رجال الأمن في مواجهة عناصر حركة  السترات الصفراء خلال التظاهرات الأسبوعية  (AFP)
تابعنا

قال رئيس الوزراء الفرنسي إدوارد فيليب، الثلاثاء، إن حكومته تدرس خطة لمعاقبة "المشاركين في مظاهرات غير مصرَّح بها"، وذلك بعد مرور سبعة أسابيع منذ انطلاق الاحتجاجات المناهضة لسياسات الحكومة في البلاد.

وتريد الحكومة الفرنسية اقتراح مسوَّدة تشريع "يحظر مثيري الشغب من التظاهر، وشن حملة ضدّ الذين يرتدون أقنعة في أثناء التظاهر"، حسب فيليب.

وقال رئيس الوزراء الفرنسي إن السلطات ستنشر 80 ألفاً من قوات الأمن تحسباً للموجة القادمة من الاحتجاجات.

ما المهم: يُعتبر التصعيد الحكومي خطوة جديدة ونقطة تحوُّل جاءت بعد مجموعة التنازلات التي أعلن عنها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لصالح مطالب المتظاهرين.

وشكَّلَت أعمال العنف الأخيرة التي وقعت السبت الماضي منعرجاً جديداً قد يؤزّم الأوضاع أكثر بين الحكومة والمحتجين، إذ شهدت عدة مدن فرنسية أعمال عنف نفّذها محتجون، اعتدوا على صحفيين ورجال أمن ومحلات تجارية، إلى جانب اقتحامهم باحة مجلس الوزراء في العاصمة باريس.

وبينما يستمر زخْم التظاهرات، وتزداد قدرة حركة السترات الصفراء على الحشد الأسبوعي والتصعيد الدائم، تحاول الحكومة السيطرة على المشهد وإعادة حالة الاستقرار بشتى الطرق.

المشهد: تظاهر عشرات الآلاف من منتسبي حركة السترات الصفراء السبت الماضي، في فرنسا في تحركهم الثامن الذي تخللته مواجهات مع قوات الأمن، فيما اقتحم عشرات من المتظاهرين باحة مقر رئاسة الوزراء، ومكتب المتحدث باسم الحكومة بنيامين جريفو، الذي أخلته قوات الأمن.

وشارك في التحرك الثامن50 ألف شخص مقارنة بـ32 ألفاً الأسبوع السابق، وفق وزير الداخلية كريستوف كاستانير، وكان عدد المتظاهرين بلغ 65 ألفاً في نهاية الأسبوع الذي سبق عيد الميلاد.

وشهدت مدينتا بوردو وتولوز جنوب غربيّ فرنسا تعبئة أكثر من السبت الماضي، إذ تظاهر نحو 4600 من منتسبي حركة السترات الصفراء في بوردو، وعلى غرار باريس كانت الصدامات مع قوات الأمن حاضرة بقوة.

وكانت احتجاجات السبت الماضي هي الأعنف منذ بداية التحركات، ففي باريس حُطّم مدخل مقر المتحدث باسم الحكومة، وفي مدينة ديجون وسط شرقيّ البلاد تضررت ثكنة تابعة للدرك، أما في رين غربي فرنسا فقد حطم المحتجون باباً زجاجياً عند مدخل مبنى البلدية.

بعد ذلك بيوم تظاهرت مئات النساء من حركة السترات الصفراء، في باريس ومدن أخرى، ورسمن ألوان العلم الفرنسي على وجوههن، وطالبت المحتجات برحيل الرئيس إيمانويل ماكرون.

وتوقف المحتجون عند مباني وسائل الإعلام الرسمية الفرنسية لفترة وجيزة في أثناء تَحرُّك السبت، وأطلقوا هتافات معادية لها، وتوقف المحتجون أمام مقر وكالة الصحافة الفرنسية واتهموا خلالها وسائل الاعلام بـ"الانحياز" للحكومة.

وأعلنت عدة وسائل إعلام فرنسية، على رأسها قناة BFM المحلية، عن وقف تغطية التحركات احتجاجاً على اعتداءات المتظاهرين على صحفييها.

ردود الأفعال:على أثر أعمال العنف، قال الرئيس إيمانويل ماكرون في تغريدة على حسابه في تويتر "مجدداً، يهاجم عنف كبير الجمهورية وحراسها وممثليها ورموزها. على كل شخص أن يراجع حساباته ويعطي الأولوية للنقاش والحوار".

في الوقت نفسه حاول وزير الداخلية كريستوف كاستانير التقليل من أهمية عدد المحتجين، معتبراً أن "هذه الحركة لا تمثل فرنسا".

وندّد كاستانير بالمواجهات التي دارت رحاها السبت، مع إقراره بأن غالبية التظاهرات "جرت بشكل جيد"، لكنه أدان خصوصاً مهاجمة مقارّ البلديات والمؤسسات ومراكز الدرك، إضافة الى "صحفيين وصحف".

من جانبها، جدَّدَت النقابة الأبرز للشرطة مطالبتها بإعداد ملفّ بـ"المتظاهرين الذين ارتكبوا أعمال عنف"، وقال الأمين العامّ للنقابة فريديريك لاغاش "إننا نسمع تصريحات تطالب بحزم أكبر. إننا نطالب منذ أكثر من عامين باتخاذ إجراءات أكثر حزماً حيال من يعتدي على رجال الأمن".

وقال وزير الدولة للشؤون الداخلية لوران نونيز "نبحث حالياً عن وسائل تسمح باحتواء التظاهرات"، مشيراً إلى احتمال إعداد الملف المذكور و"تشديد القانون الجنائي".

أما حركة السترات الصفراء فقد حاولت الدفاع عن حراكها، إذ قالت إحدى ناشطات الحركة، تدعى جاكلين مورو، لوكالة الصحافة الفرنسية، إنه "كان علينا أن نشهد تظاهرة سلمية في باريس، لكن الأكثر تطرفاً تَدخَّلوا مرة أخرى للإضرار بهذه التعبئة المشروعة".

في المقابل أعلنت الحكومة الإيطالية دعمها حركة السترات الصفراء، في حين دعا أحد الوزراء الرئيسيين فيها المتظاهرين إلى عدم التراجع.

وكتب نائب رئيس الوزراء لويجي دي مايو زعيم حركة النجوم الخمس على مدونة الحزب "السترات الصفراء، لا تتراجعوا".

ما التالي: قال الكاتب والباحث في الشؤون الأوروبية والدولية، حسام شاكر، إن حركة السترات الصفراء تواجه خطاباً حكومياً فرنسياً شديد اللهجة، مشيراً إلى أن القيادة الفرنسية تتوعد الحركات، وقد تذهب لسن قوانين رادعة لها.

وأكد شاكر لـTRTعربي، أن "الحكومة تحاول استخدام آليات جديدة في التعامل مع المتظاهرين"، عبر فرض الترخيص على التظاهرات من أجل التحكم فيها.

هناك منهجية حكومية لإبراز عنف التحركات في وسائل الإعلام، من أجل عزلها عن الناس، بسبب المخاوف الحكومية من ديمومة التظاهرات وتحولها إلى حالة سياسية

حسام شاكر - كاتب وباحث في الشؤون الأوروبية والدولية

ولفت إلى وجود منهجية حكومية لإبراز عنف التحركات في وسائل الإعلام، من أجل عزلها عن الناس، مشدداً على المخاوف الحكومية من ديمومة التظاهرات وتحولها إلى حالة سياسية، ومعتبراً أن السلطات الفرنسية تحاول ضبط مسار الأحداث.

وقال شاكر إن "الحكومة الفرنسية لديها خبرات سابقة في ضبط أمور الاحتجاجات، بخاصة عبر حالة الطوارئ".

وأكد على أن الخيار القوي أمامها هو تقييد الحراك قانونياً وأمنياً، كما رجح استمرار الاحتجاجات، إلا أنه اعتبر أن ذلك رهين بقدرتها على تجاوز تُهَم العنف، والاستمرار في وضوح مطالبها التي كسبت بها شعبيتها.

TRT عربي
الأكثر تداولاً