تركيا قدمت دعماً سياسياً وعسكرياً للحكومة الشرعية في ليبيا (AA)
تابعنا

في ظل المساعي الدولية للتوصل إلى حل سلمي لإنهاء الصراع المحتدم في ليبيا، وفي الوقت الذي تستعد فيه الأطراف لعقد مؤتمر في برلين بهذا الخصوص، يبرز دور تركيا كإحدى أهم الدول التي تدفع باتجاه الحل وإرسال السلام وترسيخ دعائم الشرعية.

ومنذ بدء التحضيرات لمؤتمر برلين الذي يُعقد الأحد لإيجاد مخرج للأزمة الليبية، برزت تساؤلات فيما إذا كان المؤتمر الذي ستشارك فيه 12 دولة على رأسها الدول الخمسة دائمة العضوية بمجلس الأمن، وأربع منظمات دولية وأطراف الصراع في ليبيا، سيحقق تسوية سياسية تُنهي الهجوم الذي تشنه مليشيات حفتر على العاصمة طرابلس.

وشكل الدعم التركي لحكومة الوفاق المعترف بها دولياً مصدر قوة للشرعية الليبية، فيما يعتبر مؤتمر برلين إحدى نتائج الجهود التركية المستمرة التي تُبذل لإيجاد حلول جذرية وسلمية للأزمة الليبية.

وبذلت تركيا جهوداً مكثفة على جميع المستويات، كما ساهمت بشكل بنّاء في عقد مؤتمر برلين، حسب دائرة الاتصال بالرئاسة التركية، التي قالت في بيان لها، إن "الأطراف المشاركة في مؤتمر برلين، ستتبادل وجهات النظر حول الخطوات الواجب اتخاذها لإحلال السلام والاستقرار في ليبيا".

مساعٍ تركية لإحلال السلام

وتدعم تركيا منذ البداية الجهود الرامية إلى إيقاف الهجمات على الحكومة الليبية، ووقف إطلاق النار بشكل دائم، والتوصل إلى حل سياسي دائم لليبيين تحت رعاية الأمم المتحدة.

وبمبادرة تركية روسية جرت الاثنين، محادثات في موسكو، لوقف إطلاق النار بين قوات الحكومة الليبية ومليشيات حفتر. ووقّع فايز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، على اتفاق لوقف إطلاق النار، خلال المباحثات، بينما طلب حفتر الثلاثاء، مهلة يومين لإجراء استشارات، إلا أنه غادر موسكو من دون التوقيع على الهدنة.

وفي الوقت الذي أعلن فيه طرفا النزاع الليبي مشاركتهما في مؤتمر برلين، بحث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان السبت، مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، المستجدات الإقليمية في مقدمتها ليبيا خلال اتصال هاتفي.

وقبيل توجهه إلى برلين، قال الرئيس التركي في مؤتمر صحفي الأحد، إن بلاده أصبحت مفتاح السلام في ليبيا، إذ "لعبت دوراً كبيراً في كبح جماح الانقلابي حفتر".

واعتبر أردوغان أن "أي محاولات لفرض حل عسكري لن تفضي إلى نتائج"، مشيراً إلى أن "الحكومة الشرعية في طرابلس تنال اعتراف الأمم المتحدة".

وأضاف: "بعد مساعينا للتوافق مع روسيا، نجحنا في التوصل إلى هدنة واتفاق لوقف إطلاق النار ومساعينا واضحة في هذا السياق، ومؤتمر برلين إحدى نتائج الجهود التركية المستمرة".

نتمنى أن يؤدي مؤتمر برلين إلى نتائج فيما يتعلق بالأزمة الليبية، وقد توصلنا إلى هدنة في ليبيا بعد مساعٍ تركية وروسية استمرت 4 أشهر.

الرئيس التركي - رجب طيب أردوغان

في السياق ذاته، حذر الرئيس التركي في مقابلة مع مجلة بوليتيكو، الاتحاد الأوروبي، من أن احتمال عدم تقديمه الدعم اللازم لحكومة الوفاق سيعني خيانة للديمقراطية وحقوق الإنسان التي تعد القيم الأساسية لأوروبا نفسها"، مشيراً إلى أن "أوروبا ستواجه مشاكل وتهديدات جديدة إذا جرى إسقاط الحكومة الشرعية في ليبيا".

وينظر الرئيس التركي الذي توجه الأحد إلى برلين، للمشاركة في المؤتمر لخليفة حفتر بوصفه "رجلاً لا يمكن أن يوثق فيه"، بخاصة أنه واصل قصف مدينة طرابلس، مبدياً اهتمامه بما سيحدث بعد مؤتمر برلين، ومشيراً إلى أن أنقرة ستتابع الأمر.

يقول أستاذ العلاقات الدولية سمير صالحة لـTRT عربي: "إن أردوغان أكد مرة أخرى أن تركيا تقف إلى جانب السلام وهي تدعم الحوار السياسي في ليبيا بدلاً من اللجوء إلى القوة العسكرية"، مشيراً إلى أن رسائله كانت واضحة للمشاركين في مؤتمر برلين، فقد أراد أن يؤكد أن تركيا لها دور مهم في ظل مساعي إضعاف موقفها في مؤتمر برلين.

ويضيف: "تركيا قادرة من خلال موقعها الجغرافي وثقلها السياسي أن تصبح لاعباً أساسياً في صناعة السلام في ليبيا".

من جانبه، يبدو ظافر مشي مدير مركز سيتا التركي في برلين، متفائلاً إزاء جهود تركيا التي تكملها جهود روسية، ويقول في حديث لـTRT عربي، إن "أنقرة وموسكو يدعمان طرفين مختلفين في الصراع الليبي وهذا ليس مفاجئاً، بخاصة أن الوضع مشابه في سوريا، ومع ذلك استطاع البَلَدان التوصل إلى اتفاق تهدئة".

ويعتقد مشي أن من المفيد لليبيا أن يوجد مسار موازٍ بمعيتهما ليس معادياً لمؤتمر برلين بل مكمل له.

الموقف التركي.. قوة للوفاق

ويشير الكاتب والباحث السياسي معين نعيم في حديث لـTRT عربي، إلى أن"وقف إطلاق النار بين الأطراف المتحاربة في ليبيا أحد مساعي تركيا، فدخولها على الخط وإسنادها العسكري للحكومة الشرعية هو إيصال حكومة الوفاق إلى مؤتمر برلين قوية ومسنودة، فتكون الأطراف متساوية على الطاولة".

حكومة السراج ستذهب إلى المؤتمر مسنودة بالإمداد العسكري والموقف السياسي التركي لتطالب بحق الشعب الليبي بشكل أقوى.

الباحث السياسي - معين نعيم

ويضيف: "حفتر أُحرِجَ في لقاء موسكو بسبب عدم توقيعه على الاتفاق على الرغم من وعده بذلك وظهوره بمظهر الرافض للحل في ليبيا، وسيذهب إلى برلين مهزوماً وسيضعفه أمام القوى الدولية وهي نقطة سجلتها حكومة السراج لصالحها".

ويعتقد الباحث السياسي أن المؤتمر "محاولة لتحريك الحل السياسي والسلمي للأزمة الليبية، وقد لا تخرج منه المعجزات لأنه لا تزال فوارق في مواقف القوى المساندة للأطراف بليبيا".

أما الباحث في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية رينيه ويلدنجل فيوافق نعيم الرأي قائلاً في حديث لـTRT عربي، إن "المسار الذي يُنفذ في إطاره مؤتمر برلين بدأ في سبتمبر/أيلول الماضي وحضرته فقط الدول الأوروبية الممثلة في مجلس الأمن التي توجد اختلافات في مواقفها وتدعم أطرافاً مختلفة في الصراع".

ويضيف: "أعتقد أننا لن نشهد مؤتمر سلام بل مؤتمراً للاعبين الخارجيين".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً