مدينة سوتشي الروسية تستضيف قمة رابعة بين زعماء الدول الثلاث الضامنة لمسار أستانا؛ تركيا وإيران وروسيا (Reuters)
تابعنا

ما المهم: تأتي القمة الثلاثية التي تُعقد للمرة الرابعة بين زعماء تركيا وإيران وروسيا في سياق التقارب المتزايد بين الدول الضامنة لمسار أستانا لحل الأزمة السورية، لا سيما بعد القرار المفاجئ الذي اتخذه الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بسحب قوات بلاده من سوريا.

وكانت الفترة الأخيرة شهدت توتراً متصاعداً بين الجانبين التركي والأمريكي بسبب دعم الولايات المتحدة قوات YPG/PYD الإرهابية، التي تعدّها تركيا تهديداً مستمراً على حدودها الجنوبية.

ومن المنتظر أن تتطرق القمة إلى ملفات الخلاف الأساسية بين الأطراف الثلاثة؛ وأبرزها الخروقات المتكررة من قِبل قوات النظام السوري والمليشيات المدعومة إيرانياً لاتفاق خفض التصعيد في محافظة إدلب ومناطق أخرى، ورغبة تركيا في إنشاء منطقة آمنة بعمق 30 إلى 35 كيلومتراً شمالي سوريا، وتشكيل لجنة صياغة الدستور السوري.

المشهد: يعدّ العنف المتصاعد في إدلب وغيرها من المناطق واحداً من أهم نقاط الخلاف بين تركيا والدولتين الضامنتين الأخريين؛ إذ شهدت الفترة الأخيرة خروقات متكررة من قبل قوات النظام السوري والمليشيات المدعومة إيرانياً لاتفاق خفض التصعيد المبرم بين تركيا وروسيا وإيران في مايو/أيار 2017، ويشمل محافظة إدلب وريف حماة الشمالي وريف حلب الغربي.

وترجع روسيا أسباب العنف في المناطق المذكورة إلى ممارسات بعض الفصائل المسلحة في إدلب مثل هيئة تحرير الشام، جبهة النصرة سابقاً، وتطالب موسكو أنقرة بتنفيذ عمليات مشتركة ضد تلك المجموعات، فيما تتحفظ تركيا على تنفيذ مثل هذه العمليات، خشية أن تؤدي إلى حدوث كارثة إنسانية جديدة في المنطقة.

قرار الانسحاب الأمريكي من الملفات الهامة كذلك على جدول أعمال القمة، لا سيما أن القرار يرتبط بالوضع القائم في مدينة منبج والعمليات التركية المرتقبة في مناطق شرق الفرات.

ورغم عدم معارضة روسيا المبدئية للعمليات التي تعتزم تركيا شنها ضد تشكيلات YPG/PYD الإرهابية في المناطق المذكورة، فإن موسكو تريد تسليم هذه المناطق للنظام السوري، ما يثير تخوفات تركية من احتمالية التنسيق بين قوات النظام السوري والمليشيات الإرهابية كما حدث في محافظة الحسكة.

وتطالب تركيا، لهذه الأسباب، بإقامة منطقة آمنة يشرف عليها الجيش التركي وفصائل المعارضة المسلحة المدعومة تركيّاً. ولا يزال الأمر موضع نقاش، خاصة بعد اعتراف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن وجود تركيا في سوريا له مبرر قانوني استناداً إلى اتفاقية أضنا الموقّعة بين تركيا وسوريا عام 1998.

أما الملف الثالث المطروح على أجندة القمة فهو تشكيل لجنة صياغة الدستور السوري، وتتمثل آخر المستجدات التي تُوُصل إليها في هذه المسألة في تقديم النظام والمعارضة قائمتين تتضمن كل واحدة منهما 50 شخصاً.

غير أن الخلاف الذي لم يتم حله إلى الآن يكمن في القائمة الثالثة المكوّنة من منظمات المجتمع المدني والهيئات الأخرى البالغ عددها 50 شخصاً.

وحتى اليوم لم تتمكن الجهات المعنية من الاتفاق على الأسماء التي ستدرج في القائمة، سيما أن النظام اقترح إدراج عدة أسماء إليها، وأدى ذلك إلى تعقيد تشكيلها.

ويصر النظام السوري على إدراج أسماء مديرين حكوميين لبعض المؤسسات العامة، بدلاً من ممثلي مؤسسات المجتمع المدني.

الدوافع والخلفيات: تُعد قمة سوتشي الحالية القمة الرابعة التي تجمع زعماء الدول الضامنة للأزمة السورية، تركيا وإيران وروسيا.

وكانت القمة الثلاثية الأولى قد عقدت في سوتشي بتاريخ 22 نوفمبر/تشرين الثاني، بينما جرت القمة الثلاثية الثانية بالعاصمة التركية أنقرة في 4 أبريل/نيسان 2018.

وعُقدت القمة الثالثة في العاصمة الإيرانية طهران في 7 سبتمبر/أيلول 2018، وركّز فيها الزعماء الثلاثة على مستجدات الأوضاع في "مناطق خفض التصعيد" بمحافظة إدلب.

وتعدّ دعوة الرئيس التركي لوقف إطلاق النار في منطقة إدلب، لحماية نحو 4 ملايين مدني من اعتداءات النظام السوري وحشوده العسكرية، أبرز المواقف التي نوقشت في قمة طهران.

وبعد قمة طهران بعشرة أيام، التقى أردوغان بوتين في سوتشي، وتوصلا إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإنشاء منطقة منزوعة السلاح في إدلب بين قوات النظام وفصائل المعارضة المعتدلة.

ووفقاً لاتفاق سوتشي، سحبت المعارضة أسلحتها الثقيلة من المناطق المحددة في الاتفاق، وساد الهدوء النسبي في المحافظة وبدأ المهجرون العودة إلى ديارهم، إلا أن قوات النظام السوري والمليشيات المدعومة إيرانياً قامت بعد فترة وجيزة بالاعتداء على المدنيين القاطنين قرب خطوط الجبهة.

والتقى وزير الدفاع التركي خلوصي أقار نظيره الروسي سيرغي شويغو، الإثنين، في العاصمة أنقرة، وتناولا في الاجتماع سبل التعاون بين بلديهما فيما يخص مناطق خفض التصعيد في إدلب.

وجاء في بيان مشترك لهما أن الجانبين اتفقا على مواصلة التعاون بين الاستخبارات والقوات المسلحة للدولتين من أجل تحقيق سلام واستقرار مستدام في إدلب، مؤكدَين في الوقت نفسه أهمية اتخاذ تدابير حازمة لتوفير الأمن في المنطقة منزوعة السلاح.

بين السطور: في الوقت الذي تُعقد فيه قمة سوتشي بين أردوغان وروحاني وبوتين، اجتمع رئيس الوزراء الإسرائيلي بوزراء خارجية عرب في مؤتمر عُقد في العاصمة البولندية وارسو، تحت عنوان "السلام والأمن في الشرق الأوسط".

وكانت الولايات المتحدة دعت لعقد هذا المؤتمر، لمناقشة "المخاطر التي تمثّلها إيران على دول المنطقة"، ويحضره وزراء خارجية دول عربية وأوروبية بينما تغيب عنه تركيا.

وقال نتانياهو، في كلمة ألقاها بعد العشاء الافتتاحي، مساء الأربعاء، إن هذا المؤتمر يشكّل "منعطفاً تاريخياً"، مضيفاً "في القاعة جلس حوالى ستين وزيراً للخارجية يمثلون عشرات الحكومات ورئيس وزراء إسرائيلي ووزراء خارجية دول عربية كبرى، وتحدثوا بقوة ووضوح ووحدة غير عادية ضد التهديد المشترك الذي يشكله النظام الإيراني".

TRT عربي
الأكثر تداولاً