وصل عدد سكان مصر إلى 100 مليون نسمة  (AP)
تابعنا

وصل عدد سكان مصر إلى 100 مليون نسمة، في زيادة سكانية تعتبر الأكبر منذ أعوام، في الوقت الذي تشهد فيه مصر مشكلات اقتصادية كبيرة.

وتضع هذه الزيادة الدولة في مأزق كبير منذ الثلاثينيات، حيث اهتم الباحثون والمفكرون بالأمر ومن بينهم محمد عوض محمد الذي تناول في كتابه "سكان هذا الكوكب عام 1936"، وبدأت محاولات التصدي لهذه الظاهرة مع صدور أول فتوى للشيخ عبد المجيد سليم، مفتى الديار المصرية والتي أجازت استخدام وسائل تنظيم الأسرة.

ويدق هذا الرقم ناقوس الخطر في الدولة التي ترتفع فيها نسب الأمية والزواج المبكر الذي يؤدي إلى ارتفاع نسبة الولادة، فقد شهدت مصر أكثر من 4000 مولود خلال 24 ساعة فقط منذ إعلان وصول تعداد مصر إلى 100 مليون نسمة، حسب ما رصدته بيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.

ويعني هذا المعدل أن الزيادة ستكون مليوناً و300 ألف مواطن كل عام، وكل فرد من هؤلاء سيحتاجون إلى رعاية وتعليم وخدمات عامة، ما يعني استهلاك موارد الدولة.

وتطور عدد السكان المصريين في الفترة من 1996-2017، حيث سجل عدد السكان المصريين من 59.2 مليون نسمة عام 1996 إلى 27.6 مليون نسمة عام 2006، ثم إلى 94.8 مليون نسمة عام 2017، كما ارتفع معدل النمو السنوي للسكان المصريين من 2.04% خلال الفترة من "1996-2006" إلى 2.56% خلال الفترة "2006-2017، حسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر.

وقال مجلس الوزراء المصري الأسبوع الماضي إنه في "حالة تأهب قصوى" لمحاربة النمو السكاني، الذي وصفه الرئيس عبد الفتاح السيسي بأنه تهديد للأمن القومي مثل الإرهاب، محاولاً توعية السكان ضمن حملة "اثنان تكفي" لإقناع الوالدين بإنجاب عدد أقل من الأطفال، لكن هذه الجهود فشلت.

ويحذر مسؤولون من أن عدم تدارك هذه الزيادة سيؤدي إلى زيادة عدد السكان ليبلغ 128 مليوناً بحلول عام 2030.

ارتفعت معدلات الخصوبة منذ عام 2008، إلى 3.5 طفل لكل امرأة، ويزداد عدد السكان بمعدل 1.8% سنوياً، وهو معدل يضيف مليون مواطن كل ستة أشهر في المدن والبلدات المزدحمة في مصر

إحصائية للأمم المتحدة

خطورة الزيادة على مصر

وتناولت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية هذه الزيادة وقارنتها مع قلة الأراضي الصالحة للحياة في مصر، وتفاقم الفقر وتناقص إمدادات المياه، مستنتجة أن "المستقبل في مصر يبدو قاتماً".

وتحدثت الصحيفة عن فتاة تدعى ياسمين ربيع من قرية بمحافظة المنيا، وهي المولودة رقم 100 مليون في البلاد، واصفة لحظة وصول أعداد السكان إلى 100 مليون بلحظة غير مريحة في بلد يعاني من مخاوف زيادة حدة الفقر والبطالة، وهذه الزيادة بالنسبة له ستساهم في ندرة الموارد الأساسية.

وقال ديفيد سيمز، المحاضر في الجامعة الأمريكية بالقاهرة ومؤلف كتاب "فهم القاهرة: منطق مدينة خارجة عن السيطرة" إن "أزمة السكان في مصر تضخمت بسبب جغرافيتها التي لا ترحم، حيث يعيش 95% من السكان على حوالي 4% من الأرض، وهو حزام أخضر يوازي نصف مساحة أيرلندا تقريباً ويتبع النيل متسللاً عبر الصحراء".

ويشير الكاتب إلى أن معدلات الخصوبة هي الأعلى في المناطق الريفية، واصفاً هذه المناطق من الجو، "تبدو المدن المصرية على هيئة أسطح خرسانية مسطحة، والأبنية في كل مكان، حتى بالقرب من أهرامات الجيزة، تندفع المنازل والفنادق وملاعب الجولف من ثلاث جهات، تاركة للسائحين اتجاهاً واحداً فقط للصور الفوتوغرافية مع خلفية مليئة بالرمال".

ونوّه تقرير "نيويورك تايمز" إلى أن هذه الزيادة تؤدي إلى أزمة مرورية خانقة، تزداد عند غروب الشمس في شهر رمضان، وأشار إلى أن المواطنين في مصر لا يقتنعون بتحديد النسل أو تنظيمه ولا بالحملات التي تدعو لذلك.

وقادت سوزان مبارك، زوجة الرئيس السابق حسني مبارك، حملة خلال حكم زوجها في التسعينيات والألفيات، لتخفيض معدلات الخصوبة، وكانت ناجحة بعض الشيء، حيث انخفضت المعدلات من 5.2 إلى 3.0 وفقاً لإحصائيات حكومية، إلا أن المعدل ارتفع مرة أخرى، خلال الربيع العربي عام 2011، لأسباب غير واضحة، لكنها قد تكون ناجمة عن الاضطرابات الاقتصادية والحكومية وانخفاض تمويل وسائل منع الحمل من الحكومات الغربية.

أخطاء من الحكومة

قال الدكتور عمرو نديم، طبيب نساء وتوليد في جامعة عين شمس لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إن "الاكتظاظ السكاني يأكل كل شيء لكنني لا أشعر أن الحكومة تعمل بكل ما في وسعها".

وعزا نديم الأسباب إلى "الإمداد الخاطئ من وسائل منع الحمل ذات الجودة المتغيرة، وسوء التدريب الطبي؛ وجفاف تمويل الحكومة الأمريكية التي لم تعد تُلزم الأطباء الجدد بأخذ دورات تنظيم الأسرة".

وأضاف "المشكلة هي أننا لا نملك استراتيجية حقيقية لمكافحة الزيادة السكانية"، مشيراً إلى أن دولاً نامية أخرى ذات أعداد كبيرة من السكان تمكنت من السيطرة على المشكلة، ففي فيتنام، ارتفع عدد السكان إلى 97 مليون عام 2018 من 60 مليوناً في عام 1986، واستطاعت خفض معدل الزيادة إلى 1%، وفعلت بنغلاديش التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 160 مليون نسمة، الشيء نفسه، أما في مصر فقد بلغ معدل النمو 1.79% في 2018-1919.

وقال ألكساندر بوديروزا، ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في مصر، إن أكثر من 700000 شاب مصري يدخلون سوق العمل كل عام، معتبراً أن هذا الرقم يعتبر "مهمة شاقة لأي حكومة".

وعلى الرغم من ذلك، تُقيم الحكومة المصرية الكثير من المشاريع الضخمة التي، مثل عاصمة صيفية جديدة على الساحل الشمالي وخارج القاهرة، لكن القليل من المصريين يستطيعون العيش في هذه المدن الفخمة التي تحتاج إلى مستوى معيشي عالي.

ونقلت نيويورك تايمز عن خبراء قولهم "إن الحكومة لديها سجل كئيب في توفير مساكن جديدة للفقراء". وأضافت "معدل الفقر في ازدياد حيث بلغ 32.5% الصيف الماضي، من 27.8% في عام 2015.

يقول الكثير من المصريين إنهم اعتادوا صعوبات العيش في مدينة مزدحمة مثل القاهرة (AP)
20 مليون نسمة في العاصمة المصرية القاهرة  (AP)
TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً