعاً يهدد آلافاً، ففي 11 مارس/آذار الجاري، أفادت هيئة شؤون الأسرى والمحررين بأن إدارة سجن عسقلان عزلت 19 أسيراً و15 سجاناً، بعد اكتشاف إصابة طبيب نفسي إسرائيلي بفيروس كورونا كان في السجن، وفحص مجموعة من الأسرى لمعرفة أوضاعهم النفسية.

وبعد ثبوت إصابة الطبيب الإسرائيلي بالفيروس، عزلت إدارة السجن الأسرى والسجانين بشكل فوري من دون أن تتخذ أي خطوات وقائية، علما أنه حتى اللحظة لم تعرف طبيعة الأسرى إن كانوا مدنيين أو أمنيين، لكن لم تسجل حالات إصابة بالفيروس حتى الآن.

وفي ظل هذه الظروف الصحية الصعبة التي يعاني منها الأسرى، وعدم قيام إدارة السجون بكل إجراءات الوقاية، ورفضها توفير مواد التنظيف والمعقمات بشكل مستمر وبكميات كافية، تزداد المخاوف من تسجيل إصابات بالفيروس، بخاصة بين الأسرى المرضى الذين يعانون من نقص في المناعة وأمراض مختلفة من بينها السرطان والكلى والقلب، والذين يفوق عددهم 700 أسير.

سحب المعقمات من السجون

وبدلاً من أن تزود إدارة السجون الأسرى بمواد التنظيف والتعقيم داخل الأقسام كحد أدنى من الإجراءات الوقائية، تعلن إجراءاتها التنكيلية ضدهم، بسحب العشرات من أصناف دكان السجن أو ما يعرف بـ"الكنتينا" ومنها مواد التنظيف والمعقمات، وفق مصادر فلسطينية.

وأكد نادي الأسير الفلسطيني الثلاثاء، أن إدارة سجون الاحتلال تحاول استغلال الظرف الراهن في ظل انتشار فيروس كورونا، وتمعن في فرض المزيد من الإجراءات التنكيلية بحق الأسرى، ولا تتخذ أي إجراءات وقائية للأسرى ضد وباء كورونا، وأن السجانين هم من سينقلون الوباء إلى الأسرى لأن بيئة السجن مغلقة ولا متغير عليها إلا السجان الذي يختلط بالعالم الخارجي.

نادي الأسير: إدارة السجون تحاول استغلال الظرف الراهن في ظل انتشار فيروس (كورونا)، والإمعان في فرض المزيد من الإجراءات...

Posted by ‎نادي الأسير الفلسطيني‎ on Tuesday, 17 March 2020

أما الحركة الأسيرة فقد أصدرت بياناً لها قالت فيه إن إدارة سجون الاحتلال تستفرد بالأسرى وتمنع عنهم 170 صنفاً من "الكانتين" من ضمنها مواد تنظيف وأساسيات هم بحاجة إليها وذلك في ظل انشغال المجموع البشري بهذا الوباء، لافتة إلى أنه لا إجراءات وقاية سوى مصادرة مزيد من حقوقهم.

قرصنة الحقوق، بمنع زيارة ذوينا، وتقليص عدد الموجودين في الفورة، ومنع المنظفات والمعقمات، هي ما اتخذته إدارة السجون كإجراء وقائي ضد الكورونا.

بيان الحركة الفلسطينية الأسيرة في سجون الاحتلال الإسرائيلي

وأوضحت الحركة أن منع ذوي الأسرى من الزيارة لا يسقط حقهم في التواصل معهم من خلال الاتصال، مطالبة إدارة السجون بتوفير ذلك لهم من دون شرط أو قيد.

تقول أم شادي والدة الأسيرين رمزي ومحمد في السجون الإسرائيلية لـTRT عربي: "نجلس على أعصابنا نخاف ونترقب وما سيحدث لأبنائنا بعد تفشّي وباء الكورونا، ومع منعهم للزيارات زاد الوضع سوءاً، إذ انقطع التواصل معهم ولا يسمح لهم الاحتلال بالاتصال بنا هاتفياً، كما يرفض إدخال المعقمات لهم".

من جانبه يؤكد رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس لـTRT عربي وجود حالة من اللا مبالاة من قبل إسرائيل، "إذ تجري بعض الإجراءات الشكلية كفحص حرارة السجان وهو أمر غير كافٍ".

فيما يشير مدير الطب الوقائي في وزارة الصحة الفلسطينية علي عبد ربه إلى أن الوضع يزداد سوءاً في إسرائيل مع تسجيل إصابات هناك بشكل كبير ومضطرد، والاحتكاك بين الأسرى والسجانين كبير جداً، "لذلك يوجد قلق كبير على وضع الأسرى في سجون الاحتلال".

إجراءات تصعيدية

ولن تقف الحركة الأسيرة عاجزة رغم الظروف الصعبة، إذ تُجري قيادتها مشاورات للتصدي لهذه الهجمة بما يتناسب مع حجم الانتهاك والاستفراد، حسب البيان.

ومن المقرر أن تكون إجراءات تصعيدية من قِبل الأسرى في الأيام القادمة، كتلك التي بدأوا تنفيذها رداً على سحب الإدراة لمواد تعقيم خاصة بمواجهة فيروس كورونا من دكان السجن، إذ قرروا رفض وجبات الطعام المقدمة إليهم، إضافة إلى إغلاق الغرف ومنع إدارة السجون من تفتيشها، حسب نادي الأسير الفلسطيني.

وجدد النادي مطالبة كل المنظمات الدولية، بتكثيف متابعة الأسرى والضغط على إدارة السجون من أجل توفير التدابير الوقائية لهم مع انتشار الفيروس.

تعتقل إسرائيل في سجونها 5000 فرد، منهم 43 امرأة، و180 طفلاً، و700 مريض.

هيئة شؤون الأسرى والمحررين

وفي وقت سابق الثلاثاء، أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر تعليق برنامج الزيارات لأهالي المعتقلين الفلسطينيين في المعتقلات الإسرائيلية للأسبوع الثاني على التوالي، في ظل الإجراءات المتخذة لمواجهة كورونا.

وأضافت: "ندرك تبعات هذه القرارات على العائلات والمعتقلين على حد سواء، لكننا أيضاً نعي تماماً التحديات التي تواجه أي نظام سجون وضرورة وقوف السلطات عند مسؤولياتها في منع تفشِّي الأوبئة".

مطالب بالإفراج عن الأسرى

وبسبب هذه الممارسات غير الإنسانية لمصلحة السجون، كثفت المؤسسات الرسمية والناشطون من دعواتهم للإفراج عن الأسرى، وانتقدت الحركة الأسيرة في بيان لها، استمرار اعتقال الاحتلال 430 معتقلاً إدارياً من دون توجيه تهمة إليهم، وحبسهم بدلاً من إطلاق سراحهم وفسح المجال لهم للبقاء مع عائلاتهم في ظل هذه الظروف.

وقالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين الأربعاء، إن إدارة سجون الاحتلال الإسرائيلية ستتحمل المسؤولية الكاملة عن صحة الأسرى والأسيرات وسلامتهم، في حال وصل فيروس كورونا إلى داخل المعتقلات.

إسرائيل تحتجز آلاف الأسرى الفلسطينيين، توزعهم على 25 سجناً تفتقر في إلى الحد الأدنى من المقومات الصحية والآدمية، فهي مكتظة وعالية الرطوبة وعديمة التهوية، ومأوى للحشرات والصراصير والفئران.

رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين - قدري أبو بكر

من جهتيهما، دعا أمين سر اللجنة التنفيذية بمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات ورئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين قدري أبو بكر الثلاثاء، اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومنظمة الصحة العالمية إلى التدخل العاجل لحماية المعتقلين الفلسطينيين في سجون إسرائيل من فيروس كورونا، خلال لقائهما كلّاً من رئيس بعثة الصليب الأحمر ديفيد كين، ومدير مكتب منظمة الصحة العالمية في فلسطين جيرالد روكنشواب.

وحمّل عريقات إسرائيل "المسؤولية الكاملة عن حياة الأسيرات والأسرى الفلسطينيين وصحتهم"، وطالب عريقات بالإفراج عن الأسرى الأكثر ضعفاً والمرضى.

في السياق ذاته، طالب رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية بالإفراج الفوري عن جميع الأسرى وخصوصاً المرضى في سجون الاحتلال، حفاظاً على أرواحهم في ظل تفشّي فيروس كورونا في "إسرائيل".

وأعلنت وزارة الصحة الإسرائيلية الأربعاء، عن تشخيص 90 إصابة جديدة بفيروس كورونا منذ الليلة الماضية، ليرفع عدد المصابين بالمرض إلى 427 حالة، فيما أصيب 3 فلسطينيين في الضفة الغربية ليرتفع عدد المصابين هناك إلى 44 حالة.

وحتى مساء الثلاثاء، أصاب "كورونا" أكثر من 197 ألفاً في 163 دولة وإقليماً، توفي منهم أكثر من 7900، أغلبهم في الصين وإيطاليا وإيران وإسبانيا وكوريا الجنوبية وألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة.

وأجبر انتشار كورونا على نطاق عالمي دولاً عديدة على إغلاق حدودها وتعليق الرحلات الجوية وإلغاء فاعليات عديدة ومنع التجمعات بما فيها صلوات الجمعة والجماعة.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً