رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وإلى يمينه وزير الدفاع المستقيل أفيغدور ليبرمان  (AA)
تابعنا

أثارت استقالة وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان ردود أفعال متباينة داخل إسرائيل وخارجها، خصوصاً أنها أتت بعد يوم من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وأشار ليبرمان في نص استقالته إلى أن قراره جاء رفضاً لخيارات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الفترة الأخيرة تجاه قطاع غزة، وآخرها فتح المجال لإدخال الوقود والأموال لحركة حماس، وقرار وقف العملية العسكرية في القطاع.

وقبل هذا الإعلان بساعات كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد برر وقف إطلاق النار الأخير مع فصائل المقاومة الفلسطينية بأنه جاء نتيجة "أسباب سرّية لا يستطيع الإفصاح عنها".

أسباب استقالة ليبرمان

يقول الصحفي المتابع للشأن الإسرائيلي محمد محسن وتد، إن استقالة أفيغدور ليبرمان تأتي في سياق السجال الذي يشهده المشهد السياسي الإسرائيلي منذ انطلاق مسيرات العودة عند السياج الأمني في قطاع غزة في نهاية آذار/مارس الماضي.

وأكد وتد لـTRT عربي أن ليبرمان منذ ذلك الوقت كان يدفع في تصريحاته "ويصر على ضرورة شن عملية عسكرية شاملة على القطاع"، خلافاً لموقف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي كان يناور بالتصعيد المحدود من خلال "التهدئة".

تسلسل الأحداث في الفترة الأخيرة أثبت أن تنصيب نتنياهو لليبرمان في منصب وزير الدفاع كان من أجل أن يحافظ نتنياهو على استقرار حكومته سياسياً

محمد محسن وتد ـ صحفي متابع للشأن الإسرائيلي

واعتبر وتد أن "تسلسل الأحداث في الفترة الأخيرة أثبت أن تنصيب نتنياهو لليبرمان في منصب وزير الدفاع كان من أجل أن يحافظ نتنياهو على استقرار حكومته سياسياً".

وأشار وتد إلى أن ليبرمان كان بمثابة "الدرع الواقية لنتنياهو خلال توليه المنصب لعامين ونصف، وحقّق نتنياهو هدفه بالتهرب من ضغوط المجتمع الدولي نحو إبداء حسن نيته تجاه السلطة الفلسطينية".

كيف ستنعكس على الجيش؟ 

اعتبر وتد أن استقالة ليبرمان لن تؤثر على المؤسسة الأمنية والعسكرية لأنه "كان وزيراً بلا صلاحيات واسعة".

وأشار إلى أن نتنياهو سحب منه، حتى قبل التصعيد الأخير، صلاحيات إدخال المساعدات والشاحنات والأموال عبر المعابر مع القطاع.

وأضاف وتد أن نتنياهو نجح في تهميش ليبرمان في الوقت الذي وطّد فيه صلته أكثر بالمؤسسة العسكرية، مشدداً على إشراكه الدائم لرئيس هيئة الأركان في الجيش غادي آيزنكوت، في كل شيء.

وقال وتد إن "دور ليبرمان اقتصر على قضايا هامشية، فيما بقيت القضايا الجوهرية لدى المؤسسة العسكرية التي تُعتبر صاحبة القول الفصل".

استمرارية الحكومة

لم تكُن استقالة ليبرمان مجرد استقالة عادية لوزير من الحكومة، بل أضعفت الائتلاف الحكومي الحالي الذي كان يستند إلى 66 عضواً في الكنيست. وبعد استقالة ليبرمان رئيس حزب "إسرائيل بيتنا"، انخفض هذا العدد إلى 61 عضواً، في حين هدّد نفتالي بينيت رئيس حزب "البيت اليهودي" بالخروج من الائتلاف، إذا لم يوافق نتنياهو على تولّيه حقيبة الدفاع.

ووصف محمد محسن وتد استقالة ليبرمان بأنها بمثابة كبش فداء لنتنياهو قُبيل الانتخابات، مشيراً إلى أن ليبرمان لم يوجّه انتقادات مباشرة إلى نتنياهو.

خطوة استقالة ليبرمان أتت كطوق نجاة لنتنياهو سياسياً ولصالح مؤسسة الجيش بإبعادها على أي سجال قد تشهده إسرائيل خاصة في ظل الاحتجاجات في جنوب إسرائيل رفضا لوقف إطلاق النار في غزة

محمد محسن وتد ـ صحفي متابع للشأن الإسرائيلي

واعتبر وتد أن خطوة الاستقالة أتت كطوق نجاة لنتنياهو سياسياً، ولصالح مؤسسة الجيش، بإبعادها عن أي سجال قد تشهده إسرائيل، بخاصة في ظل الاحتجاجات في جنوب إسرائيل رفضاً لوقف إطلاق النار في غزة.

وأشار وتد إلى أن المؤسسة العسكرية تبقى "البقرة المقدسة"، إذ حُصر الاتهام بالخضوع لغزة في القيادة السياسية، مؤكداً أن ذاكرة المجتمع الإسرائيلي قصيرة وتنمّ عن ثورة مشاعر احتجاجية على حدث معين.

نتنياهو.. مَن يخلفه؟

يُعتبر بنيامين نتنياهو أكثر رئيس حكومة بقي في منصبه منذ قيام إسرائيل، فهو يتولى هذا المنصب للعام العاشر على التوالي بعد أن خاض قبلها تجربة متقطعة عام 2006.

ويصفه محمد محسن وتد بـ"ملك إسرائيل"، مشيراً إلى أنه عمد خلال سنوات حكمه إلى عدم منح الفرصة لأي قيادي في معسكر اليمين.

ويرى وتد أن نتنياهو قد يواجه صعوبة في تشكيل حكومة من اليمين في المستقبل، لكنه سيبقى متربعاً على المشهد السياسي في إسرائيل، مشيراً إلى أن إدانته في ملفات الفساد في الفترة القريبة القادمة هي الوحيدة التي ستضطره إلى اعتزال السياسة.

أحداث غزة الأخيرة كفيلة بأن تكون دافعاً نحو ذلك، إلا أن الوضع الداخلي الذي يواجهه نتنياهو لا يساعد على ذلك

محمد محسن وتد ـ صحفي متابع للشأن الإسرائيلي

وعن إمكانية تقديم موعد الانتخابات قال وتد إن أحداث غزة الأخيرة كفيلة بأن تكون دافعاً نحو ذلك، إلا أن الوضع الداخلي الذي يواجهه نتنياهو لا يساعد على ذلك.

واعتبر وتد أن نتنياهو يفقد شعبيته في هذه الفترة بسبب ملفات الفساد وخضوعه للتحقيق وفرضه تشريعات لا تحظى بإجماع الأحزاب، أبرزها قانون تجنيد اليهود "الحريديم"، وهم طائفة يهودية متشددة.

خيارات إسرائيل المستقبلية 

على الصعيد العسكري، يرى وتد أن ملف غزة سيبقى عالقاً بين جدران السياسة الإسرائيلية، ولكن المؤكَّد أنه لن يكون فيه هدوء دائم بسبب وجود حركة حماس في المشهد.

أما داخلياً، فيعتقد وتد أن الإرباك السياسي الداخلي الذي تعيشه إسرائيل ليس بالأمر الجديد، وستكون الفترة القريبة القادمة محاولة للبحث عن الاستقرار السياسي.

وشدّد وتد على أن الخارطة السياسية الحزبية ستشهد حراكاً وتنقلات وتحالفات بين القيادات السياسية، وقد تدخل المشهدَ قيادات جديدة ذات خلفية أمنية وعسكرية، مما يهدد بقاء هيمنة وقوة نتنياهو التي سادت لعقد على المشهد السياسي.

TRT عربي
الأكثر تداولاً