تعد مجزرة سربرنيتسا الأسوأ في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية   / صورة: AA (AA)
تابعنا

وسلّطت المذبحة التي ارتُكبت ضد المدنيين الأبرياء في أسوأ جريمة حرب تُرتكب على الأراضي الأوروبية منذ الحرب العالمية الثانية، الضوء على العواقب المأساوية للتقاعس الأوروبي والدولي، إذ استُهدف وقُتل الآلاف من مسلمي البوسنة بشكل منهجي من القوات الصربية يوم 11 يوليو/تموز 1995.

ولا تزال المأساة التي مرّ عليها ما يقرب من 3 عقود جرحاً لم يندمل كشف فشل المجتمع الدولي، وبالأخص هولندا، في منعها، بينما يواصل ذوو الضحايا دفن رفات أقربائهم إلى اليوم. وفي حين أن هناك 6721 قبراً لضحايا الإبادة الجماعية في مقبرة بوتوتشاري التذكارية، فإن هذا العدد سيرتفع إلى 6751 قبراً اليوم.

سربرنيتسا.. مجزرة دموية

دخلت البوسنة في نزاع معقد اندلع في أعقاب تفكك يوغوسلافيا تضمن مجموعات عرقية متعددة، بما في ذلك مسلمو البوسنة والكروات والصرب، الذين تنافسوا للسيطرة على الأرض والسلطة، بينما كانت مدينة سربرنيتسا، الواقعة في شرق البوسنة والهرسك، نقطة محورية في حلقة مأساوية هزّت العالم.

وفي عام 1993، أعلنت الأمم المتحدة سربرنيتسا "منطقة آمنة" لحماية المدنيين من العنف الذي يجتاح المنطقة، وأوكلت مسؤولية فرض ذلك إلى الكتيبة الهولندية "الخفافيش الهولندية (Dutchbat)" التابعة للأمم المتحدة.

في يوليو/تموز 1995، شنت القوات الصربية، بقيادة مجرم الحرب راتكو ملاديتش هجوماً واسع النطاق ضد سربرنيتسا. لم تفشل القوات الهولندية حينها في مهامها لحماية المدنيين وصد الهجوم الصربي وحسب، بل سلمت أيضاً أكثر من 350 من البوشناق المسلمين، الذين لجؤوا إلى قاعدة الأمم المتحدة للقوات الصربية، التي قتلتهم في وقت لاحق.

فُصل الرجال والصبية المسلمون البوسنيون عن عائلاتهم، واحتُجزوا في مواقع مختلفة، وأُعدموا بشكل منهجي بينما عُرفت لاحقاً باسم "مذبحة سربرنيتسا". ذبح الصرب ما لا يقل عن 8372 رجلاً وطفلاً من البوشناق في مناطق الغابات والمصانع والمستودعات، ودُفن القتلى البوسنيون في مقابر جماعية.

علامة سوداء

يعد فشل المجتمع الدولي في حماية ما تسمى "المنطقة الآمنة" في سربرنيتسا في يوليو/تموز 1995 بمنزلة علامة سوداء في تاريخ عمليات حفظ السلام في جميع أنحاء العالم. حتى اليوم، لا يزال كثير من الجدل يحيط بالأمم المتحدة وقوات حفظ السلام الهولندية ودورها في عدم منع قتل أكثر من 8000 رجل وصبي من البوسنيين.

في يناير/كانون الثاني 1995، وصلت قوات حفظ السلام الهولندية إلى سربرنيتسا. كانت الكتيبة التي تمركزت في مصنع قديم للبطاريات في بوتوكاري القريبة، تعاني نقص الإمداد والتجهيزات، وكان رؤساؤها في قيادة الأمم المتحدة في سراييفو غير راغبين في منحها دعماً واسع النطاق.

أعقب سقوط سربرنيتسا في 11 يوليو/تموز 1995، لجوء نحو 25 ألف لاجئ إلى المنطقة الآمنة التي تشرف عليها الكتيبة الهولندية. في ذلك الوقت، وافقت كل من الأمم المتحدة وهولندا على ضرورة إجلاء اللاجئين وقوات حفظ السلام. لكنّ العائلات تقول إن القوة الهولندية تخاذلت في حماية المدنيين من خلال التعاون مع قوة ملاديتش عبر السماح بفصل الرجال والصبية عن الحشد خلال مهمة نقل اللاجئين إلى الحافلات.

هولندا مسؤولة "جزئياً"

وسبق أن قضت المحكمة العليا الهولندية في يوليو/تموز 2019 بأن هولندا مسؤولة "جزئياً" عن وفاة 350 رجلاً وصبياً بوسنياً، وأنشأت الحكومة الهولندية لجنة خبراء وقتها لتقرير مقدار التعويضات التي ستُمنح لأقارب الضحايا. لكن في خرقٍ لحكم سابق، خفضت المحكمة المسؤولية الهولندية عن المجزرة إلى 10% من 30%.

وقالت المحكمة العليا عندما أعلنت الحكم: "تتحمل الدولة الهولندية مسؤولية محدودة للغاية في قضية (أمهات سريبنيكا )". و"أمهات سريبنيكا" مجموعة شكَّلتها العائلات والأحباء الذين يقولون إن قوات حفظ السلام الهولندية لم تفعل كل ما في وسعها لمنع ذبح الرجال والصبية المسلمين على يد القوات الصربية بقيادة راتكو ملاديتش، "جزار البوسنة"، الذي أُدين بارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم حرب في عام 2017، وحُكم عليه بالحبس المؤبد.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً