من مظاهرات العاصمة الخرطوم، 28 ديسمبر/كانون الأول (Reuters)
تابعنا

ما المهم: دعت قوى معارضة ونشطاء سودانيون إلى استمرار النزول في المظاهرات يوم الجمعة، تحت مسمى "جمعة الوفاء للشهداء"، بعد مرور أكثر من أسبوع على بداية الاحتجاجات. واستبقت الحكومة هذه الدعوة، بسلسلة من الاعتقالات طالت عدداً من المعارضين والقياديين في تحالفي "نداء السودان" و"الإجماع الوطني".

يأتي ذلك بعد زيارة قصيرة للبلاد قام بها كل من وزير الخارجية المصري سامح شكري، ورئيس جهاز المخابرات العامة المصري عباس كامل. وقابل المسؤولان نظيريهما السودانيين، وقابل شكري الرئيس السوداني عمر البشير، وصرّح بعد اللقاء قائلاً إن "أمن واستقرار السودان من أمن مصر واستقرارها".

المشهد: أقرّت الحكومة السودانية بأن عدد القتلى الذين سقطوا خلال احتجاجات الأسبوع الماضي بلغ 19 شخصاً، بينهم اثنان من قوات الأمن. وقال وزير الإعلام والاتصالات بشارة جمعة أرو خلال مؤتمر صحفي إن "عدد الجرحى من المواطنين بلغ 219، ومن أفراد القوات النظامية 187".

وأكد أرو أن قوى الأمن أوقفت 107 من عناصر ما أسماه "منظمات وحركات مسلحة". من جهتها أفادت منظّمة العفو الدولية أن حصيلة القتلى بلغت 37 قتيلاً، بحسب "تقارير موثوق بها".

وعشية احتجاجات "جمعة الوفاء للشهداء"، اعتقلت السلطات الأمنية السودانية، الخميس، قادة من تحالفين للمعارضة؛ نداء السودان، وقوى الإجماع الوطني. فيما أقرّ اجتماعٌ ضمّ تحالف قوى الإجماع الوطني، وتحالف نداء السودان، وتيار الانتفاضة، وتجمع المهنيين السودانيين، والحزب الجمهوري، وتيار الوسط للتغيير، والتجمع الاتحادي المعارض، تكوين لجنة تنسيقية لدعم حركة الاحتجاجات.

في غضون ذلك، أكد شكري الخميس، بعد لقائه الرئيس البشير على دعم بلاده للحكومة السودانية، وقال إن بلاده "تثق في أن السودان سيتجاوز الظروف الحالية"، وأضاف أن مصر "دائماً على استعداد لتقديم الدعم والمساندة للسودان وفق رؤية الحكومة السودانية وسياساتها".

وكان شكري عقد بمعية رئيس المخابرات العامة عباس كامل مباحثات مع عدد من المسؤولين السودانيين. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية أحمد حافظ إن المسؤولَين المصريين سيشاركان "في الاجتماع الرباعي الثاني على مستوى وزيري الخارجية ورئيسي جهازي المخابرات بمصر والسودان".

من جهة أخرى، أدّت التطورات في البلاد إلى استقالة عبد الرؤوف غرناس، رئيس دائرة الصحة في الولاية الشمالية للسودان. استقالة هي الأولى في صفوف كبار المسؤولين منذ بداية الاحتجاجات، خصوصاً أنه ينتمي إلى حزب مشارك في الائتلاف الحكومي.

على صعيد آخر، تستمرّ شبكة الصحافيين السودانيين في إضرابها، وقالت الشبكة في بيان لها "نعلن عن إضراب احتجاجاً على عنف السلطات ضد المتظاهرين اعتباراً من صباح الخميس 27 ديسمبر/كانون الأول ولمدة ثلاثة أيام".

الخلفية والدوافع: تستمر مدن وولايات سودانية في الخروج في مظاهرات منذ 19 ديسمبر/كانون الأول الجاري، لتحتجّ على سوء الأوضاع المعيشية والاقتصادية. تحركات تعتبر الأكبر حجماً منذ تولي عمر البشير الحكم عام 1989.

ويشهد السودان صعوبات مالية واقتصادية، إذ بلغت نسبة التضخم نحو 70٪ وتراجع سعر الجنيه السوداني مقابل الدولار الأميركي وبقية العملات الأجنبية، فيما يعاني 46٪ من السودانيين من الفقر، وفق تقارير أممية.

من جهته تعّهد البشير بالقيام بإصلاحات اقتصادية "حقيقة"، ردّاً على المظاهرات، غير أنّه نعت في الآن ذاته المتظاهرين بـ"العملاء والخونة والمرتزقة والمخرّبين".

غير أن تجمّع المهنيين السودانيين دعا إلى المضي قدماً في المظاهرات، وقال في بيان له "بعد النجاح الذي تحقق... ندعو المواطنين إلى مواصلة التظاهر، كما أن قطاعات المهنيين المنخرطة في التجمع ستواصل الإضرابات بدءا من إضراب شبكة الصحافيين صباح الخميس". ودعا الحزب الشيوعي السوداني في بيان له "المواطنين السودانيين لمواصلة التظاهر في انتفاضتهم الجارية الآن حتى إسقاط النظام".

من المرجح أن يكون الطرف المصري حمل رسالة للسودان، مفادها توضيح تحالفاته الإقليمية

حسن سلمان لـTRT عربي

ما التالي: عن مظاهرات الجمعة ومستقبل حركة الاحتجاج، يقول الباحث السوداني حسن سلمان إنه "من المتوقع أن يزداد زخم التحرّكات اليوم وخلال الأيام القادمة، وذلك يرجع إلى ثلاثة أسباب رئيسية، يتعلّق الأوّل بارتفاع عدد النداءات بالنزول إلى الشارع وتبني عدد منها من قبل قوى سياسية وتحالفات أحزاب".

ويضيف سلمان في تصريح لـ TRT عربي أن "السبب الثاني يكمن في الاستفزاز الكبير الذي تسبّبت فيه الحكومة بتعاملها الأمني الصرف مع المظاهرات، والسبب الثالث هو أن دافع المظاهرات الذي هو دافع اقتصادي ومعيشي بالأساس ولا يمكن للحكومة أن تحقق فيه أي تقدم سريع، ذلك أنها تحتاج 4 أشهر على الأقل كي يستقر الأمن الغذائي فقط".

بين السطور: بخصوص الدعم المصري بعد زيارة الخميس، يقول الباحث إنه "من المرجح أن يكون الطرف المصري حمل رسالة للسودان، مفادها توضيح تحالفاته الإقليمية". وأضاف "تخشى السعودية وحلفاؤها من موجة احتجاجات عربية جديدة، وتريد من البشير قطع علاقاته مع تركيا وقطر، والتخلّص من الحركة الإسلامية السودانية التي ظلّت قريبة من أوساط الحكم في السودان".

مواجهات بين المتظاهرين وقوى الأمن في ولاية كردفان، 23 ديسمبر/كانون الأول (AP)
TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً