نحو 50 ألفاً نزحوا من إدلب باتجاه الحدود التركية (AA)
تابعنا

براميل متفجرة تهطل على سكان مدينة إدلب شمالي سوريا وقراها من جرّاء قصف الطائرات الروسية ومروحيات النظام السوري، ما أدى إلى مقتل أكثر من 1300 مدني منذ 17 سبتمبر/أيلول 2018، وتهجير أكثر من مليونين منهم، تُركوا في ظروف إنسانية صعبة على الحدود السورية التركية في فصل الشتاء، بخيام بالية وأرض طينية وأطفال يصرخون جوعاً.

خلال 24 ساعة، نزح 12 ألف مدني سوري هرباً من قصف النظام وروسيا على مناطق خفض التصعيد، فيما بلغ عدد النازحين خلال شهر ونصف 110 آلاف مدني، وهذه ليست مجرد أرقام إذا ما جرى حساب عدد العائلات النازحة، إذ يشكل المدنيين الـ110 آلاف 20 ألف عائلة، حسب محمد حلاج، منسق جمعية "منسقو الاستجابة المدنية في الشمال السوري" المحلية.

وقال حلاج لوكالة الأناضول، إن "أعداد النازحين زادت مع ارتفاع وتيرة القصف خلال الفترة المذكورة، مشيراً إلى أن القصف المكثف الذي شنه النظام وحلفاؤه الثلاثاء، تسبب في نزوح نحو 12 ألف مدني خلال الساعات الـ24 الماضية".

العائلات النازحة انتشرت بين أشجار الزيتون وهي بحاجة ماسة وعاجلة إلى خيام وبطانيات وغذاء

محمد حلاج - منسق جمعية منسقو الاستجابة المدنية في الشمال السوري

أما القتلى في الأسبوع الأخير، فقد ارتفعت حصيلتهم إلى 22 مدنياً، فيما قال الدفاع المدني السوري على صفحته في تويتر، إن "24 شخصاً قتلوا بينهم 8 نساء و6 أطفال وأصيب 22 آخرون بينهم 5 أطفال و4 نساء الثلاثاء، جرّاء قصف الطائرات الحربية الروسية وطائرات الأسد على ريف إدلب".

ووثقت فِرق الدفاع المدني استهداف 23 منطقة، بـ52 غارة جوية، 24 منها روسية، و30 برميلاً متفجراً، و22 قذيفة مدفعية وصاروخية، خلال أسبوع.

إدانات دولية

يتعمد النظام السوري استهداف المستشفيات ومراكز الدفاع المدني وبقية المرافق الحيوية، حتى يحول دون عودة الأهالي إلى مدنهم وبلداتهم، إذ قالت كبيرة مستشاري الشؤون الإنسانية لمبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا نجاة رشدي إنه "على الرغم من التأكيدات المتكررة أن الأطراف المتحاربة تضرب أهدافاً عسكرية مشروعة فقط، فإن الهجمات على المرافق الصحية والتعليمية متواصلة".

جاء ذلك خلال إدانة الأمم المتحدة الأربعاء، القصف الجوي الذي يشنه النظام السوري وروسيا في إدلب، إذ دعت المسؤولة الأممية إلى "الوقف الفوري للتصعيد"، وحثت جميع الأطراف على "احترام التزاماتها بموجب القانون الدولي، بما في ذلك الالتزام بضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية".

تكثيف الأعمال العدائية شمالي غربي سوريا، لا سيما القصف الجوي والاستخدام المبالغ فيه للبراميل المتفجرة، ما أسفر عن مقتل عشرات المدنيين بمن فيهم النساء والأطفال

نجاة رشدي - كبيرة مستشاري الشؤون الإنسانية لمبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا

وقالت الأمم المتحدة الثلاثاء، إن أكثر من 60 ألف شخص اضطروا إلى النزوح شمالي غربي سوريا، نتيجة استمرار الأعمال العدائية خلال الأسابيع الأخيرة فقط، وإنها "تشعر بقلق عميق على سلامة وحماية أكثر من 3 ملايين مدني في منطقة إدلب، أكثر من نصفهم من النازحين داخلياً"، حسب المتحدث باسم الأمين العام استيفان دوغريك.

من جانبه قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن إن "سوريا باتت مسرحاً للحروب بالوكالة في المنطقة، ويتعين على الجميع تغليب مصلحة الشعب السوري، على أي أجندات أخرى"، مشيراً إلى أن المجتمع الدولي لم يفشل في دعم السوريين فقط، بل في إيجاد حل سياسي أيضاً.

ولفت قالن إلى أن الأزمة السورية أدت إلى مشاكل دولية عديدة كأزمتي الإرهاب واللاجئين، وأكد ضرورة المزيد من التنسيق من أجل التغلب عليها، مشدداً على أن تركيا لا تزال ملتزمة بعدم إرغام أي سوري على العودة إلى بلاده من دون رغبة منه، أو إلى منطقة لم يأتِ منها.

وتباحث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هاتفياً مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين قبل يومين، بهذا الشأن.

بدوره، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن 50 ألف شخص متوجهون من محافظة إدلب نحو الأراضي التركية في الوقت الحالي.

جاء ذلك في معرض رده على أسئلة الصحفيين الخميس، في العاصمة الماليزية على هامش قمة كوالالمبور.

وأوضح أردوغان بالقول: "حالياً يوجد 50 ألف شخص يتجهون من إدلب نحو أراضينا، ويوجد بالفعل 4 ملايين لاجئ في بلادنا".

نعتقد أن أي عملية عسكرية ستؤدي إلى نتائج وخيمة للغاية، وموجة هجرة أخرى، وهذا الوضع سيشكل مزيداً من الضغط علينا وعلى الأوروبيين.

المتحدث باسم الرئاسة التركية - إبراهيم قالن

أهداف النظام وخيارات المعارضة

ولا يستغرب الباحث والخبير العسكري العقيد فايز الأسمر في حديث لـTRT عربي، من ما يحدث في مدينة إدلب، "فسياسة القصف والتدمير وإرهاب المدنيين وإجبارهم على ترك مناطقهم ثم تسليم تلك المناطق من دون اجتياحات برية، هي سياسة متبعة من قبل النظام في كل مناطق تخفيض التصعيد، على حد تعبيره".

وعن هدف الهجمات يقول الأسمر إنه وفي "كل المناطق التي استبيحت سابقاً، بالقصف الدموي واستخدام جميع أنواع الذخائر من قبل روسيا تجاه المدنيين، جرى تعمُّد تطبيق هذه السياسيات لإجبارهم على تركها ثم اقتحامها من دون أي خوف".

وأشار إلى أن "ما يمارَس الآن في إدلب ليس بغريب عن الروس، السيناريو نفسه الذي تقوم به موسكو من حيث تدمير الأراضي وقضم متتابع لها، ولا نستطيع حصر المناطق المستهدفة بسبب كثرتها، فهم يريدون الوصول إلى الخط M5 ويصعّدون من كل الجهات ومن عمليات الاستطلاع اليوم وبالقوة من أجل تحديد أماكن الأسلحة النارية لدى الفصائل".

ويعتقد الخبير العسكري أن "هذه الحملة الكبيرة التي يطلقها النظام هي بداية من أجل التمهيد لعمل بري باتجاه معرة النعمان، ومن الممكن أن يحرك أكثر من محور جنوبي شرقي عسكرياً باتجاه جرجاناز، فهو يريد أن يكرر السيناريو الذي أسقط فيه شمال حماة من دون قتال، ويضرب الخواصر ويصعد من ناحية سهل الغاب من أجل أن يقتطع الريف الجنوبي لإدلب كاملاً".

أكثر من 56 برميلاً متفجراً أسقطت على محيط مدينة إدلب، ما أدى إلى تهجير أكثر من 110 آلاف نازح تجاه الحدود التركية، وسيكون في الأيام القادمة ضغط كبير جداً إذا وُجدت أعمال قتالية برية على الحدود التركية.

الباحث والخبير العسكري العقيد فايز الأسمر في حديث لـTRT عربي

وعن خيارات المعارضة العسكرية في مواجهة ذلك، يقول الأسمر إن "منطقة إدلب تختلف عسكرياً وتكتيكياً عن كل المناطق السابقة من الناحية الإنسانية والسكانية والقتالية، كل المناطق السابقة كانت تحاصَر من قبل النظام، أما الآن لا يملك الأخير محاصرة إدلب، فهي مفتوحة باتجاه ريف حلب ودرع الفرات ومن اتجاه عفرين وصولاً إلى الحدود التركية، فالعملية ستكون صعبة بالنسبة إلى روسيا ونظام الأسد بأن يقتحموا إدلب أو يسيطروا عليها كما حدث في الأعمال التكتيكية لبقية المناطق".

ويضيف: "الفصائل لا تملك عدداً جيداً من المقاتلين، وكل أعمال النظام البرية لم يستطع أن يحدد أهدافه من خلالها، فهي ليست بقادرة إلا على عمليات الأرض المحروقة وإرهاق السكان وتهجيرهم واستنزاف الفصائل بالقصف الجوي بالبراميل المتفجرة".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً