قناة إسطنبول ستخفف الضغط على مضيق البوسفور وتجلب عوائد اقتصادية هامة لتركيا (AA)
تابعنا

قال البروفيسور مصطفى إليجالي مدير مركز أنظمة النقل بجامعة إسطنبول التجارية، إن مضيق البوسفور في إسطنبول يعمل حالياً فوق طاقته بكثير، مما يتسبب في انتظار بعض السفن لمدة 12 يوماً، ويؤدي ذلك إلى مزيد من التلوث البيئي.

وذكر إليجالي في مقابلة مع وكالة الأناضول، أنه من المتوقع أن يصل عدد ال،سفن العابرة لمضيق البوسفور، إلى 65 ألف سفينة سنوياً أي ثلاثة أضعاف الطاقة الاستيعابية للمضيق، وسيسفر ذلك عن فترة انتظار أطول للسفن وزيادة تلويثها للبحر والهواء خلال فترة الانتظار.

وأكد إليجالي أن مشروع قناة إسطنبول سيحقق مكاسب استراتيجية واقتصادية لتركيا، أهمها تجنب المخاطر الناجمة عن ازدياد حركة العبور في مضيق البوسفور.

ولفت إلى أن إسطنبول هي المدينة الوحيدة في العالم التي يتوسطها مضيق، ولذلك فهو ميراث للمدينة ويجب الحفاظ عليه.

وتحدّث إليجالي عن أهمية قناة إسطنبول للأمن البحري وأمن النقل، وعن التهديدات التي تشكلها حوادث السفن في مضيق البوسفور وعن الأضرار البيئية التي تسببها انبعاثات السفن.

وأشار إلى أن 17 سفينة يومياً كانت تعبر البوسفور عام 1936، أما اليوم فقد وصل عدد السفن إلى 135 يومياً ونحو 40 ألف سفينة سنوياً، كما زادت كثيراً حمولات وأحجام السفن العابرة للمضيق.

وقال إليجالي إن عبور السفن الضخمة يشكل تهديداً نظراً لصعوبة وحدة التعرجات بالمضيق، وازدياد أعداد السفن التي تحمل مواد خطرة وبالتالي فإن هناك مخاطر من وقوع حوادث في أثناء عبور السفن.

إليجالي يشير إلى أن إسطنبول هي المدينة الوحيدة في العالم التي يتوسطها مضيق (AA)

الطاقة الاستيعابية لمضيق البوسفور 25 ألف سفينة

وأفاد إليجالي بأن الطاقة الاستيعابية لمضيق البوسفور هي 25 ألف سفينة سنوياً، لذلك تضطر السفن للانتظار أحياناً لما يصل إلى 12 يوماً.

كما لفت إلى أن بعض السفن تعبر من مضيق البوسفور من دون الاستعانة بمرشد، ما يعرّض سلامة المضيق للخطر، وأنه في مقابل هذه المخاطر تُحصِّل تركيا رسوماً ضئيلة جداً من السفن العابرة.

وأضاف أن حادثة حاوية النفط التي وقعت بمضيق البوسفور عام 1979 عرّضت المضيق للخطر وتسببت في كوارث بيئية وقضت على الكائنات البحرية في المضيق.

وأوضح إليجالي أن 14مليون طن من المواد الخطرة عبرت مضيق البوسفور في مايو/أيار الماضي، بزيادة 14% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وأنه في حال استمرار هذه الزيادة ستحدث مشكلات كثيرة من ناحية القدرة الاستيعابية للمضيق، ومن ناحية المخاطر المحتملة.

واستطرد قائلاً إن 12 مليار طن من البضائع تمر عبر البحار حول العالم بقيمة 17 تريليون دولار، وإن 25% منها تعبر من المياه التركية.

إليجالي يؤكد أن زيادة ضغط السفن التجارية على مضيق البوسفور يضر بالبيئة المحيطة بالمضيق (AA)

65 ألف سفينة سنوياً

وأشار إليجالي إلى أنه من المتوقع وصول عدد السفن العابرة لمضيق البوسفور خلال فترة تتراوح بين 10 أعوام و15 عاماً، إلى 65 ألف سفينة سنوياً، أي ثلاثة أضعاف الطاقة الاستيعابية للمضيق وبالتالي زيادة الفترة التي تنتظرها السفن قبل العبور.

وتابع: "الانبعاثات الصادرة عن السفن من أهم العوامل التي تؤدي إلى تضرر المباني الأثرية الموجودة في شبه الجزيرة التاريخية في إسطنبول. كما أن للسفن دوراً كبيراً في تلوث بحر مرمرة. وكلما زاد عدد السفن وطالت مدة انتظارها، زادت كمية التلوث التي تسببها، فضلاً عن التكلفة الكبيرة لكل يوم تنتظر فيه السفن. وقد رأينا ذلك في حادثة جنوح السفينة بقناة السويس المصرية".

وقال إليجالي إنه تجري دراسة عدة مسارات لاختيار المسار الأفضل للقناة التي تربط بحر مرمرة بالبحر الأسود.

وأكد ضرورة الدفاع عن مشروع قناة إسطنبول بالمعلومات الصحيحة ضد الادعاءات التي تزعم أن المشروع سيضر بإسطنبول.

وأردف: "في حال إجراء محاكاة حول وضع المضيق بعد 10 سنوات أو 15 سنة، سنرى أن صفوف السفن المنتظرة ستصل حتى جناق قلعة، وهذا العدد الكبير من السفن سيلوّث البحر والجو، بالإضافة إلى مخاطر وقوع حوادث اصطدام".

إليجالي: قناة إسطنبول يمكنها أن تكون بديلاً لمضيق البوسفور الذي أصبح في وضع حساس جداً من الناحية الأمنية (AA)

الأهمية الاقتصادية

وحول الجدوى الاقتصادية من مشروع قناة إسطنبول، قال البروفيسور إليجالي إنه على الرغم من المخاطر والتهديدات التي تواجهها تركيا ويتعرض لها مضيق البوسفور الذي يعد جزءاً من التراث العالمي، فإن تركيا تُحصّل رسوماً على كل سفينة بقيمة 3 آلاف دولار فقط.

وأضاف: "بالنظر إلى قناة بنما مثلاً، يتضح أن تركيا يجب أن تحصل على عائدات تصل إلى 8 مليارات دولار على الأقل من عبور السفن من مضيق البوسفور، إلا أنها لا تحصل حتى على واحد من عشرة من هذا المبلغ، ما يُعد خسارة اقتصادية كبيرة للبلاد".

وتابع: "قناة إسطنبول لها أهمية كبيرة من الناحية الاستراتيجية بسبب موقعها المتميز والحساس جداً في التجارة أو في أوقات الحرب".

وأضاف: "من النقاط التي تجعل قناة إسطنبول ذات أهمية استراتيجية واقتصادية كبيرة، أنها ستكون بديلاً لمضيق البوسفور الذي أصبح في وضع حساس جداً من الناحية الأمنية".

عدد السفن العابرة من مضيق البوسفور يُتوقّع أن يصل إلى 65 ألفاً سنوياً خلال فترة بين 10 و15 عاماً (AA)

إتمام المشروع خلال 5 سنوات

وأشار إليجالي إلى أنه مع إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن المشروع، حين كان رئيساً للوزراء عام 2011، بدأت الوزارات المعنية في العمل على المشروع وتعاونت مع مؤسسات علمية بالخارج، وأن نحو 200 أكاديمي في 33 مجالاً مختلفاً من عدة جامعات عملوا على دراسة المشروع من مختلف الجوانب.

وشدد البروفيسور إليجالي على أن مشروع قناة إسطنبول لم يُخطط له بوصفه ممراً مائياً فقط، بل أيضاً بوصفه مدينة ذكية بالشكل الذي يحقق مساهمة معتبرة في الاقتصاد.

واستطرد "لن يُجلب سكان إضافيون من خارج إسطنبول كما يقول البعض في انتقادهم للمشروع.. ستنشأ مدينة تضم 500 ألف نسمة منهم نحو 250 ألف شخص يعيشون في تلك المنطقة (المساحة التي سينشأ عليها المشروع) إضافة إلى 250 ألفاً آخرين يعيشون في المناطق التي يمكن أن تتضرر كثيراً إن حدث زلزال قوي في إسطنبول، فيمكن حينها أن ينتقلوا إلى قناة إسطنبول".

وأكد أن المدينة ستكون ذكية تضم مدناً علمية ومواني لليخوت ومراكز لوجستية، وأنها ستوّفر آلاف فرص العمل.

وأفاد إليجالي بأن المشروع من المقرر إنجازه خلال 5 سنوات بطرق تمويل مختلفة دون تحميل ميزانية الدولة أي أعباء، وأنه من المخطط أن يحقق المشروع عائدات تغطي كل تكاليف إنشائه في غضون 10 سنوات.

وتابع: "أُعِّد تقرير لتقييم التأثير البيئي للمشروع، ثم أُجِّل من أجل إعادة تقييمه في ضوء الاعتراضات المقدمة.. مشروع قناة إسطنبول لن يؤدي إلى تلوث بيئي، ولن يزيد احتمالات وقوع الزلازل ولن يؤثر على الموارد المائية".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً